4 حزيران 2020 | 10:41

أخبار لبنان

"متعهّد الجمهوريّة"..

غسان حجار – "النهار" 

جيّد أن يقف جهاد العرب "متعهّد الجمهوريّة" كما يُسمى عادة، أمام التحقيق، إذ ليس من عادة المتنفّذين في لبنان الخضوع للقضاء لأن شبكة علاقاتهم تحجب عنهم المحاسبة. لا تهمّني دمعته أمام قصر العدل، فالدموع في البلد أكثر من أن تُحصى. ودمعة جهاد العرب، أكانت صادقة أم مزيّفة، تبقى أقل من دموع الأيتام والمرضى والمعوزين، وما أكثرهم هذه الأيّام. فدموع هؤلاء دائمة، وتتحرّك عند أصحابها صبحاً ومساء.

لكن في المقابل يحقّ لجهاد العرب أن يشعر بالظلم لأسباب عدّة، أوّلها أنّه ليس المتعهّد الأوّل في الجمهوريّة. فثمّة مُتعهّدون أكثر منه حجماً، وأكثر نفوذاً، وأوفر مالاً، لكنّهم لا يتعرّضون لحملات مماثلة لأنّهم محميّون خصوصاً من "حزب الله" وحركة "أمل"، ومنهم شريف وهبة، ومحمد دنش، وشركة الموسوي، وقاسم حمود، وعماد الخطيب، وداني خوري...

أمّا العرب، ورغم أنّه لا يتعاطى السياسة، ويحافظ على حسن الجوار مع كل الأطراف، فمحسوب على الرئيس سعد الحريري الذي يبدو كأنّه الحلقة الأضعف مذ تخلّت عنه المملكة العربيّة السعوديّة، فصار هو والقريبون منه في دائرة الاستهداف.

قوّة جهاد العرب ليست في انتمائه السياسي، بل في سهره على عمله، وحسن مُتابعته وتنفيذه أوّلاً، وفي قدرته الماليّة ثانياً، وفي انفتاحه على الآخرين ثالثاً. والواقع، وفق عارفيه، أن من يحاربونه علناً، إنّما يطلبون التعاون معه خفيّة، ويتوسّلون الخدمات الشخصيّة، ومنهم من يسعون إلى ابتزازه ماليّاً، علماً أنّهم لا يعملون على إزاحته للمحافظة على التوازنات في البلد، ولو شكليّة، بل يفضلون إخضاعه.

لا أعلم جيّداً مدى صوابيّة الملفّات التي يتّهمونه بها، لكنّي أعلم جيّداً أنّنا نسمع بـ"متعهّد الجمهوريّة" منذ زمن، ومن باب الانتقادات والمآخذ عليه. لكن أيّاً من الشاكين لم يكشف سرّاً مستوراً عنه، أو تقدّم بإخبار قضائي ضدّه.

من حق جهاد العرب كمقاول يُحقّق ربحاً، أن يستاء كما ظهر عبر الشاشة، لأن عمله ليس خيريّاً، بل هو عمل تجاري واجب الربح. والربح مشروع قانوناً.

أمّا سوء التنفيذ للمشاريع العامّة إذا وقع، فلا يُدان العرب أو أي مقاول آخر، بل تُدان الدولة، والوزارات المعنيّة ومجلس الإنماء والإعمار، والهيئات الرقابية، وصولاً إلى القضاء، لأن هذه المؤسّسات مجتمعة ومُنفصلة، لم تراقب الأداء، ولم تُتابع التنفيذ، ولم تردع المخالفة، ولم تقيّم العمل المُنجز، ولم تُحاسب أحداً.

في غياب الرقابة والمحاسبة، لا يُسأل جهاد العرب، بل الرؤساء والوزراء ومسؤولو أجهزة الرقابة وكل المعنيّين الذين قصّروا بواجباتهم. وإدانة أي مقاول، إنّما هي إدانة لكل الطبقة السياسيّة الحاكمة لأنّها لا تقوم بواجباتها، بل تغضّ النّظر، لتصبح شريكة، منظورة أو غير منظورة، فلا تستفيق إلّا وقت الانتقام السياسي وتقاسم الحصص.

في إطار الحمأة الحالية، وقبلها وبعدها، ثمّة خياران، اما إثبات التهمة والإدانة فالمحاكمة، ولتفتح كل الملفّات، أو في حال عدم الإدانة، وهو أغلب الظنّ، الاعتذار وكشف حملة الاستفزاز والابتزاز، لأن الأمور لا تستقيم مع مقاولين سياسيّين يتجاوز فسادهم كل حدّ متوقّع.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 حزيران 2020 10:41