31 آذار 2020 | 10:02

أخبار لبنان

‏"ملف المغتربين".. جمر ملتهب تحت "رماد الحكومة"‏

‏

يقول مطّلعون على مسبّبات القطوع الذي مرّت به الحكومة أخيراً خصوصاً في ما يتعلّق ‏بموضوع إجلاء اللبنانيين من الخارج، لـ"الجمهورية"، إنه "إذا كانت المقاربة الحكومية لملف ‏كورونا وما تقوم به وزارة الصحة على هذا الصعيد، محل ثناء وتقدير من الاصدقاء والخصوم ‏في آن معاً، الّا أنّ ذلك لم يغفر للحكومة مسلسل السقطات المتتالية التي حققتها منذ نيلها الثقة؛ ‏بدءاً بعجزها على مقاربة الأزمة الاقتصادية وتظهير ولو خطوة ملموسة تعكس إنفاذاً للإجراءات ‏الموعودة، والوفاء بالتزاماتها التي قطعتها منذ تأليفها، وبعدها بالتشكيلات القضائية عبر تجميدها ‏والسكوت على هذا التجميد، ثم في ملف التعيينات المصرفيّة وطبخها بطريقة عشوائيّة وما رافقه ‏من تلويح جدّي من قبل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بالخروج من الحكومة، ومن بعده في ‏ملف الكابيتال كونترول، الذي ظهَّر شراكة بعض الحكومة في نسف مشروع وزير المالية ‏وتحويل مضمونه من خدمة المودعين إلى خدمة المصارف‎".‎

وفوق هذا التراكم، يضيف هؤلاء المطلعون: "جاء ملف المغتربين ليشكّل جمراً ملتهباً بقوة تحت ‏رماد الحكومة، جرّاء ما لاحظته عين التينة من تراخي الحكومة حيال قضية وطنية تتعلق ‏بالمنتشرين في بلاد الاغتراب الاوروبي والافريقي، وساهم في إضرامه ما أعلنه بعض الوزراء ‏بأن لا عودة لهؤلاء المغتربين قبل التأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا‎".‎

وبحسب المطلعين، فإنّ هذا التراخي كان مدوّياً في عين التينة، خصوصاً انّ الرئيس نبيه بري ‏يعتبر أنّ ملف المغتربين بالنسبة إليه "أشبه ما يكون بسلك كهربائي عالي التوتر لا يجوز المس ‏به بإهمال او استلشاء"، ولطالما أكد على لبنان الذي يطير بجناحيه المقيم والمغترب، وانّ ‏المغتربين على اختلاف انتماءاتهم المناطقية والطائفية والمذهبية يشكّلون الاحتياطي الاستراتيجي ‏للبنان وقرشه الابيض ليومه الاسود، وشكّلوا على الدوام عصب الاقتصاد اللبناني وانتعاشه ‏بالتحويلات الهائلة الى ذويهم في لبنان‎.‎

كما يكشف المطلعون أنّ ملف المغتربين احتلّ الجانب الأساس من اللقاء الاخير الذي عقد في ‏عين التينة بين رئيس المجلس ورئيس الحكومة حسان دياب الاربعاء الماضي، وانتظر بري من ‏الحكومة أن تبادر في اليوم التالي الخميس خلال جلسة مجلس الوزراء الى إجراءات ملموسة ‏وسريعة حيال اللبنانيين المنتشرين في الخارج، تمهّد لإعادتهم، إلّا أنّ شيئاً من ذلك لم يحصل، ‏بل إنّ بري فوجىء باشتراطات تصدر من الجانب الحكومي‎.‎

ويلفت المطلعون الى انّ هذا الأمر جاء بمفاعيل سريعة، أدّت الى كسر "شهر العسل" الذي كان ‏قائماً بين عين التينة والسراي الحكومي منذ تأليف الحكومة، ورئيس المجلس أكد طيلة هذه الفترة ‏انه سيشكّل رافعة للحكومة لكي تنجح وتنفذ المطلوب منها على صعيد معالجة الأزمة ‏الاقتصادية، وتحديداً الأزمة المالية. وجرى التعبير عن هذا الكسر في البيان العنيف الذي أصدره ‏بري الجمعة الماضي، ودعا فيه الى عقد جلسة استثنائية من اجل إعادة النظر بقضية المغتربين، ‏واتّهم الحكومة بأنّها شكّلت الشذوذ عن كل دول العالم التي تقوم بالبحث عن مواطنيها لإعادتهم ‏الى بلادهم، الّا انّ رئيس الحكومة سارَع الى الرد خلال جولته في مستشفى رفيق الحريري، ‏مؤكداً انّ الاجراءات المتخذة لا تسمح بإعادة المغتربين الآن، وقال: "لقد أعطينا 4 ايام للبنانيين ‏الراغبين بالعودة قبل إقفال المطار، ولا نستطيع استثناء أحد قبل انتهاء هذه الفترة المحددة للتعبئة ‏العامة‎".‎

وتبعاً لذلك، كما يؤكد المطلعون، سارَع برّي السبت الى إصدار بيان مقتضب يعكس فيه مدى ‏استيائه، ويلوّح فيه بتعليق مشاركة وزيريه غازي وزنة وعباس مرتضى في الحكومة ما لم تقم ‏بإجراءات معينة قبل اليوم. وكان لهذا البيان الوقع الارباكي ضمن المثلّث السياسي المشكّل ‏للحكومة، خصوصاً انّ الجسم ما زال يعاني الارباك جرّاء تلويح فرنجية بالخروج من الحكومة‎.‎

وبحسب معلومات المطّلعين، فإنّ الفترة السابقة لإعلان بري بيانه شهدت حركة اتصالات مكثّفة ‏على مختلف الخطوط ضمن المثلث الحكومي، سواء بين حزب الله والرئيس بري، وبين الحزب ‏والسراي الحكومي، وخصوصاً بعد ورود معلومات موثوقة بأنّ خيار الاستقالة كان جديّاً جداً ‏لدى رئيس المجلس ولا رجعة عنه. ونجحت هذه الاتصالات في تليين موقف بري، بعد ورود ‏مؤشرات استجابة لمطلبه من قبل رئيس الحكومة الذي جرى التعبير عنها في البيان الصادر عن ‏اللجنة الوزارية التي انعقدت السبت في السراي الحكومي، وأكد خلالها دياب على انه "مع عودة ‏آمنة لمَن يرغب من المغتربين بالعودة الى لبنان‎".‎

ومع مرور هذا القطوع، تبقى العين على ما سيقرّره مجلس الوزراء اليوم، وعلى ما تؤكد ‏مصادر وزارية لـ"الجمهورية"، بأنه القرار الصادر عن الحكومة في ما خَص المغتربين وخطة ‏إعادتهم، هو الذي سيحدد مصير الحكومة بين أن تبقى متماسكة أو تسلك المسار الذي يقود الى ‏انهيارها‎.‎


الجمهورية

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

31 آذار 2020 10:02