27 نيسان 2020 | 09:06

أخبار لبنان

خسارة ثانية لـ"التيار"... "الحاكمية" بعد قيادة الجيش

‏ كتب ألان سركيس في "نداء الوطن"‏‎:‎


يخوض "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله" معركة تطيير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ‏لأهداف سياسية لا علاقة لها بمطالب الشعب اللبناني المنتفض‎.‎

لا يمكن الدفاع عن المصارف مجتمعةً نتيجة الذلّ الذي يعاني منه الشعب على أبوابها ‏للإستحصال على رواتبه أو بعض مدخراته، وإذا سلّمنا جدلاً أنها ليست وحدها المسؤولة عن ‏الأزمة إلا انها تتحمل مسؤولية دولة فاشلة هدرت مال اللبنانيين، إضافةً إلى عدم قدرتها على ‏مصارحة الشعب وعلى كشف أين ذهبت الأموال والتستّر على المنظومة السياسية الفاسدة‎.‎

وأمام كل ما يحصل وبغضّ النظر عن ارتكابات المصارف، إلا أنه لا يمكن إهمال المعركة ‏السياسية الثانية التي يخوضها "التيار الوطني الحرّ" والعهد والتي تهدف إلى الإستحواذ على ‏المواقع المسيحية في الدولة. وفي هذا الإطار، فإن محاولة وضع اليد نجحت إلى حدّ كبير في ‏بعض المراكز، فقد استأثر "التيار" بكامل التعيينات الإدارية وأدخل من أدخل إلى ملاك الدولة، ‏وظنّ نفسه أنّه سيطر على قيادة الجيش، ولم يبق أمامه إلا حاكمية مصرف لبنان، لكن المسألة ‏باتت مختلفة‎.‎

صحيح أن "التيار الوطني الحرّ" نجح في تعيين اللواء طوني صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة، ‏وروّج أن قائد الجيش العماد جوزف عون يعمل تحت عباءته، إلا أن الحقيقة كانت مرّة مع ‏الوعي الوطني لدى العماد جوزف عون ورفضه ضرب الثورة، ما أزعج الوزير السابق جبران ‏باسيل، وعندما حاول إزاحة قائد الجيش رفع الأميركيون البطاقة الحمراء في وجهه رافضين أي ‏مسّ بالمؤسسة العسكرية، وبالتالي خرجت قيادة الجيش من تحت سيطرة التيار "البرتقالي" ولم ‏ينجح بوضع اليد على أهم مركز أمني مسيحي، وسط خوف باسيل من تقدّم حظوظ العماد ‏جوزف عون الرئاسيّة والرضى الداخلي والخارجي عنه‎.‎

ويشرح من عايش تفاصيل اللعبة السياسية بعد التسوية الرئاسيّة العام 2016 أن "التيار الوطني ‏الحرّ" وضع نصب عينيه السيطرة على حاكمية مصرف لبنان والإطاحة بسلامة، وباشرت ‏دوائر القصر الجمهوري الإتصال بشخصيات لتولي هذه المهمّة، ويُقال أن من بين تلك ‏الشخصيات كان كارلوس غصن الذي رفض العرض قبل اعتقاله في اليابان، وبعدما لم يتجاوب ‏أحد من رجال الأعمال، عاد "الوطني الحرّ" وأبرم صفقة قضت بالتجديد لسلامة 6 سنوات ‏مقابل الحصول على مكاسب أخرى، في حين أن الوزير السابق منصور بطيش يبقى مرشّح ‏باسيل الدائم لحاكمية مصرف لبنان على رغم إنكار "التيار" لهذا الامر‎.‎

وفي المعلومات أيضاً أن قيادة "التيار" والعهد ومسؤولين تبلّغوا رسالة قويّة من الأميركيين ‏حذّروا فيها من مغبّة اللعب بحاكمية مصرف لبنان وجعلها مؤسسة تخضع لسلطة "حزب الله"، ‏لأن هذا الأمر خطّ أحمر‎.‎

وينبع الموقف الأميركي من خطّ استراتيجي متبع منذ سنوات يتعلّق بتجفيف مصادر تمويل ‏الإرهاب وليس مرتبطاً بدعم أي شخص لأن واشنطن تتعامل مع المؤسسات بغضّ النظر عن ‏الأشخاص، وما ينطبق على الجيش اللبناني ينطبق على مصرف لبنان، وأي اتجاه لإعطاء ‏تسهيلات لـ"حزب الله" والتلاعب بالعقوبات الاميركية سيعرّض كل لبنان لعقوبات، ولا مجال ‏للعب على هذا الموضوع‎.‎

من جهتها، تحاول الحكومة التخفيف من صدمة المعركة المندلعة بينها وبين سلامة على رغم ‏التأكيدات الوزارية أن الحكومة ذاهبة إلى النهاية في معرفة حسابات مصرف لبنان التي تحوّلت ‏إلى معركة سياسية بامتياز‎.‎

إذاً، يبدو أن "التيار الوطني الحرّ" خسر معركة جديدة في معارك وضع اليد على المواقع ‏المارونية المهمّة خصوصاً بعد موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ‏الذي استغرب هجوم الرئيس حسان دياب على سلامة ومصرف لبنان بدل وضع خطة إنقاذية ‏للوضع الإقتصادي ووقف مزاريب الهدر والفساد‎.‎

ونزل موقف الراعي كالصاعقة على من أراد خوض معركة إقالة سلامة خصوصاً أن ‏البطريرك سمّى الأمور بأسمائها، وتحوّلت عظته إلى مضبطة اتهام لحكومة دياب التي تهدر ‏الوقت ولم تقدم على إصلاحات جذرية، وبالتالي فإن الشعبوية حسب بكركي لم تعد تنفع في بلد ‏يعاني أزمة إقتصادية خانقة ويصرّ المسؤولون فيه على تجاهل كل ما يحصل والإستمرار في ‏سياسة الصفقات والمحاصصة‎.‎

وواظب الراعي قبل كلام رئيس الحكومة حسان دياب الجمعة، بعد تسريب معلومات عما يريد ‏قوله وفعله، على معرفة حقيقة الموضوع وجرت إتصالات مع سلامة وعلى أعلى المستويات، ‏وأدرك البطريرك أن هناك انقلاباً على نموذج لبنان ونظامه وتغيير وجهه، لذلك خرج بموقف ‏عنيف مستبقاً ما يحصل ورافضاً أن تجرّ الشعبوية مزيداً من العقوبات على لبنان ومزيداً من ‏الانهيار في الليرة وقدرة المواطنين الشرائية، و"قال ما قاله"، حيث أتى موقفه بعد كلام دياب ‏الذي لم يستند إلى معلومات لإدانة سلامة بل إن كل ما في الأمر تسجيل نقاط من دون تحقيق أو ‏محاكمات، خصوصاً أنه صدر عن رئيس حكومة لا عن أي شخص ليس في سدّة المسؤولية ما ‏يكشف كيف تدار الدولة بطريقة عشوائية تجلب الكوارث على الشعب‎.‎



نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 نيسان 2020 09:06