27 أيار 2020 | 13:34

أخبار لبنان

"الكمساري"..


المصدر : وليد الحسيني

ليت حسان دياب لم يتكلم... وليتنا لم نسمع. فكما أعذب الشعر أكذبه، يكون أعظم الإنجازات أكذبها أيضاً.

وتحاشياً للأكاذيب التي تسبق سرعة الصوت، لم يقل دولته كيف ينجّي الجائع من الجوع؟... ولا كيف ينقذ الشركات والمطاعم والفنادق والمصانع المُفلسة من الإفلاس؟... ولا كيف يساعد الآباء، بمداخيلهم المتآكلة أو الغائبة، على عدم تحويل أولادهم من "أولاد مدارس" إلى "أولاد شوارع".

تقول الأمثال: إذا لم تستح فقل ما شئت.

وقد قال ما شاء.

تحدث عن إنجازات تكفي ليضحك ووزراؤه على ذقون الشعب بأكمله.

قال أنه أصلح "السكة". وأن "قطار التعافي" بدأ رحلة الإنطلاق.

لكن قطار علاء الدين السحري لم ولن يغادر المحطة... فلا المارد سيظهر ولا الركاب سيصعدون.

لا أحد يثق بالسائق. ولا بصلاحية "السكة". ولا بسلامة العجلات.

صندوق النقد الدولي، وهو ضيف الشرف في "رحلة التعافي"، يخلط في مفاوضاته التقني بالسياسي، وبشكل يستحيل الفصل بينهما.

هو يشترط إختيار رفاق الطريق. فكما لا يقبل أن يشاركه في سفر الإنقاذ شافطو الدعم والقروض ومهربو المعابر، لا يقبل أن يشاركه في الرحلة من يزعم أن الدفاع عن لبنان يستدعي الدفاع عن سوريا والعراق واليمن وإيران.

يستحيل أن يُقدم الصندوق على تقديم قروض طويلة الأجل، من أجل فتح ثغرات في جدران حصار وعقوبات مفروضة على دول ولاية الفقيه.

هو يدرك أن أي دولارات يضخها في السوق اللبناني، ستقوم قوى الأمر الواقع، وواقع العهد القوي، بتهريب معظمها إلى أسواق دمشق وطهران.

ولأن حكومة الإنجازات لا تجرؤ على تلبية شروط الصندوق، فإن الفشل سيكون خاتمة المفاوضات... مهما طال زمن التفاوض.

لا شك أن "كمساري" الحكومة الدكتور غازي وزني سيصاب بالخيبة، وهو يجوب المقطورات الفارغة من الركاب. وكان قد وعد نفسه بجباية أموال تكفي لملء خزان "قطار التعافي" بالوقود.

أما مجموعة "سيدر" فهي ترفض الصعود قبل أن تتأكد من أن كلام السرايا لا تمحوه تعليمات الضاحية وبعبدا.

مع ذلك لا يقطع "الكمساري" وزني الأمل.

يبحث عبثاً عن المغترب اللبناني، فهو منبع وطني للدولارات لا يجف ولا ينضب.

لكنه لا يجده. فقد تلقى منه إعتذاراً عن العودة إلى وطن لدغ من جحره في إيداعاته وتحويشات عمره.

وللسبب نفسه يغيب المستثمر الخيلجي عن "رحلة التعافي" اللبناني، عملاً بالقول الشعبي: من جرّب المجرب فإن عقله مخرّب... وكان المسكين قد جاء لبنان مستثمراً فاستثمروه بلا شفقة.

حتى لصوص المال العام في الوطن العربي تخلفوا عن ركوب "قطار الإنقاذ"، فهم لن يكرروا حماقة اللجوء إلى لبنان، الذي لجأت دولته إلى الإستدانة فسرقت منهم ما سرقوه من دولهم.

لم يبق لـ "الكمساري" الصابر سوى الإنتظار في مقطورة النواب والقضاة.

ها هم ينكبون على تشريع قوانين إستعادة الأموال المنهوبة.

وسينتظر الدكتور وزني طويلاً:

إلى أن يقر المجلس النيابي القانون المنقذ.

وإلى أن يُعدَّ الإدعاء العام لائحة بأسماء الناهبين.

وإلى أن يجد وثائق الإدانة وأدلة النهب.

وإلى أن تمر الأشهر، وربما السنوات، ما بين جلسة مؤجلة للشهود، وما بين جلسات مؤجلة للدفاع.

وإلى أن تصدر الأحكام بعد عمر طويل.

وإلى أن تلتزم المصارف المبعثرة في العالم، بأحكام القضاء اللبناني.

وإلى أن تقطع وزارة العدل دابر المماطلات بتقديم الأدلة، التي ستطالب بها مصارف العالم، تحت حجة التأكد من أن الناهبين ناهبون فعلاً.

وإلى أن تقتنع هذه المصارف بأدلة وزارة العدل اللبنانية.

وإلى أن تقبل بالتنفيذ... وتُقبل على التحويل.

إلى أن يتم كل هذا... ماذا سيكون حال لبنان واللبنانيين؟..

الخراب؟؟.

طبعاً وبالتأكيد.

فالخراب هو الإنجاز الوحيد للحكومة الديابية، الذي إذا به وعدت... صدقت.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 أيار 2020 13:34