6 آذار 2020 | 08:21

صحافة بيروت

‏"النهار": مَن وراء محاولة "الانقلاب الفاشلة" على المصارف؟

‏
المصدر: النهار

كتبت صحيفة "النهار " تقول : من وقف وراء محاولة الانقلاب الاولى في تاريخ لبنان على ‏المصارف ولماذا فشلت ‏وأحبطت؟ هل كانت "هزة عصا" ثقيلة للمصارف من جهة سياسية - ‏قضائية تجاوزت ‏الخطوط الحمر والسقوف التي لا يزال النظام السياسي والاقتصادي والمالي ‏يعمل تحتها ‏على رغم التداعيات الزلزالية للازمة المالية؟ أم تراها كانت "بروفة انقلابية" غير ‏مسبوقة ‏تركت ايحاءاتها ورسائلها تتردد ساعات قليلة قبل لملمة الردود المتفجرة التي كانت ‏تنذر ‏باقحام البلاد في متاهة بالغة الخطورة؟

الواقع أن القرار الذي اتخذه المدعي العام المالي علي ابرهيم بمنع 20 مصرفاً لبنانياً ‏من ‏التصرف بممتلكاتها وأصولها ومنع رؤساء مجالس إداراتها من التصرف بممتلكاتهم، لم ‏يكن ‏في واقعه العملي والقضائي أقل من "انقلاب غير مسبوق" لم تعرف الجمهورية ‏اللبنانية ‏سابقة له منذ قيامها ولا عرف القطاع المصرفي اجراء يشبهه منذ تأسيس المصرف ‏الاول ‏في لبنان. ‏

ومع انه لا يمكن تجاهل تصاعد السخط والغضب الشعبيين من الاجراءات ‏المتشددة التي تتخذها ‏المصارف منذ نحو خمسة أشهر حيال عمليات سحب الاموال العائدة ‏للمودعين والتحويلات الى ‏الخارج، اضافة الى ما يمكن ان تتحمله من جزء من مسؤولية ‏بلوغ الحائط المسدود في الملفات ‏المالية التي تتحمل تبعتها الاساسية السلطة السياسية، ‏فان ذلك لم يكن ليبرر اطلاقاً المغامرة ‏الشديدة الخطورة التي تمثلت في قرار "الحجر" من ‏جانب القضاء المالي على أصول المصارف ‏كأنه بداية تأميم واقعي للقطاع المصرفي ينذر ‏بانقلاب موصوف على القطاع الاعرق في تدعيم ‏النظام المصرفي والاقتصادي خلال عقود ‏طويلة و"تجهيل" مسؤولية السلطة السياسية عن ‏الانهيار المالي. ولعل العامل الاكثر إثارة ‏للهواجس حيال القرار تمثل في ربطه بالمواقف ‏المتعاقبة الأخيرة لرئيس مجلس النواب ‏نبيه بري من المصارف وحملته الحادة عليها، الامر الذي ‏دفع بري الى نفي أي علاقة له بقرار ‏ابرهيم‎.‎

أما التطور المفاجئ الذي برز في هذا السياق، فتمثل في معلومات توافرت ليلاً بعد الاتجاه ‏الى ‏طي قرار ابرهيم بأن هذا الاجراء جاء بطلب بل باصرار من رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال ‏عون الذي أراد توجيه رسالة صارمة وقاسية الى المصارف وأن الرئيس بري كان قد ‏وضع في ‏جو هذا الاجراء‎.‎

لكن توقيت القرار عشية اتخاذ الحكومة القرار الحاسم في شأن سداد استحقاق ‏‏"اليوروبوندز" لم ‏يترك أدنى شك في أن الصراع بين بعض السلطة السياسية والقطاع ‏المصرفي قد بلغ مستويات ‏متقدمة وخطيرة جاء القرار ليكشف جانباً أساسياً منها مهدداً ‏بتداعيات بالغة الخطورة لو لم يجر ‏تدارك الامر ليل أمس من خلال الاتصالات والمشاورات ‏السريعة التي فعلت فعلها بسرعة ‏بـ"تجميد" قرار المدعي العام المالي تمهيداً لالغائه في ‏مقابل صمت جمعية المصارف وصرفها ‏النظر عن اضراب كانت ستعلنه لولا التوصل الى ‏احتواء تداعيات "الانقلاب" المقنع‎.‎

والواقع أن جمعية المصارف اجتمعت إستثنائيّاً مساء لاتخاذ القرارات المناسبة ردّاً على ‏القرار ‏الذي أعلنه المدعي العام المالي، وكانت تبحث في إمكان إتخاذ قرار بإقفال ‏المصارف حتّى تاريخٍ ‏غير محدّد. وبناء على اتصالات بين رئيس جمعية المصارف سليم ‏صفير والمراجع الرسمية، ‏زار وفد من الجمعية المدعي العام التمييزي القاضي غسان ‏عويدات للبحث في قرار القاضي ‏علي ابرهيم والتشاور في موضوع اقفال المصارف.‏

‏ ‏وعلمت "النهار" ان الوفد شرح تداعيات القرار على أكثر من صعيد بدءاً بالعلاقة مع ‏المصارف ‏المراسلة التي ستعمد الى إقفال كل الاعتمادات المفتوحة لتمويل استيراد النفط ‏والدواء والقمح. ‏كما أن القرار يشكل خطراً على السمعة المصرفية بحيث يتوقف التعامل ‏مع المصارف اللبنانية ‏بسبب الظن برؤساء مجالس إداراتها مما يؤثر بشكل غير مباشر على ‏زبائنها. كما ان منع بيع ‏العقارات التي في حوزة المصارف ومنها ما هو استيفاء لدين ‏سيؤدي الى تجفيف السيولة‎.‎

وليلاً اصدر القاضي عويدات قراراً جمد بموجبه قرار المدعي المالي وأبرز ما استند فيه ‏الى ‏معطيات وردته من مصادر موثوقة بأن السلطات المالية الدولية تنوي وباشرت في ‏إيقاف ‏التعامل مع المصارف والهيئات المالية اللبنانية وفرضت ضمانات للعمل معها. ولفت ‏الى ‏أن من شأن الاستمرار في قرار المدعي العام المالي ادخال البلاد في الفوضى‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 آذار 2020 08:21