بول شاوول

5 تموز 2019 | 00:00

كتب بول شاوول

الحشد الشعبي يغزو الجيش العراقي

الحشد الشعبي يغزو الجيش العراقي

أصدر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد الهادي أمراً ديوانياً بإعادة هيكلة "الحشد الشعبي ". ومن الطبيعي أن يلقَ في البداية هذا القرار الرسمي ترحيباً من مُجمل الأحزاب والحركات العراقية لا سيما المسلحة. أول الغيث أعلنه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي قرن ترحيبه بفك ارتباطه بـ سرايا السلام (تكوّنت بعد يومٍ واحد من تسليم نوري المالكي داعش مدينة الموصل عام 2014).



أما صيغة الهيكلة هذه، فأمر رئيس الوزراء بأن يصبح الحشد (الذي يضم حركات وتنظيمات عديدة) جزءاً من القوات المسلحة. أي، أن ينخرط في الجيش الوطني. موقف رائع رُبما في ظاهره فقط ورُبما في جديته. فهذا يعني أن يكون الجيش الوطني بما فيه الحشد القوة الوحيدة المسلحة في العراق وتحت إمرة القيادة السيادية. بل إنه يمكن فهم أن السيادة "ستُحقق بعد أن حصل الحشد الشعبي على هوية عراقية بدلاً من الهوية الإيرانية".



وهذا بالذات ما جعل تنظيماتٍ سياسية أخرى منضوية ضمن صفوف الحشد الشعبي تأييد القرار مثل "عصائب أهل الحق"، وكذلك "منظمة بدر" إضافة إلى "إئتلاف النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ... كلهم صفّق لهذا القرار الاستقلالي. والوطني.



لكن الأمر وعلى الرغم من هيكلياته قد يبقَ نظرياً حتى ولو بدا إنه دخل في حيّز التنفيذ العملي. فالحشد بفئاته معظمه إيراني، يحركه سليماني والحرس الثوري والمصالح الفارسية. ونرى أنه من الصعب الإطمئنان إلى إلتزامه التام.



إلى ذلك فنجاح هذه التجربة الجريئة، تطرح أسئلة عديدة منها أن تعمد الفصائل الأخرى غير المرتبطة بالحشد إلى الإنخراط أو أن تُشمَل بهذه الدعوة الوزارية.



فالقضية لا تقتصر على من هم داخل العراق بل خارجه أيضاً سواء ممن يحركهم الولي الفقيه أو جهات أخرى مرتزقة كـالمُجاهدين في سورية أو في اليمن أو حتى في ليبيا.



لكن المسألة الأهم قد تُختزل: لماذا وافقت إيران على هذه الخطوة؟ وهل يمكن أن تتخلى عن الحشد بهذه السهولة وتُلغي دوره؟



وماذا لو كانت تناور أو توارب؟ فالمعلوم أن الولاء الأصلي وحتى التفصيلي لقيادات الحشد متصلة بالسلطة الإيرانية، فهي التي تُحرّكها وتحدد مواقعها ومُمارساتها. (وهذا لا ينطبق طبعاً على "سرايا السلام" للزعيم مقتدى الصدر) فهل يكون الحشد طابوراً خامساً في الجيش العراقي ! هل يُصبح هناك جيشان واحد وطنيّ والآخر من خارج الوطن.. جيشان برأسين وربما برؤوس عديدة، بل هل يفترس الحشد الشعبي بُنية الجيش الوطني فينتهي الأمر بخضوع هذا الأخير له؟ بل هل وضع إيران الاقتصادي حملها على اتخاذ هذه الخطوة لهرزها عن تحمل تمويل هذا الحشد لتكون بذلك الحكومة العراقية من مال الشعب العراقي؟



شخصياً أتمنى أن تنجح هذه الخطوة. لكن التمني شيء والواقع شيء آخر. ولهذا فالسؤال: لماذا لم يُحلّ الحشد الشعبي حلاً نهائياً ويدخل منه من يدخل ليس بشكل كتلةٍ واحدة وتامة بل كمجموعاتٍ وأفرادٍ إلى الجيش؟ ولا نظن من خلال تجاربنا في لبنان أن ميليشيا تدخل بإيديولوجيتها وارتباطاتها بالخارج أن تنصهر في جيشٍ يتمتع بتربية أخرى وسلوك آخر وأهدافٍ أخرى.



بل نرى أن تزاوج الميليشيات والجيوش النظامية، ك تزاوج الماء والزيت.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

بول شاوول

5 تموز 2019 00:00