8 أيار 2020 | 18:09

ثقافة

تراث رمضان:"القطايف" تتصدر لائحة الحلويات

تراث رمضان:

زياد سامي عيتاني*


قطائف قد حشيت باللوز

والسكر الماذي حشو الموز

تسبح في آذيّ دهن الجوز

سررت لما وقعت في حوزي

سرور عباس بقرب فوز



قد لا يكتمل شهر رمضان عند الصائمين من دون حلوياته الشرقية بأنواعها الكثيرة التي تُضفي على هذا الشهر نكهة خاصة لا تتوافر في باقي الشهور.

وهذا ما يفسر تعلق الصائمين بـ"القطايف"، التي تتنافس محلات الحلويات في بيروت على جودة صناعتها، لتكون منافسة قوية لباقي الحلويات الرمضانية التي تشتهر بها بيروت، لا سيما وأن "القطايف" تقف وقفة ندية في منافسة الكنافة من خلال تذّوق الصائمين حلوها.


حتى أن الشعراء والأدباء تنافسوا في ما بينهم على التمييز بينهما، إذ قال أحدهم:

دعاني صديق لأكل القطايف

فأمعنت فيها غير خائف

فقال وقد أوجعت بالأكل قلبه

رويدك مهلاً فهي إحدى المتالف

فقلت له ما إن سمعنا بميت

ينادى عليه يا قتيل القطايف!



**

•خلاف على نشأتها :

والقطايف عرفت أواخر العصر الأموي واشتهرت وانتشرت في العصر العباسي، وأول من أكل "القطايف" في رمضان كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك السنة 98 هـ. وهنالك من يعيد القطايف إلى العصر الفاطمي، إذ كانت تجرى منافسات بين صانعي الحلويات لتقديم ما هو أطيب للحاكم. فآبتكر خباز فطيرة صغيرة وبداخلها مكسرات وقدمها في شكل جميل في صحن كبير. وقدمت لضيوف الحاكم ليقطفوها، ومن هنا جاء إسمها "فطيرة القطف"، ثم تحول الإسم عن طريق دخول العامية فتحولت إلى قطايف. وبعد دخولها إلى بلاد الشام صارت تُصنع بالقشطة.



وهناك رواية أخرى تعيد أصلها إلى الأندلس حيث عرفها العرب هناك خاصة في مدن غرناطة وأشبيلية، ثم إنتقلت إلى بلاد الشرق العربي خلال الحكم الإسلامي.

**



•التسمية:

وجاء في "لسان العرب" عن القطايف: طعام يسوى من الدقيق المرق بالماء وشُبهت بـ"القطيفة" التي تفترش.

في حين أن البعض يعتبر أن تسميتها "قطايف"إشتقاقاً من كلمة “اقتطاف” .

و"القطايف" أشار إليها الطبيب داوود الأنطاكي بقوله: "... والقطايف خبز يعجن قريباً من الميوعة ويحمر جيداً ويسكب على فولاذ أو طابق. وأجوده المخمور النقي البياض الذي بدنه كالإسفنج ثم يفرك بدهن اللوز".

**



•التفنن في صناعتها:

وتفيد الدراسات أن العرب كانوا يتفنّنون في صناعتها بإعداد فرن صغير مرتفع عن الأرض حوالي 40 سنتم خصيصاً لعمل القطايف، وتوضع عليه صينية من حجر الزهر، كما تُستخدم أيضاً حلة ومصفاة للعجين وكبشة وقوطع لرفع أقراص "القطايف" بعد تسويتها، بالإضافة إلى قمع صغير يوضع فيه العجين السائل.

وبعدما تستوي الأقراص وتبرد تبدأ عملية حشوها إما بالجوز أو الجبن أو القشطة، ومن ثم ثنيها بحيث تأخذ شكل الهلال النصف دائري للدلالة من خلال شكلها الى إرتباطها بشهر رمضان. ثم تُقلى في الزيت أو تُخبز في الفرن، وبعد إستوائها وأخذها اللون الذهبي تُغمس بالقطر ثم تُرفع وتُزين بالفستق المبروش وزهر الليمون.

**



ففى كل ليالى شهر رمضان يصطف الناس حول بائع القطائف يشاهدونه وهو يملأ علبته الصفيحة التى يفرغ منها عجينة القطايف على الصاج الذى يعتلى النيران، فتنضج أمامهم القطائف ويتهافت عليها الأطفال، فلا ينتظرون حشوها وطهيها لكنهم يتقاطفونها وهى "سخنة" بعد خروجها من تحت يدى صانع القطايف فيكون لها مذاق مختلف ومميز...

ونختم بقول أبو هلال العسكري عن القطايف:

كثيفةُ الحشوِّ ولكنَّها

رَقِيقةُ الجِلدِ هَوَائيّـه

رُشّت بِمَاءِ الوَرْدِ أعْطَافُها

مَنشورةُ الطيِّ ومَطوِيّه

كأنّها مِنْ طِيبِ أنفاسِها

قد سُرِقَت من نشرِ «ماويّه»

جَاءَت منِ السُكَّرِ فُضيّةً

وهي من الأدْهانِ تِبريَّه

**



-يتبع: الحلويات المنزلية.

*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 أيار 2020 18:09