هايد بارك

الصهر أولاً! - نديم محمد الملاح

تم النشر في 15 تشرين الأول 2020 | 00:00

كتب نديم محمد الملاح

مرةً أُخرى يُعطل البلد كرمى عيون الصهر المدلل.

فبعدما حدد موعد للإستشارات النيابية الملزمة بصورة مفاجأة دون تنسيق مسبق مع الكتل النيابية كما جرت العادة، وذلك للضغط على الأفرقاء السياسيين لتسمية رئيس المكلّف،وبعدما تم الإتفاق على الإسم تفاجأ المعنيين أن الصهر قد "حشر في الزاوية" عندها قُرر تأجيل الإستشارات للخميس القادم.

بإختصار هكذا يدار لبنان في أحلك مرحلة يمر بها منذ التأسيس.

منذ ثورة ١٧ تشرين إلى اليوم والحياة السياسية عبارة عن مهاترات ومزايدات من هنا وشعبوية وركوب أمواج من هناك ، وكأن شيئاً لم يكن ... سياسيين غير آبهين لمصير لبنان و اللبنانيين همهم الوحيد المناكفات وتصفية الحسابات الشخصية .

وها قد أقبلنا على الذكرى السنوية الأولى لثورة ١٧ تشرين وبعد مرور عام على استقالة الحريري إفساحاً للمجال أمام الشباب فشلت الثورة في تشكيل نواتها السياسية أو تقديم نموذج بديل لا بل على العكس، رضو بإعطاء الفرصة لحكومة دياب على قاعدة تواجد حكومة أفضل من الفراغ مع العلم المسبق بأنَّ حكومة دياب لن تحظى لا بالميثاقية ولا بغطاء دولي ولا عربي، رغم ذلك قرروا السير بها بذريعة ليكن الحكم بعد الكشف عن البرنامج الحكومي ولتكن المراقبة و المحاسبة بالتزامن مع عمل الحكومة.

أما اليوم فأنفسهم يرفضون طوق النجاة الوحيد المتمثل بالمبادرة الفرنسية، ويفضلون الفراغ على حكومة معروف برنامج عملها مسبقاً كما أن خارطة طريقها حاصلة على غطاء دولي كل هذا الإعتراض بسبب أمراض نفسية مزمنة علماً بأنَّ الوضع الإقتصادي الحالي في تدهور أكثر من أي وقت مضى.

إنَّ كلمة "ما بعد ١٧ تشرين ليست كما قبله"، هي الشرح الأدق لواقع الطبقة السياسية فكل طرف كشّف عن أنيابه و أعلن عن مخططاته و مشاريعه، فمنهم من يريد الفدرالية و منهم من يريد المركزية و البعض الآخر يريد ميثاق جديد، فيما البعض ذهب أبعد من ذلك بمحاولة التساوي بالمقامات.

وبالتالي ربط عودة الحريري بعودته إلى الحكومة متناسياً أن سعد الحريري رئيس حكومة وعندما نقارن مقام رئاسة الحكومة نقارنها مع مقامات الرئاسية المتبقية و من المحال أن تقارن مع رئاسة تكتل أو رئاسة تيار سياسي، أضف إلى ذلك أن الوزير يأتي بتسمية من الرئيس المكلف و ليس العكس.

إنَّ المشكلة الأساس التي دفعت لتأجيل موعد الاستشارات هي إسم سعد الحريري، لأنه يحاول أن يتعامل بمبدأ الواقعية السياسية والسير بين الألغام لتجنيب لبنان حرائق المنطقة وهذا لا يناسب بعض المزايدين كما أن ما يميز الحريري عن غيره انه ككارت "الجوكر" الجميع يتمنون التحالف معه لضمان الميثاقية والحصول على مظلة دولية لما يتمتع الأخير من علاقات عربية و دولية على أعلى مستويات علاقات عهد وصّف نفسه بالأقوى يتمنى ان يصل إلى أنصافها، فبعد العزلة التي استمرت سنين وجدوا في إنفجار بيروت فرصة لكسر الحصار و الإستفادة الإهتمام الدولي للحفاظ على ماء الوجه ومحاولة تطوير العلاقات مع العالم.

ومع هذا التأخير و في حال أصر الحريري على موقفه و شروطه وخصوصاً بعدما فشل مخطط عرقلة تسمية الحريري سيحاول بعض الإنتهازيين الإستفادة من التظاهرات في ذكرى ١٧ تشرين ورفع شعارات رافضة لعودته، لتصوير الحريري أمام المجتمع الدولي بأنه مرفوض من الشارع لفرض معادلة جديدة و الحصول على مكاسب وزارية.

إنَّ تغير وجه لبنان وجوهره قد بدأ، ويمكن لمس ذلك من خلال تغير في الممارسات فبعدما كنا في مرحلة تأسيس لبنان القوي القائم على المؤسسات المتمثل بشعار الشهيد رفيق الحريري "مش مهم مين بروح و مين بيجي، المهم يبقى البلد"..

أصبحنا نعيش في بلد قائم على المحسوبيات والزبائنية بشعار "البلد بروح و بيجي ، المهم نرضي الصهر".