11 تموز 2020 | 08:03

أخبار لبنان

نصيحة السيسي لعون: الإصلاح والنأي

الوضع في لبنان "يخرج بسرعة عن السيطرة، كثر فقدوا عملهم وتبخرّت ‏مدّخراتهم أمام أعينهم وخسروا منازلهم وبعض اللبنانيين الأكثر ضعفاً يواجهون ‏خطر الموت بسبب الأزمة الاقتصادية"... تحذير أممي "فجّ وواقعي" يجسّد تعاظم ‏الأخطار المحدقة بالبلد نقلته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل ‏باشليه أمس مقروناً بسلة واجبات لا تزال حكومة حسان دياب تتلكأ في القيام بها ‏سواءً لناحية الشروع في تنفيذ "الإصلاحات العاجلة "أو لجهة الاستجابة ‏‏"لاحتياجات الشعب الأساسية على غرار الغذاء والكهرباء والصحة والتعليم". ‏باشليه أحسّت عن بُعد بمعاناة اللبنانيين واستشعرت القهر الذي يعايشونه، ورئيس ‏الحكومة لا يزال حائراً تائهاً بين بلاد الشرق والغرب، تارةً يُطلق الأمين العام ‏لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله نفير "الاتجاه شرقاً" فيستنفر دياب السراي لعقد ‏اجتماعات صينية وعراقية ويهجم على السفيرة الأميركية دوروثي شيا وكل البعثات ‏الديبلوماسية الغربية والعربية، وتارة أخرى يُطلّ نصرالله مفسحاً المجال أمام ‏التعاون مع الغرب فيعود دياب أدراجه من الشرق ويدير بوصلة اجتماعاته باتجاه ‏الغرب مشرّعاً أبواب السراي للسفيرة الأميركية ومنظّراً أمامها في سياسة مدّ ‏الجسور بين الشرق والغرب. لكن على قاعدة إذا "حضر الأصيل بطل الوكيل"، ‏كانت رسالة "حزب الله" واضحة ميدانياً في الصباح بهجمة مناصريه على مقر ‏السفارة الأميركية في عوكر، وإخبارياً في الليل عبر تشبيه "المنار" حركة شيا ‏بحركة الوباء في لبنان. فعن أي "جسور" تتحدث دولة الرئيس؟

أما عربياً، فاسترعت الانتباه رسالة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ‏رئيس الجمهورية ميشال عون بعد طول انقطاع عربي عن التواصل مع الرئاسة ‏الأولى، وإذ جاء تناقل دوائر السلطة خبر تلقي هذه الرسالة باعتبارها تندرج ضمن ‏سلسلة الأنباء التي تتحدث عن إحداث خرق في الموقف العربي تجاه عهد عون ‏وحكومة دياب إلى جانب جملة من المعلومات التي يصار إلى ضخها في الإعلام ‏عن مساعدات مالية كويتية وقطرية وشيكة في طريقها إلى الخزينة العامة، تبيّن ‏بحسب ما كشفت مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن" أنّ رسالة السيسي "أتت بعد ‏تلقيه قبل قرابة الشهرين، في أيار الماضي، رسالة من عون تمنى عليه فيها أن ‏تلعب مصر دوراً في دعم لبنان ومساعدته في ظل الظروف السياسية والاقتصادية ‏التي يمر بها، فوصله الرد الرئاسي المصري أمس على شكل "نصيحة" من دون ‏أن يؤشر ذلك إلى وجود أي مبادرة مصرية باتجاه لبنان في الوقت الراهن"، ‏موضحةً أنه "في حين لا يزال موقف مصر الثابت على ما هو عليه لناحية تأكيد ‏الدعم للبنان والحرص على استقراره، أتت نصيحة السيسي لعون لتتمحور في ‏جوهرها حول التشديد على نقطتين أساسيتين لا يمكن التغاضي عنهما في معالجة ‏الأزمة اللبنانية، النقطة الأولى تؤكد وجوب قيام اللبنانيين أنفسهم بتنفيذ الإصلاحات ‏المطلوبة منهم والإسراع في التجاوب مع متطلبات صندوق النقد الدولي، والنقطة ‏الثانية تركّز على ضرورة التزام لبنان قرار "النأي بالنفس" عن صراعات المنطقة ‏والمحاور".‏

ورداً على سؤال، أكدت المصادر أنّ "الموقف المصري لا يختلف في أبعاده ‏الاستراتيجية عن الموقف الخليجي والعربي تجاه لبنان، لكن مع تسجيل بعض ‏التمايزات الشكلية لناحية محاولة إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف ‏اللبنانيين بهدف حثهم على إنقاذ وطنهم"، مشيرةً إلى أنّ "مصر كانت على الدوام ‏حريصة على تنبيه المسؤولين اللبنانيين إلى ضرورة المبادرة لتلافي الانهيار ‏الاقتصادي ووقف الهدر في مختلف القطاعات لا سيما في قطاع الكهرباء". ‏واستذكرت في هذا المجال "مجريات اجتماع مجلس الأعمال المصري – اللبناني ‏في بيروت عام 2018 حين توجّه رئيس الوفد المصري المهندس أحمد السويدي ‏‏(شارك في حل مشكلة الكهرباء في مصر بالتعاون مع شركة "سيمنز") إلى الجانب ‏اللبناني بالقول: مشكلة الكهرباء في لبنان يمكن حلها في أقل من عام مع تثبيت تكلفة ‏الكهرباء عند مستوى لا يتجاوز في حده الأقصى نصف ما يدفعه المواطن اللبناني ‏راهناً بين فاتورة الدولة وفاتورة المولدات"، وأردفت: "لكن للأسف لا شيء حصل ‏منذ ذلك الوقت وبقي هذا القطاع يستنزف الخزينة حتى وقع اللبنانيون في أزمتهم ‏الراهنة".‏

وبالأمس، وُضع ملف قطاع الكهرباء على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد ‏الدولي في جلسة خُصّصت للتباحث في الإجراءات التي ستتخذها الحكومة اللبنانية ‏لإصلاح القطاع، فكان لوفد الصندوق "لائحة كبيرة من الاسئلة والاستفسارات" ‏حيال هذا الملف، وفق ما نقلت مصادر المجتمعين لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنه ‏‏"وبعد الثناء على تحريك عجلة الإجراءات الواجب اتخاذها مع اتخاذ قرار تعيين ‏مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان، غير أنّ الوفد الدولي كان واضحاً في وصف هذا ‏القرار بـ"الخطوة الناقصة" التي يجب استكمالها واستتباعها بخطوات جريئة، ‏وتوقف مفاوضو صندوق النقد بشكل رئيسي عند مسألة تعيين الهيئة الناظمة وسألوا ‏عن مبررات التأخير في تشكيلها، بالتوازي مع الاستفسار كذلك عن ماهية ‏التعديلات التي ينوي رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إدخالها على هذه ‏الهيئة وصلاحياتها مع التركيز في هذا المجال على القانون 462 الناظم لقطاع ‏الكهرباء وما هو مطروح للتعديل عليه".‏

وإذ كان لافتاً للانتباه أنّ "وفد الصندوق الدولي بدا ملماً بأدق التفاصيل المتصلة ‏بملف الكهرباء"، تضيف المصادر: "طرحوا أسئلة جد محورية سواءً حول خطة ‏وزارة الطاقة أو حيال توجهات الحكومة وبرنامجها لتنفيذ ما هو مطلوب منها ‏لخفض عجز الكهرباء، فضلاً عن إثارة عدة نقاط أخرى متعلقة بمختلف جوانب ‏الاصلاحات المنتظرة". وختمت: "سمعنا كلاماً خلال الاجتماع مفاده أنّ الصندوق ‏لم يعد يؤمن بالكلام والوعود بل يريد أن يرى أفعالاً ولا شيء سوى الأفعال"، وفي ‏نهاية النقاش تم الاتفاق على عقد اجتماع جديد الأسبوع المقبل "لاستكمال النقاش ‏واستعراض المراحل التي وصلت إليها الحكومة في مسيرة إصلاح الكهرباء".‏



نداء الوطن 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 تموز 2020 08:03