يشغل "التيار الوطني الحر" هذه الأيام كل "دفاعاته" الاستعراضية والإعلامية والسياسية، لينتشل وزراءه من وحول الفساد الوزاري والإداري و الصفقات المشبوهة التي علقوا بها، وتلميع الصورة "الملائكية" التي اصطنعوها لإنفسهم على قاعدة "شيطنة" الآخرين، خصوصاً بعد أن كرت سبحة الفضائح المالية، وآخرها "ام الفضائح" ملف الفيول المغشوش الذي تعاقب على "تمريره" وزراء التيار على مدى ١٥ عاماً.
فقد نشر" التيار الوطني الحر" ما سماه "سرداً تاريخياً" لمسار عقود استيراد الفيول، زعم فيه أنه تم توقيع عقود استيراد الفيول أويل والغاز أويل من الكويت والجزائر في تشرين الثاني 2005، في محاولة مكشوفة لإبعاد الشبهات عنه، "في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وكان محمد فنيش وزيرا للطاقة حينها، وكان يتم تجديد العقود كل 3 سنوات من قبل مجلس الوزراء"، مدعياً أنه "منذ تعاقب ممثليه على الوزارة لفتوا النظر الى الشروط غير الملائمة، وفي كل مرة كان يتم تجديد العقود"، ليتنصلوا من المسؤولية عبر رميها على مجلس الوزراء ووزير المال وتجاهل أنه في عام 2011 كان التيار يمثل "الثلث المعطل "في كل الحكومات مع حلفائه.
وبعد كل هذه السنوات ظهرت فضيحة الفيول المغشوش إلى العلن في 30 آذار الماضي، عندما اعلمت وزارة الطاقة شركة "سوناطراك بيتروليوم كوربورايشن" بوجود "عيب في النوعية" في احدى الحمولات التي تحتوي على 38 ألف طن من الفيول مسلّمة الى "مؤسسة كهرباء لبنان" في تاريخ 25 آذار، فيما أكدت معلومات جزائرية بأن "الفيول الجزائري ليست فيه شوائب وهو مطابق للمواصفات والمعايير الأوروبية"، وتاليا فإن "عملية التلاعب في نوعية الفيول واستبداله بنوعية مغشوشة وأقل جودة، تمت في مرحلة نقل الشحنة في عرض البحر عبر الوكيل اللبناني".
وتبين انه "في العام 2005 دخلت شركة BBA على خط استيراد الفيول اويل عبر شركة "سوناطراك"، ما يؤكد أكثر أن "لبنان لا يستورد مباشرة من الجزائر هو نوعية الفيول"، وأن أبرز مثال على هذه المادّة المغشوشة هو المشكلة التي حصلت مع الشركة التركية كرادينيز في العام 2013، في حينها وعلى اثر استعمال المواد غير الصالحة توقّفت 9 محرّكات من 13 عن العمل، وأظهرت التحقيقات التي اجريت وقتذاك من قبل الشركة أن الفيول الذي استعمل هو غير مطابق للمواصفات وهو بشكل أو بآخر يؤثر على إنتاج الكهرباء".
والمفارقة انه بعد ان اصبح ملف الفيول المغشوش بيد القاضية غادة عون، وهي المعروفة بأنها من فريق القصر الجمهوري، حاولت الهروب إلى الأمام من الجرائم المثبتة بحق التيار وزرائه، إلا ان التحقيقات "اغرقتهم" أكثر فأكثر، بعد ان انكشفت كذبة استيراده من دولة الى دولة لصالح وسيطين كبيرين هما شركة BBA وشركة ZR Energie، الأمر الذي اربك حكومة العهد، وجعلها طرفاً امام استمرار هذا العقد او اعادة النظر بالعقد الموقّع مع "سوناطراك" الجزائريّة خصوصا وان هذا الملفّ كبّد الدولة اللبنانية خسائر بالمليارات وتلجأ بعدها الى تلزيم الفيول عبر مناقصات وليس عبر العقود بالتراضي.
وكشفت مصادر متابعة لـ"مستقبل ويب" القصة الكاملة لهذه الفضيحة، وأشارت إلى أنه "من المتعارف عليه أنه تستعمل مادة الغاز أويل في معملي دير عمار والزهراني، والمادة غالية ويستلزم شراءها من المصافي، والكويت لا تبيع الفيول أويل، وهنا بدأ الوزير فنيش مباحثات مع الفريق الجزائري. وبنفس شروط العقد الكويتي و طبقوها في العقد الجزائري، وتم شراء الفيول أويل من الجزائر، التي تشترى من الاسواق العالمية و ليس من المصافي، و عادة ما تكون نوعيتها وسعرها اقل جودة من الغاز أويل، و بالتالي بات هناك عقدان إلى أن تم الشراء من سوناطراك الغاز أويل للمعامل والفيول أويل".
ولفتت إلى ان "التفاوض كان يتم كل ٣ سنوات في العقد الكويتي على الجعالة المرتبطة بالتأمين والشحن، وسعرها عرضة للصعود و للهبوط ، وفي العقد الجزائري يتم التفاوض مرة في السنة، اما في العقد الكويتي يتم مرتين قبل نصف السنة و قبل آخرها ".
وأكدت انه على "الرغم من مطالبة الوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة بمناقصات جديدة، إلا انه لم تكن هناك مفاوضات جدية في هذا الملف، وخصوصاً لجهة تحديد مواصفات الفيول أويل ونوعيته، وتخفيض السعر أو الحصول على سعر أوفر، وكان يتجدد بحجة تأمين الطاقة، ليكون السعر أقل" .
وشددت على أنه "لم يكن هناك ما يعفي وزارة الطاقة من أن تتدخل وتحضر دفاتر شروط وتطرح المناقصة عالميا، ولكن في العقدين لم يكن هناك تدقيق في عملية التحميل والتفريغ ، وان كان هناك تطابق في المادة"، كاشفة انه "من هنا كانت عملية الغش تحصل منذ سنوات من خلال غياب التدقيق ، وانفضحت في المعامل الجديدة التي لها خصوصيات معينة من حيث النوعية والكمية، كما أن هناك تسهيلات مالية بفتح الاعتمادات التي كانت تواجه الملف قبل الـ ٢٠٠٥ اذ كان فتح الاعتمادات يتأخر و يتم دفع غرامات عليه".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.