1 أيار 2020 | 13:40

منوعات

كفاح العمّال الأحرار... أنجب الأوّل من أيّار

كفاح العمّال الأحرار... أنجب الأوّل من أيّار

زياد سامي عيتاني

تعتبر بريطانيا، بصفتها الدولة التي تفجرت على أراضيها الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر، أوّل دولة تشهد محاولات للتنظيم النقابي. وقد ظلّ التنظيم النقابي ممنوعاً في بريطانيا حتى عام 1824، وحتى بعد أن سمح به فإن القانون الإنكليزي لم يعترف رسميّاً بالنقابات حتّى عام 1875.

أمّا المحاولات الأولى لإنشاء أوّل منظّمة نقابيّة في بريطانيا فقد كانت عام 1831 عندما تأسّست "الجمعيّة الوطنيّة لحماية العمّال". وبعد ذلك في عام 1934 تأسّست على يد روبرت أوين "النقابة الموحّدة الوطنيّة العظمى" ومنذ ذلك الحين بدأت تنتشر في أوروبا فكرة إنشاء النقابات للدفاع عن مصالح العمّال ولكنّها جوبهت بقمع الشرطة، ففي فرنسا ظلّ التنظيم النقابي ممنوعاً حتّى 1884.

أمّا في إيطاليا فإنّ الإضراب عن العمل ظلّ ممنوعاً حتّى 1889، وفي ألمانيا سمح فقط للعاملين في مجال الصناعة بالإنتماء النقابي تحت شروط كثيرة ومختلفة وفي الولايات المتّحدة، ورغم السماح للنقابات بالعمل، فقد ظلّ القانون الأميركي لا يتعامل مع النقابات حتّى نهاية القرن التاسع عشر.

وقد دعت الأمميّة الأولى في مؤتمر جنيف عام 1866، العمّال إلى النضال من أجل يوم عمل من 8 ساعات (8 ساعات عمل، 8 راحة ونوم، 8 ثقافة وتعليم) وقد لقيت هذه الدعوة صدى واسعاً لدى عمّال الولايات المتّحدة في الثمانينات وفي عام 1884، دعت منظّمة فرسان العمل الأميركيّة إلى تطبيق يوم العمل من 8 ساعات بدءاً من السبت الأوّل من أيار العام 1886، اليوم الذي عمّت فيه الإضرابات والمظاهرات خصوصاً في المناطق الصناعيّة ممّا أغضب السلطات وأثار قلقها.

وكانت مدينة شيكاغو أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات ضخمة مطالبةً بتحديد يوم عمل من ثماني ساعات. وعلى أثر نجاح الإضراب دعا عمّال شيكاغو إلى تمديد الاضراب يومي 3/5 و 4/5/1886 حيث دعي لاجتماع سلمي في "هاي ماركت" إلّا أنّه تعرّض للقمع من قبل السلطات الأميركيّة التي فتحت النيران على العمّال بحجّة قيام العمّال بإطلاق النار على الشرطة، ممّا أدّى إلى مقتل أكثر من 200 (مائتي) عامل، واعتقلت الشرطة عدداً من القادة النقابيين حكمت على ثمانية منهم بالإعدام وسجنت البقيّة لسنوات تراوحت بين 3 سنوات و 15 سنة.

النقابيون الذين حكم عليهم بالإعدام هم: ألبرت بارسون، أوغست سبايس، سمول فيلدن، مايكل شواب، جورج أنجل، أدولف فيشر، لويس لنج، وأوسكار نيب.

وقد نفذ فيهم حكم الاعدام في 11/11/1887، وكان "أوغست سبايس" قد أطلق قبل إعدامه كلماته المشهورة:

"سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من أصواتنا"

وبالفعل فإنّ أحداث أيار 1886، أصبحت في كل عام بمثابة صرخة مدويّة لعمّال العالم تدعوهم للوحدة من أجل الدفاع عن حقوقهم وانتزاع المكاسب لهم للعيش بكرامة إنسانيّة.

وعلى أثر المجزرة التي حدثت في أيار 1886، فقد دعت الأمميّة الثانية عام 1889 إلى اعتبار الأوّل من أيّار يوماً عالمياً للعمّال، يرمز إلى تحرّكهم ونضالهم من أجل حقّهم في العمل والراحة والثقافة والتعليم، وحدّدت الأمميّة الثانية الأول من أيار في عام 1890 يوماً لبدء الإحتفال بالمناسبة.

ومنذ ذلك الحين، بدأ العمّال في دول أوروبا المختلفة بالإحتفال بالمناسبة، ثمّ انتشرت الإحتفالات إلى مختلف دول العالم ،حتى أصبح الأوّل من أيّار رمزاً لوحدة العمّال، ويوماً يشعرون فيه بانتصاراتهم وقد استطاع العمّال في مختلف دول العالم جعل الأوّل من أيّار عيداً رسمياً مدفوع الأجر، ما عدا الولايات المتّحدة التي تعتبر عيد العمّال أوّل يوم اثنين من أيلول من كل عام، في محاولة لكي تنسي العمّال المجزرة التي ارتكبتها الشرطة بحقّهم قبل أكثر من مئة عام والتي اضطرّت في عام 1893 إلى إعادة النظر بها، وإعادة محاكمة القادة النقابيين والإفراج عمّا تبقّى منهم على قيد الحياة.

يحتفل العالم أجمع هذا العام بالذكرى السنوية لبدء احتفالات الأوّل من أيّار، عيد العمّال العالمي بإقامة المهرجانات والمسيرات والاحتفالات المختلفة، بينما يواجه عمّالنا العرب ظروفاً اقتصاديّة صعبة تمنعهم من الحياة بشرف ومن تأمين مستلزمات العيش لأسرهم، بينما تتكدّس مليارات الدولارات العربيّة في البنوك الأمريكيّة طمعاً في استثمارات ضئيلة، في حين يجب أن يكون الإستثمار الحقيقي بإيجاد المشاريع الاقتصاديّة وتشغيل الملايين من العاطلين عن العمل والنهوض بأوضاع الشعوب، ورفع مستواها الاقتصادي والثقافي والتعليمي.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 أيار 2020 13:40