بدا في حكم المؤكد أن الحكومة شارفت على اتخاذ قرارها النهائي المفصلي في موضوع "الاوروبوند" الذي قد يعلن في الايام القريبة وقبل عطلة نهاية الاسبوع وربما عقب جلسة مجلس الوزراء غداً في قصر بعبدا.
واذا كانت الاوساط الحكومية والوزارية المعنية لا تزال تلمح الى أن القرار لم يتخذ بعد، فإن مجمل المعلومات والمعطيات التي توافرت لـ"النهار" عقب الاجتماعات والمشاورات الكثيفة التي طبعت حركة السرايا وبعض مقار المراجع الرسمية أمس، تؤكد أن الخيار النهائي للحكومة سيكون عدم تسديد السندات التي ستستحق في 9 آذار الجاري واجراء مفاوضات مع حملة السندات لاعادة برمجة التسديد وفق آجال جديدة معدلة بما يعني ان لبنان سيدخل واقعياً ورسمياً في مسار اعادة هيكلة دينه بما ينطوي عليه هذا الخيار مالياً ومعنوياً من سلبيات وايجابيات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
كما اتخذت حركة المشاورات الرسمية قبيل التوصل الى القرار النهائي في شأن هذا الملف المالي الحيوي طابعاً سياسياً ومالياً دقيقاً للغاية بما عكس تهيب أركان الدولة والحكومة أي قرار أو خيار قد يتخذ ويرتب تداعيات ليس سهلاً اطلاقاً، عدم التحسب لها بدقة بكل تفاصيلها الاستباقية سواء كان الخيار عدم دفع المليار و200 مليون دولار في موعد الاستحقاق أم اطلاق المفاوضات مع حملة السندات المحليين والخارجيين لاعادة برمجة التسديد.
وبرز في السياق لقاء جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء حسان دياب في عين التينة بعيداً من الاعلام بعد ظهر أمس، سبق حركة اللقاءات الكثيفة التي شهدتها السرايا الحكومية بعد عودة دياب من عين التينة. واجتمع رئيس الوزراء على الاثر مع مجلس جمعية مصارف لبنان ومن ثم مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمستشارين الماليين والقانونيين وتركزت مجمل هذه اللقاءات على موضوع "الاوروبوند".
وعلمت "النهار" ان القرار النهائي سيتخذ خلال عطلة نهاية الاسبوع، وتحديداً في 7 آذار الجاري. وما بات أكيداً هو أن لبنان لن يغطي استحقاق 9 آذار، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى اعتبار الدولة متعثرة صباح الاثنين المقبل. ذلك أن إجتماعات عدة عُقدت في الايام الأخيرة في لبنان والخارج مع المستشارَين المالي "لازار" والقانوني "كليري غوتليب" وممثلين لحمَلة السندات اللبنانية وعلى رأسهم مجموعة "اشمور" لإدارة الاستثمار في الأسواق الناشئة التي تحمل أكثر من 300 مليون دولار من السندات الاجنبية من استحقاق آذار، وقيمته الاجمالية 1.2 مليار دولار، اضافة الى امتلاكها نحو 190 مليون دولار من استحقاق نيسان و180 مليوناً من استحقاق حزيران المقبل. كما شملت الاجتماعات ممثلين لصندوق "فيدلتي" الذي يحمل سندات أجنبية بقيمة 180 مليون دولار من استحقاق 9 آذار ونحو 53 مليون دولار من استحقاقي نيسان وحزيران. وتؤكد المعلومات ان المستشارين المالي والقانوني بدآ فعلاً التحضيرات المالية والقانونية لإدارة عملية إعادة هيكلة الدين توازياً مع المفاوضات التي يقومان بها مع حملة السندات الاجنبية لتأمين "تعثّر" منظم بأقل ضرر ممكن.
وطرحت الجهات المالية على المصارف تقديم اقتراحاتها لكيفية تعاملها مع أي تعثر مالي قد تعلنه الدولة اللبنانية، خصوصاً لجهة التعامل مع استحقاقاتها وكيفية الاستمرار بتأمين السيولة. وطلب من المصارف إتمام عملية شراء سندات أجنبية من الاسواق ما يرفع حصة هذه المصارف من مجمل قيمة استحقاقات "الأوروبوند" الى 75%، ويسهل عملية التفاوض خلال مرحلة التعثر بعدما وصلت حصة المستثمرين الاجانب الى 71% نتيجة عملية البيع التي قامت بها مصارف لبنانية عدة في نهاية العام 2019 لجزء من سنداتها الاجنبية لهذه الصناديق الاستثمارية. واعتبرت المصارف في اجتماعها أمس مع رئيس الوزراء والذي إستمر أكثر من ساعة إن إتمام العملية التي تساهم في رفع حصتها من سندات "الاوروبند" غير ممكن لكون هذه العملية ترتب عليها تبعات قانونية إستناداً الى الاستشارة القانونية التي حصلت عليها الجمعية من مستشاريها القانونيين.
في المقابل، أكدت الجميعة وضع كل إمكاناتها في تصرف الحكومة لمواجهة المرحلة الدقيقة الحالية مع تأكيدها مرة جديدة أن ودائع المودعين مؤمنة ولا خوف عليها، وان الاجراءات الحالية مؤقتة. وأبدت المصارف استعدادها للتعاون مع الحكومة في إعادة هيكلة الدين بعد حسم الموقف الرسمي من الاستحاقات المقبلة، كما أوصت المصارف بضرورة إتمام عملية التفاوض قبل إقرار أي تعثر مالي، على ان تلتزم المصارف أي قرار تتخذه الحكومة في السياق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.