أسعد حيدر
ضاعت سوريا اولا، والآن جاء دور ليبيا … سوريا انضمت الى "الربيع العربي " بثورة سلمية تقودها التنسيقيات المشكلة من الشباب وتمددت الى القوى السياسية المدنية حتى اذا ضربها النظام الأسدي بقسوة "تعسكرت "و"تأسلمت" واستقدمت كل الأطراف سواء من النظام او معارضات العون والدعم من الخارج حتى وصل الامر عبر مستنقعات الدماء والخراب الى الانخراط ومن ثم الرضوخ الى ثلاثة احتلالات من ايران وروسيا وتركيا تحت مظلة اميركية _اسرائيلية … لا احد يمكنه تثبيت موعد لتحرير وتحرر سوريا خصوصا وان الولاءات الداخلية لقوى الداخل للقوى الخارجية اكثر من ان يحصى ويحدد قوته ،خصوصا ان ايران دفعت واستثمرت الكثير من المال والرجال ( حتى ولو كان معظمهم ميلشيات شيعية أفغانية وباكستانية اضافة الى الوكيل الشرعي حزب الله ).
بعد سوريا جاء دور ليبيا التي عاشت من اول يوم من الثورة حالة من العنف الدموي والانقسامات الجهوية والقبلية والأسلمة السياسية الممتزجة بالفكر القذافي وممارساته المنتجة للتناحر والكراهية باسم التنافس الثوري حتى انتج ذلك كله الى انقسام ليبيا وتقسيمها ومن ثم تقاسمها ودعوة قوى خارجية للانخراط الى جانبها ففعلت ذلك وهي تعلم عن خبرات سابقة حجم الثروات النفطية والمنجمية وصولا الى موقع جغرافي يشكل ما يمكن قوله "القفل ومفتاحه" سواء شمالا باتجاه اوروبا او جنوبا باتجاه افريقيا . الان تعيش ليبيا حالة من "السورنة " طرفها الإقليمي والأساسي تركيا التي يحلم الرئيس اردوغان باسم "الخلافة" الوازنة امام "الولاية" المحشورة بمذهبية متشددة ، بوضع يده كما فعل في سوريا وأكثر على مساحة مهمةوغنية ، يجعله ممسكا لجزء مهم من الارض والقرار حتى ولو دخل "قيصر" روسيا طرفا مزعجا ،اليوم في الحرب وغدا في توزيع الثروات خصوصا وان ضمن مخططات القيصر بوتين الحصول على قاعدة جوية في الشمال حيث حليفه حفتر تماثل قاعدة "حميميم "في سوريا فيمسك بذلك ضفتي البحر الابيض المتوسط وليضع بذلك الضفة الأوروبية من المتوسط تحت مراقبته اللصيقة ، ولاول مرة منذ خروج السوفيات من مصر يستقر على باب مصر ويطل منها على كل منطقة المغرب العربي الكبير .
مرت على العرب والشعوب العديدة في في هذه المنطقة الحساسة جغرافيا ، كوارث واحتلالات وانتدابات اجنبية مزقتهم ،وأحيانا الغتهم بسبب خطط منهجية من الغرباء المحتلين او وفي اغلب الأحيان بسبب انضمام بعضهم إراديا سواء بسبب الغرق في العجز عن التغيير والمقاومة، وأما الغرق في الانتساب الى الغرباء لأسباب عديدة اخطرها الانتماء المذهبي … وأما وهو الاخطر بسبب الاقتتال بين الأهل مما تسبب بسهولة في توزع ولاءاتهم والاقتتال فيما بينهم حتى الانهيار القاتل .
التاريخ كما يقال لا يتكرر ؛ لكنه فعليا يفرض احداثه التاريخية على مراحل احداث معاصرة تفتح فكفة وقائعها ومقارنتها في استخلاص دروس مهمة يمكن ان تكون منقذة وقد تستدعي البكاء حزنا وتوجعا على العمى الحاصل في قراءة ما يجري من حوادث واحداث . حاليا تبدو بلاد العرب التي كان الشعار الطاغي فيها طوال عقود" ارض العرب للعرب" ، و تحرير فلسطين والقدس من قدس المهمات الشعبية والقومية واساسا للتحالفات فان الفشل القومي في التحرير (اسبابه عديدة) شكل قوة دفع للتيار الاسلامي للانتشار بقوة وعنف واضعامجتمعات وانظمة من العالمين العربي والإسلامي تحت "عباءته" ، وخلال اجتياحه جنح نحو التشدد حتى اصبحت "داعش والداعشية" رغم وحشيتها تطورا عاديا وحتى طبيعيا تحت تسميات ومسببات لا علاقة لها سوى جزئيا بالواقع وأكثرها صناعة اقليمية ودولية .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.