1 أيار 2020 | 08:07

إقتصاد

‎ 220 ‎ألف لبناني عاطل من العمل في ‏‎3‎‏ أشهر

‎ 220 ‎ألف لبناني عاطل من العمل في ‏‎3‎‏ أشهر

طغت ثلاثية "بطالة، فقر، غلاء" كصيغة بديلة عن معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" التي ‏كانت ترد في أكثر من بيان وزاري. واليوم تسود حالة من الجدل الواسع في لبنان، بشأن ‏الإحتفال بعيد العمال أم بعيد "العاطلين من العمل"، فتداول نشطاء على وسائل التواصل ‏الإجتماعي منشورات نعت العيد التقليدي، عبروا فيها أن "عيد البطالة" هو "عيد الأكثرية" ‏الأقرب إلى الواقع وأنه لم تعد المطالبة بحقوق العامل اللبناني أولوية بقدر ما صار "توفير فرص ‏العمل" مطلباً أساسياً‎.‎

ثمانية وعشرون تدبيراً أصدرها حاكم مصرف لبنان المركزي، عجزت عن لجم تدهور الليرة ‏وتفاقم أزمة البطالة في البلاد إذ فشلت معظم التعاميم في دفع المصارف إلى إقراض المؤسسات ‏بخاصة المتعثرة منها أموالاً بفائدة صفر بالمائة لتمكينها من تسديد الأكلاف التشغيلية ودفع أجور ‏العاملين لديها لمساعدتهم على تخطي الأزمة وضمان استمرار عمل شركاتهم. فتوجهت أغلب ‏المنشآت الإنتاجية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى الإقفال أو الصرف التعسفي، ما ينذر ‏بانفجار اجتماعي وثورة بطالة وجوع قادمة‎!‎

مارلين عطالله

ووفق مدير عام وزارة العمل بالإنابة مارلين عطالله أن طلبات التشاور وإنهاء العقود التي تمّ ‏التقدُّم بها إلى وزارة العمل منذ 17 تشرين الأول من العام 2019 لغاية 30 نيسان 2020 قد ‏بلغت الـ234 طلباً كما خسر 5012 أجيراً مسجلاً في الوزارة عملهم، وهو رقم مرتفع جداً ‏بالمقارنة مع السنوات الماضية، رغم أنه لا يعكس حقيقة الواقع أو الرقم الفعلي الذي يفوق ما يتم ‏التصريح به إلى الوزارة قانوناً‎.‎

وزيرة العمل ‏

من جهتها، شدّدت وزيرة العمل لميا يمّين في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي، على أن "المرحلة ‏الراهنة تتطلب من أصحاب العمل والعمال التكاتف والتعاضد كل من موقعه من أجل الحفاظ على ‏السلم الاجتماعي واجتياز الأزمة الحالية بتعاون للعبور بلبنان الى مرحلة الاستقرار" مؤكدة أن ‏‏"الحكومة بكل مكوناتها تلعب دوراً محورياً في سبيل الحفاظ على ديمومة العمل من جهة ‏والحفاظ على مكتسبات الموظفين والعمال من جهة ثانية وهي ستعمل على تقديم المساعدات وفق ‏الإمكانات المتاحة". كما أملت الوزيرة من المؤسسات الوقوف إلى جانب العاملين فيها لتمكينهم ‏من اجتياز هذه المرحلة، من خلال دفع الرواتب والمعاشات لهؤلاء بغض النظر عن دوام العمل ‏الذي فرضته الإجراءات الوقائية المتخذة لمواجهة فيروس كورونا‎".‎

الناشط وسام الخضري

‎"‎هي نعوة للعمال وليست عيداً" قال الناشط الحقوقي وسام الخضري وأكمل "من المتوقع أن ‏تزيد معدلات الهجرة بشكل هستيري بمجرد الإعلان عن انتهاء فترة التعبئة العامة، فأعداد ‏العاطلين من العمل إلى تزايد بشكل يومي ناهيك عن تعرض موظفي الشركات الخاصة لضغوط ‏معيشية وحياتية صعبة بسبب توقف رواتبهم أو خفضها إلى النصف أو الحسم منها بسبب تراجع ‏سعر الصرف وتراجع ساعات العمل في زمن الكورونا". وأكمل "فقد آلاف المنتمين إلى الطبقة ‏العمالية الموقتة مصادر رزقهم وتراجعت تحويلات المغتربين والمنتشرين التي تساند الأسر، ‏فهناك أربعة ملايين وخمسمائة ألف دولار يومياً يتم تسليمها "باللبناني" على سعر 3200 أي ‏بخسارة مئة وعشرة آلاف ليرة لكل مئة دولار أي هناك من يربح 4 مليارات و950 مليون ليرة ‏من تحويلات المغتربين على حساب الشعب العاطل عن العمل والفقير". وختم "إن فشل ‏السياسات الاقتصادية لحكومة "مواجهة التحديات" أسهم في تعاظم معدلات البطالة ولا شك أن ‏الإعتبارات الحزبية التي تحكم التوجهات الإقتصادية للدولة مست بفعاليتها على الصعيد ‏الإقتصادي لذا وفي هذا اليوم الأسود، لربما علينا أن نوجه سهام لومنا إلى مكمن الفشل وأن ‏نساند كأفراد بعضنا البعض وندعم كل عامل طاردته قرارات هذه الحكومة ووصلت إلى مصدر ‏رزقه‎".‎

إنكماش إقتصادي

في أسوأ تراجع منذ 1975، توقع الإقتصادي جاسم عجاقة انكماش إقتصاد لبنان بنسبة 40% ‏في 2020 بسبب تداعيات تفشي وباء كورونا، وتوقع "ألا يعود الحال إلى مستويات ما قبل ‏الجائحة ما لم تُضخ أموال بشكل من الأشكال في السوق، فقد أضر تعطل التجارة العالمية بسبب ‏الجائحة بسوق العمل في لبنان، بينما أدت إجراءات العزل المحلية لاحتواء الفيروس إلى سحق ‏الإنفاق الإستهلاكي‎".‎

على أثر ذلك، قال عجاقة "إن انفاق المستهلكين، المحرك التقليدي للإقتصاد اللبناني، تراجع ‏بنسبة كبيرة في حين هوت استثمارات الشركات بالتوازي". وأضاف "اعتماداً على قاعدة أن كل ‏شهر اقفال هو انكماش بالناتج المحلي الاجمالي بين الـ1 والنصف والـ3%، من المرجح أن ‏يتراجع إجمالي الناتج المحلي بنحو 12% وهو أمر غير مسبوق في تاريخ لبنان الحديث بخاصة ‏في ظل إغلاق المتاجر والشركات ولزوم المستهلكين منازلهم‎".‎

وعزا عجاقة هذه التوقعات المتشائمة إلى تعاظم معدلات البطالة التي رأى أنها ستصل إلى ‏الـ70% إذ يقبع حالياً عامل لبناني من كل عاملين في بطالة جزئية، في حين سيتراوح العجز في ‏الموازنة بين الـ13 والـ15% إلى جانب أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي ستقفز بنسب كبيرة. ‏وأوضح أنه لا يتوقع أن يتعافى الإقتصاد اللبناني بعد انتهاء الأزمة بسبب استحالة قدرة الدولة ‏على رفع الضرائب في هذه المرحلة وانعدام قدرة المصرف المركزي على ضخ أموال في ‏السوق وبسبب إشكالات بنيوية في إدارة الموازنة لافتاً أنه غير متفائل بحدوث تحول كبير على ‏الأوضاع الإقتصادية‎.‎

أما المشكلة الكبرى فتكمن في صعوبة طرح الحلول، ذلك بالأخص مع تراجع المكانة الإئتمانية ‏للدولة بحكم تخلفها عن دفع استحقاقات اليوروبوندز من جهة وتورط العديد من القيادات السياسية ‏في قضايا فساد من جهة أخرى، ما يمثل مسّاً بالثقة بالساسة اللبنانيين وبالبيئة الاستثمارية في ‏الدولة لأنه يفاقم مستويات الخطر‎.‎

لمحاربة الفساد

كثرت الإحصاءات غير الرسمية حول موضوع البطالة لكن النتيجة كانت موحدة "سلباً". فبحسب ‏آخر تقدير قامت به شركة‎ INFO PRO ‎الإحصائية، فقد 220 ألف لبناني عمله بشكل موقت أو ‏دائم خلال ثلاثة أشهر أما الشركات التي اغلقت فقد زاد عددها بنسبة 20%، بينما خفضت ثلث ‏الشركات اليد العاملة لديها بنسبة 60%، فيما نصف الشركات خفضت رواتب موظفيها لأكثر ‏من 40%. وبحسب البنك الدولي، يطأ حوالى 23.000 شخص سوق العمل اللبنانية كل عام. ‏ولكن لكي يحصل جميعهم على عمل، يجب أن يخلق في لبنان 6 أضعاف فرص العمل المتاحة ‏حالياً. وهذا يعني أنه من أصل 23000 مواطن لبناني يتم توظيف 3833 شخصاً منهم أي ‏حوالى 17٪ فقط، هذا باستثناء ما آلت إليه الأمور حالياً مع ظهور وباء كورونا إذ لا تقديرات ‏لديهم لنسب البطالة المستجدة‎.‎

أما الأرقام الرسمية فتأتي مُتضاربة في ‏ما بينها، فوزارة العمل تقول أن نسبة البطالة اليوم هي ‏‏25%، في حين أن الإحصاء المركزي يتحدث عن 11.8%، والبنك الدولي 6% ‏أما الأرقام ‏التي صرح عنها الإقتصادي جاسم عجاقة لنداء الوطن فتُشير إلى أن البطالة في لبنان بلغت ‏‏50% حتى الآن مما أدى إلى زيادة في نسبة الفقر ‏عن 40% وهو رقم غير نهائي وإلى ارتفاع ‏بشكل يومي بحسبه‎.‎

مشكلة عالمية

يبدو أن "عيد البطالة" سيكون عالمياً هذه السنة، فالمشكلة ليست فقط على الصعيد اللبناني المحلي ‏إذ يشهد العالم برمته معدل بطالة يقترب من المعدلات التي شهدناها خلال الكساد الكبير في ‏الثلاثينات. هذا وقد رجح تقرير الأمم المتحدة لشهر نيسان الحالي، أن يفقد في الربع الثاني من ‏العام الجاري 195 مليون شخص في أرجاء العالم وظائفهم بسبب جائحة الفيروس التاجي كما ‏نبهت منظمة العمل الدولية أن "ملياراً وستمائة مليون عامل غير مسجل مهددون بالبطالة حول ‏العالم" أي ما يقارب الـ75% من العمال الذين يعملون في ما يسمى "الاقتصاد غير الرسمي" قد ‏خسروا وظائفهم بسبب كورونا كما حذرت المنظمة في بيان لها إن "ملايين الشركات في العالم ‏تواجه صعوبة في الصمود حيث أن أغلبها لا تملك أي مدخرات ولا يمكنها الاقتراض‎"‎‏.‏

وأضاء التقرير على أن "أكثر من 436 مليون منشأة في جميع أنحاء العالم، تواجه مخاطر شديدة ‏إذ تعمل هذه المنشآت في القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً ومن بين إجمالي المنشآت المهددة ‏بالمخاطر، 232 منشأة تعمل في تجارة الجملة والتجزئة، و111 مليوناً في التصنيع، و51 مليوناً ‏في خدمات الإقامة والطعام، و42 مليوناً في العقارات والأنشطة الأخرى‎".‎



نداء الوطن - مريم مجدولين لحام

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 أيار 2020 08:07