كتب اسعد حيدر:
المضحك المبكي في مواقف الملتزمين مباشرة بوضع يد تركيا _ الأردوغانية على اجزاء من ليبيا وسوريا من جهة ،ومن جهة اخرى إمساك ايران بمعظم مفاصل سوريا وفي الحالتين تحت إشراف وإدارة روسيا وواشنطن ، ان يؤكد الملتزم بالخلافة او الولاية بشدة وتصميم الى حد تخوين اي عربي يعارض موقفه بالجملة او بالتجزئة ، ان سوريا انتصرت تحت قيادة الرئيس الاسد ،وان الرئيس اردوغان يعمل لإنقاذ ليبيا لوجه الله وخدمة للإسلام …
سوريا تمزقت تحت قيادة الاسد ،لا يعرف احد كيف ستتعافى خصوصا وان اكثر من عشرة ملايين سوري مهجرين ومعظمهم يخاف من العودة خوفا من الانضمام الى قوافل المفقودين سواء كانوا احياء او امواتا ،وان سوريا ممزقة ولا احد يعرف كيف ومتى ( بعد عقود اواكثر) ستستعيد وحدتها وقدراتها على العيش الطبيعي خصوصا وان خسائرها حسب مجموعة من الباحثين السوريين تبلغ منذ آذار ٢٠١١ حتى الان ٥٣٠ مليار دولار اي حوالي عشر مرات الناتج المحلي السنوي وان نسبة الدمار تصل الى اربعين بالمئة وارتفاع الدين العام ارتفع ٢٠٨ مرات، والبطالة وصلت الى ٤١ بالمئة،وان نسبة الفقر ارتفعت من ١بالمئة الى ٨٦بالمائة، والاهم من هذه الأرقام وغيرها ان مليونين ونصف مليون طفل فقدوا فرصهم التعليمية الخ بكل ما في ذلك من نتائج كارثية على التكوين المستقبلي للمجتمع السوري .
كل هذا رغم المآسي الضخمة التي يثيرها فان الانتداب الى درجة الاستعمار تحت مسميات مختلفة تتعمق يوميا . ايران التي تواجه الضغوط من روسيا وتركيا وإسرائيل للمغادرة بمزيد من التمسك بمواقعها وتعمل على ربطها بالعراق باسم دعم المقاومة ،ولذلك امام اي ضغط تتطالب مباشرة او ضمنا من الاسد بحقوق "مشروعة" مثل ٣٠مليار دولار ديونا على النظام ، والبديل المزيد من الاستثمارات والمشاريع والمباني وحتى القواعد العلنية او ضمن الوحدات السورية … اما تركيا فانها تتمسك بالشريط الحدودي الذي وضعت يدها عليه . اما موسكو والقيصر بوتين فالحدث هو في التمدد العميق في المؤسسات خصوصا الجيش والقواعد العسكرية التي تمسك جغرافية سوريا وذلك تحت إدارة السفير ألكسندر يغيموف الذي ولاه بوتين على سوريا فأصبح مبعوثه الشخصي وله بذلك حريةاكبر في اتخاذ القرارات اذ لم يعد تابعا لوزارة الخارجية … وآخر وليس المطلب الأخير من الأسد المنتصر الذي يلتقيه بوتين في مكتبه في السفارة الروسية او قاعدة روسية ، هو تأجير روسيا قاعدة جوية في مطار القامشلي في محافظة الحسكة .ومتى حصلت عليه تربط موسكو الساحل السوري بالشرق السوري وهي بصدد تشكيل ميلشيا تحت إمرة ضباط روس من ابناء عشائر المنطقة … طبعا كل ذلك تحت أنظار واشنطن وبالتفاهم مع اسرائيل …
اما ليبيا و"الاردوغانيين" الحديثي النعمة فحدث عنهم ولا حرج . ليبيا ولانها من الأساس "دجاجة تبيض ذهبا" وتختزن ثروات كامنة وموقعا حساسا استراتيجيا لانها تمسك شمالا بالشاطئ الجنوبي للبحر المتوسط وجنوبا بافيرقيا السوداء جنوبا فان كل القوى ترغب وتريد وتستقتل لكي يكون لها موقعا فيها حتى ولو كانت الان تعيش في أتون من الحرب الأهلية والباردة معا اطرافها قوى اقليمية وقوى دولية … ومما سهل كل ذلك انه منذ مقتل العقيد القذافي وقعت بيت براثن المجموعات الجهوية والقبلية والأسواء الاسلامية اتي ينتمي بعضها الى "القاعدة" وغيرها …
ماساة ليبيا الممزقة حاليا بين الماريشال حفتر والرئيس السراج والذين عبرهما تجري الحرب لاقتسام ليبيا خصوصا وان الاردوغانيين العرب يحلفون ويقسمون بالثلاثة ان اردوغان لا اطماع له بليبيا بل هو يعمل لانقاذها عبر تنفيذالاتفاقات الأمنية التي عقدت مع السراج وان البحث عن النفط سواء في الارض او البحر هو تنفيذا لاتفاقات قديمة علما ات اردوغان ينفذ استراتيجية تعطيه القوة ليس فقط النفطية وانما ايضا إمساك البحر المتوسط من الضفتين السورية والسلبية ورفع منسوب الضغوط على أوروبا بالإمساك بورقة المهاجرين عبر سوريا وايضا المهاجرين من افريقيا السوداء وإجبارهاعبر التهديدات بفتح الحدود على تقديم التنازلات له خصوصا ما يتعلق بمد الأنابيب من النفط والغاز … وفي كل ذلك فان اردوغان ستبقى خسائره التي قد تقلق قاعدته الشعبية محدودة جدا لان المقاتلين السوريين سيقومون بالواجب بعد تجنيدهم وإرسالهم الى ساحات القتال سواء بسبب الاغراءات المالية اوالالتزمات الاسلامية التي تعطيه ايضا قوة دفائن القوى الاسلامية في تونس عبر النهضة الى جانب الضغط على مصر المضغوطة أصلا من القوى الداعشية وإثيوبيا
القيصر بوتين يجد في النزول على الارض الليبية فرصة تاريخية واستثنائية لأخذ حصة يؤمن انها من حقوق روسيا وانتزعت منها بالخديعة لدى نهاية القذافي … ولا شك ان فرصة ثانية لن تحدث ثانية كما الان للامساك بحوض البحر الابيض المتوسط ،خصوصا وان كلفة ذلك قليلة نسبيا عبر المرتزقة من قوات "فاغنر " والمقاتلين من الميليشيات السورية …
تبقى الولايات المتحدة الاميركية التي تبدو لاعبة تربح بدون اي كلفة … من ذلك انها عندما وجدت ان الروسي تتقدم مع حفتر نقلت "بارودتها" الى السراج ودعمته … باختصار ان واشنطن تقود رقصة" التانغو "دون ان تتقيد بأحد سوى من يحقق لها نقاطا اكثر …
ليبيا الممزقة اولا وبعدها الشريط متواصل على رقعة العالم العربي خصوصا وان كل قوة القليمية من اصحاب "الخلافة "والولاية" لديهما ملتزمين يبذلون دما ءهم وارضهم لتحقيق الانتصار … اما موسكو وواشنطن فان حساباتهم اكبر بكثير من صغار العرب وضغائنهم .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.