6 تموز 2020 | 21:49

خاص

رؤية عن لبنان المستقبل ..كما يريده ابناؤنا

المصدر: القاضي الشيخ خلدون عريمط -(ئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام)


منذ اعلان دولة لبنان الكبير في واحد أيلول 1920 وإعلان استقلال لبنان عام 1943 واللبنانيّون يحلمون بلبنان الغد، لبنان الوطن الّذي يعيش فيه اللبنانيّون جميعا في دولة المواطنة لا دولة المزارع، وفي الدولة الوطنية الجامعة لا دولة المحاصصة والفساد والافساد، ولا دويلات المذاهب والطوائف المتطلّعة دوما الى خارج الحدود للاستقواء بهذه الدولة او تلك، وفرض معادلات داخليّة لتغليب فئة على فئة،، وها هو لبنان يستعد مع بداية أيلول عام 2020 للاحتفال بمئة عام على ولادة لبنان الكبير وعاصمته سيّدة العواصم بيروت.

والحلم مازال غايه ينشدها كل فريق على مقاس مصالحه، ولازال الشعب اللبناني ضحيّة التطلّعات نحو خارج الحدود بل خارج المنطقه العربيه.

لقد توافق اللبنانيون مسلمون ومسيحيون سواء عام 1920 او عام 1943 على اعلان دولة لبنان الكبير، وبالتالي قيام الجمهوريّة بحيث تكون الدولة اللبنانيّة دولة وطنيّة مدنيّة جامعة تحترم المعتقدات الدينيّه المتنوّعه لمواطنيها مسلمين كانوا اومسيحيّين، فالدولة الوطنيّة هي المظلّة الواقيه والحافظة لحقوق المواطنين جميعا، والان قبيل احتفال لبنان بمئة عام على ولادته من رحم التطلّع نحو وحدة بلاد العرب او اتحادهم، هل من الممكن ان يتحقّق حلم اللبنانيين بقيام دولتهم الوطنيّه الجامعة؟ ام ان قدر اللبنانيين ان يبقوا في اضغاث احلامهم امام وباء المذهبيّات والطوائفيّات المتعملقه على حساب قيام الدولة الوطنيّة الجامعة والمتعاونة مع أشقائها العرب والرافضة لفكرة إقامة الدولة التلموديّة الصهيونيّة على ارض فلسطين العربيّة المباركة.

عاش لبنان محنة الحروب العبثيّة على ارضه من 1975 الى 1990 واستفاد من الاقتتال الداخلي وهذه الحروب، العدو الصهيوني وكل القوى المتطلّعة نحو المزيد من تمدد نفوذها، وفي فترة من الزمن تحوّل لبنان المثخن بجراحه، الى ورقة سياسيّة في سوق النخاسة الاقليميّة والدوليّة وتصارعت عليه العديد من الدول مستغلّة الخلافات الداخلية بين اللبنانيين على الهويّة والدور ورسالة لبنان في شرقنا العربي، لتسديد فواتيرها في هذا الملف الإقليمي او ذاك، الى ان توافق اللبنانيّون بدعم عربي ودولي على (عقد اجتماعي) جديد اقرّ برعاية المملكة العربية السعوديه ودعمها مع بعض الاشقاء العرب، وعرف هذا العقد الاجتماعي الجديد( بوثيقة الطائف )الذي انهى الاقتتال بين اللبنانيين، واوقف حروب الاخرين على الساحة اللبنانيّة وأذن بإعادة الاعمار و قيام الدولة الوطنيّة الجامعة بمؤسّساتها الشرعية، ولا نريد ان ندخل في تسمية الأطراف والعوائق التي حالت  محليًّا واقليميًّا، دون تطبيق كل بنود وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف ولكن السؤال الّذي يجب ان نطرحه الان: اما ان لنا كلبنانيين مسلمين ومسيحيين أحزابا وتيارات وحركات ومؤسسات دينية واجتماعية واقتصادية واعلاميه ان نتوقّف قليلا ونتعلّم من دروس الماضي الّذي كلّف لبنان ما لا يقل عن ثلاثماية الف بين قتيل وجريح وما رافق ذلك من دمار ودموع والام وجراحات، اما ان لنا ان نبني دولة المواطنة، الدولة التي لا سيادة على ارضها الا سيادتها، ولا سلاحا الاّ سلاحها، وان لا نفوذ لقوى اقليميّة او دوليه على ارضها الاّ نفوذ شعبها وحكمها وحكومتها؟

لبنان هذا الذي هو وطن التنوع  والتعايش والتلاقي بين اتباع الإسلام والمسيحيّة لا يتحمّل الدخول في محاور إقليمية او دولية، ولا يتحمل إقامة دولة اسلاميّة او مسيحيّة، وبالتالي لا دولة الخلافة  ولا دولة ولاية الفقيه.

 لبنان الغد لا يبنى على مقاس مصالح حزب عابر للحدود والجغرافيا او مصالح تيّار او حركه سواء كانت هذه المصالح محليّة او اقليميه، لبنان الغد لا يبنى الاّ بقيام الدولة الوطنيّة الجامعة الّتي لا مكان فيها للكهوف المذهبيّة والمستنقعات الطائفيّة والعقليّة المناطقيّة، لبنان الغد بحاجة لحكّام رجال دولة يعطون ولا يأخذون، عابرون للطوائف والمذاهب والمناطق لا فرق بين مواطن واخر الا بقدر ولاءه للوطن وخدمته لمصالح الناس، لا يمكن ان نبني لبنان الغد وفريق من اللبنانيين لديه سياسة قتاليّة خاصّة به يقاتل خارج الحدود ضمن مصالح اقليميّة تتعارض مع مصلحة لبنان وعلاقاته مع اشقاءه العرب، هل يمكن لنا ان نبني لبنان الغد بعيدا عن محيطه وامته العربية بل ومعاداته لاشقائه العرب؟ وهل يمكن ان نبني لبنان الغد على مقاس مصلحة واستراتجيّة حزب الله ومشروعه الايراني او مصلحة تيّار او تنظيم ما ؟ وهذا يعني ان حلم إقامة الدولة الوطنيّة الجامعة لا يمكن ان يتحقّق، في ظلّ هذه التراجيديا العابثة المستمرة منذ ولادة لبنان الكبير.

لبنان الغد الّذي نحلم به، ونحن الجيل الذي  عشنا ويلات الاقتتال الداخلي وحروب الميليشيات على الساحة اللبنانية، في أزقة بيروت وشوارعها، و كل الحروب الإقليمية الأخرى، منذ عام 1975 حتى اتفاق الطائف.

 لا يمكن ان نبني لبنان الغد ليعيش فيه الأبناء والاحفاد، الاّ بالالتزام بالدستور وتقوية الدولة ومؤسّساتها، والاقلاع عن ثقافة الغلبة والالغاء والاستقواء،  وان تكون الأحزاب والحركات في خدمة الدولة والناس،  لا ان تكون الدولة في خدمتهم ليعيش الناس بأمان و لكي تزدهر ثقافة المواطنة لا ثقافة الإلغاء والغلبه والاستقواء بسلاح من هنا، وسلاح من هناك،  ليعود لبنان سيدا حرا عربيا مستقلا، كما أراده مؤسسوه، رجال لبنان واستقلاله.

                       

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 تموز 2020 21:49