4 تموز 2020 | 09:47

أخبار لبنان

ساكت عن خرق الأعراف.. أم ساكت عن قول الحق؟

ساكت عن خرق الأعراف.. أم ساكت عن قول الحق؟

‏«مر الكلام ذي الحسام يقطع مكان ما يمرّ أما المديح سهل ومريح يخدع لكن بيضرّ والكلمة دين ‏من غير إيدين بس الوفا عل الحرّ» أحمد فؤاد نجم

سمعت البروفسور الموضوع على رئاسة الحكومة وهو ينتفض على وضع معيب وصلنا إليه، ‏وهو وضع دائم كنّا فيه منذ فجر التاريخ. يعني الوضع الديبلوماسي غير السوي ولا المتوازن في ‏العلاقة مع الدول الأخرى. ما قاله وكيل رئاسة الحكومة هو أنّ حكومته، ربما، سكتت كثيراً على ‏ممارسات ديبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية حرصاً على الصداقات والعلاقات، ‏لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف في العلاقات الأخوية والديبلوماسية! ‏

ويا سلام، ماذا بعد، فما عليك إذاً إلّا أن تنتفض وتُصحّح الأمر وتكيل لخارقي الأعراف بالمكيال ‏ذاته. لكن لو تتفضّل وتعلن بالفم الملآن عن هؤلاء الأصدقاء والأخوة الذين خرقوا تلك ‏الأعراف، بدل اللجوء إلى المواربة والتعميم الذي يُخفي عادة العجز عن الإفصاح، إمّا لجُبن أو ‏عجز. والجبن والعجز لا يمكن أن يكونا من صفات رجال الدولة. ‏

لا يجب أن يظنّ البروفسور المهندس أنني أحاول استدراجه لوقفة عز، فالأمر ميؤوس منه، فمَن ‏هو قادر أو فاهِم لِما هي وقفات العز لما كان قَبِلَ بأن يُنَصّب في نصبة على الناس اسمها رئاسة ‏وزراء اختصاصيين. لكن من الواجب تفنيد الكلام حتى لا يبقى مبهماً. فكما قيل اليوم، يفهمه ‏سفير إيران بغير ما تفهمه سفيرة أميركا، ويفهمه سفير الصين بغير ما يفهمه سفير روسيا، كما ‏هو الحال بالنسبة للسعودية والإمارات وتركيا وفرنسا وصندوق النقد الدولي. فكلام البروفسور ‏ليس بروفسور الكلام، ولكنه تعبير صارخ عن الدرك الذي وصلت إليه حالنا اليوم.‏

‏ السؤال اليوم الذي لن يجيب عنه البروفسور، هل المقصود بالموضوع هو إيران؟ وهي التي ‏تحتلّ لبنان بقراره السياسي والأمني وبخراب بيته الاقتصادي من خلال فيلق من حرسها ‏الثوري؟ أم أنّ المقصود هو سفيرة أميركا التي يهدد بلدها أمين عام الميليشيا الإيرانية الذي يهدد ‏ويتوعّد بلدها في كل مناسبة خطابية يُتحفنا بها؟ أم أنّ المقصود هو السعودية مثلاً لأنها تقول انّ ‏الميليشيات اللبنانية الإيرانية تهدد أمنها من خلال اليمن؟ ‏

المؤكد هو أنّ البروفسور يعرف بالضبط ما يجب أن يقوله، ويعلم بالتحديد مكامن الخطر وكيف ‏يمكن التخفيف من وَقعه، لكنّ الساكت عن الحق شيطان أخرس. نعم أنا أنتفض غيظاً لأنّ ‏السفراء يتكلمون عنّي أنا اللبناني الذي يعاني من كَون ما قالته سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ‏دقيق وصحيح، ويمكن إضافة المزيد عليه. وأنا أعلم عِلم اليقين، بغضّ النظر عمّا هو حق أو ‏باطل، بأنّ الخلاص لا يمكن أن يبدأ إلّا بزوال عبء الميليشيات الإيرانية عن لبنان، وذلك ليس ‏استجابة لا لِما تُمليه أميركا، ولا السعودية، بل هو مصلحة الناس القابعين في بيوتهم وغير ‏قادرين على الهجرة، رازحين تحت وطأة الفاقة والتهديد الدائم بعزّة أنفسهم وكراماتهم. ما تطلبه ‏أميركا اليوم هو مطلب لبناني وليس تحدياً ولا تعدياً، لكنّ الإهانة الدائمة هي في كون قرار ‏الحكومة اللبنانية ينسج في غرفة سوداء للحرس الثوري في إيران. ومن أجل هذا كان على ‏البروفسور المهندس أن ينتفض ويضع النقاط على الحروف، وبعدها فليَقل عن حق «هيهات منّا ‏الذلة»، أم انّ ابتلاع اللسان هو الأسلم؟ ما يُحيّرني اليوم هو ما قاله وزير خارجيتنا يوم استدعى ‏السفيرة الأميركية على خلفية مزحة المازح، وليس على خلفية تصريحاتها. وبعد أن سمعت ‏تصريحها بعد اللقاء وتحدثها بشكل إيجابي عمّا دار، أظنّ أنّ فحوى الكلام الذي قاله هو «أرجو ‏من حكومتكم أن لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا».‏




الجمهورية - مصطفى علوش 



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 تموز 2020 09:47