30 تموز 2020 | 09:07

أخبار لبنان

كل وعود الكهرباء كاذبة.. ولا تغذية أكثر من 6 ساعات؟

كل وعود الكهرباء كاذبة.. ولا تغذية أكثر من 6 ساعات؟

كتب نقيب الصحافة عوني الكعكي في صحيفة "الشرق‎‏"‏‎


إعلان رئيس الحكومة المتضمن إنجازاته «العظيمة» التي بلغت حدود الـ97٪ من ‏الخطة الإنقاذية التي أثارت استهجان واستغراب الجهات المتابعة... أثار عندي ‏جملة تساؤلات أهمها: من أين جاء دولته بهذا الرقم؟ وهل كان متأثراً بالانتخابات ‏التي تجري في سوريا أو العراق وحتى في إيران؟

ونعود الى الوطن، لنبحث عن الإنجازات التي حققتها حكومة الإنقاذ... ونبدأ بأم ‏المشاكل... مشكلة الكهرباء التي لا تزال تعصف باللبنانيين وتقضّ مضاجعهم ‏وتغرقهم في عتمة لم يشهد لبنان مثيلاً لها من قبل‎.‎

بدأت مشكلة الكهرباء في لبنان عام 1993 مع حكومة الرئيس رفيق الحريري، ‏الذي عيّـن المرحوم جورج افرام وزيراً للكهرباء، فوضع خطة لتأمين النقص في ‏الإنتاج. إذ كانت حاجة لبنان 2500 ميغاواط، بينما لا تنتج المعامل أكثر من ‏‏1500... لم يسمح للوزير جورج تنفيذ مشروع بناء محطة توليد لسد العجز، ‏واستبدل بالوزير إيلي حبيقة. وبالرغم من ذلك استطاع الرئيس الشهيد رفيق ‏الحريري بناء محطة في الزهراني تنتج 500 ميغاواط وأخرى في دير عمار تنتج ‏الطاقة نفسها وترميم معامل في الزوق تنتج 300 ميغاواط، إضافة الى معمل الجيّة ‏الذي ينتج 350 ميغاواط وصور 60 ميغاواط وبعلبك 60 ميغاواط أيضاً‎.‎

وبإصرار من الرئيس الشهيد سارت الخطة على خير ما يرام. لكن لم يسمح له ‏باستبدال الفيول بالغاز عبر بناء خط بحري يمتد من العريش بمصر الى لبنان‎.‎

وفي العام 1997، أيام الرئيس الشهيد كانت الكهرباء مؤمنة 24 على 24، وكان ‏المدير العام مهيب عيتاني هو الذي يدير العملية بنجاح فكوفئ بالسجن عند تسلّم ‏الرئيس اميل لحود رئاسة الجمهورية، فعيتاني استطاع تأمين الكهرباء حتى خلال ‏مجزرة قانا عام 1996‏‎.‎

ولم يكتفِ الرئيس الشهيد بذلك، بل وضع خطة يصل الإنتاج من خلالها الى خمسة ‏آلاف ميغاواط، وكان قد استورد المولدات التي تعمل على الديزل والغاز في الوقت ‏نفسه، لأنه كان مصرّاً على استعمال الغاز الذي يوفّر ما لا يقل عن 50٪ من ‏الكلفة، ثم جرى بعد ذلك توقيع اتفاق الخط العربي للغاز مع مصر وسوريا ‏والاردن، ويمتد هذا الخط من سيناء المصرية الى العقبة الاردنية الى عمان الى ‏حمص فإلى لبنان تحديداً الى دير عمار. وقام لبنان يومذاك بمد خط للغاز من دير ‏عمار الى الحدود السورية لوصله بالخط المذكور. وتمّ استيراد كميات من الغاز ‏تغطي ثلث حاجة دير عمار ما خَفّض كلفة الإنتاج الى النصف. وكان من المتوقع ‏أن يتم إنجاز الخط ليصل الى الزهراني عبر الزوق، ولكن صادفته عقبات سياسيّة ‏محلية وإلى التدخل السوري الذي كان يريد تسويق الفيول الذي ينتج في سوريا ‏والذي يتميّز بمواصفاته السيّئة‎.‎

بعد استشهاد الرئيس الحريري، تسلّم وزراء كتلة «الإصلاح والتغيير» وزارة ‏الطاقة، وهم لا يزالون يتربّعون على مقدراتها حتى اليوم‎.‎

منذ تسلم هؤلاء الوزارة بدأت مشاكل انقطاع التيار الكهربائي، صاحبتها قضيّة ‏استئجار البواخر التركية، ومنعوا بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء، ما ترك ‏علامات استفهام حول الغاية من «الاستئجار» والتي كان من الممكن صرف كلفتها ‏الباهظة التي فاقت الملياري دولار، على بناء محطات قد تنتج أكثر من ثلاثة آلاف ‏ميغاواط. إشارة الى ان كلفة الميغاواط في العالم تصل الى 600 ألف دولار، ما ‏يعني أننا كنا وفّرنا أموالنا وزدنا إنتاجنا، وباتت المحطات ملكاً للدولة‎.‎

نشير كذلك الى ان الشركات العالمية تقدمت بعروض مغرية لبناء مصانع كهرباء ‏على الغاز في لبنان وبيع الكيلوواط بـ7 سنت أميركي يشمل كلفة الإنتاج والغاز، ‏مع أنّ كلفة البواخر تزيد على اثني عشر سنتاً لكل كيلوواط‎.‎

إنجازات «التيار الوطني الحر» في الكهرباء كبيرة كما رأينا!! والإدعاء الذي ‏يكرره دائماً الوزير، عفواً السوبر وزير جبران باسيل «ما خلّونا نشتغل» بادٍ ‏للعيان ولا يخفى على أحد‎.‎

لقد رفض السوبر وزير جبران باسيل عرض الصندوق الكويتي الذي أبدى ‏استعداده لبناء وتمويل محطة الزهراني أو دير عمار، وسبب رفض معاليه أنه يريد ‏أخذ المال بنفسه، ليصرفه على هواه، في حين أنّ الصندوق الكويتي يشترط ‏الإشراف على كل المراحل بنفسه‎.‎

رفض جبران العرض واستحصل على موافقة الحكومة بإعطائه مليار دولار ‏ونصف المليار لبناء محطات جديدة وذلك بناء لقانون صادر عن مجلس الوزراء‎.‎

وحتى اليوم... فالج لا تعالج، فلا حلّ لمشكلة الكهرباء بل زادت قضيّة سلعاتا ‏الطين بلّة، فبحجّة أنّ سلعاتا يجب أن تكون محطة للمسيحيين حسب الوزير ‏السوبر، ضاعت الطاسة و»تبخّرت» الكهرباء‎.‎

وأكثر ما يثير الدهشة أنّ الوزير السوبر عاجز حتى تاريخه عن الإعلان عن ‏المناقصات لبناء المحطات الجديدة‎.‎

تساؤلات عدة أثيرت حول اختلاق هذه الأزمة وأسبابها... فهل هي مقدّمة لاستئجار ‏بواخر إضافية جديدة؟

وأزمة أخرى مستجدّة دخلت على الخط، هي أزمة الدولار منذ اندلاع الثورة في ‏‏17 تشرين 2019، والتظاهرات التي أدت الى استقالة الحكومة السابقة والتي ‏أعقبتها ولادة ما سمّي بـ»حكومة الإنقاذ»، الذي هو (أي الإنقاذ) بعيد كل البعد عما ‏تقوم به من أعمال... بل انها حكومة التسويف والتأجيل وصاحبة المشاريع غير ‏القابلة للتنفيذ، حكومة تنعقد دائماً في القصر الجمهوري وفي حضور رئيس ‏الحكومة‎...‎

لقد اعتمدت الحكومة الحالية على موازنة الحكومة السابقة التي خصصت مبلغ ‏مليار وخمسمائة مليون دولار لسد عجز الكهرباء... وللعلم فإنّ هذا المبلغ لا يكفي ‏لشراء أكثر من 25٪ من حاجات مؤسسة كهرباء لبنان، بمعنى ان الإنتاج سيكون ‏ربع المطلوب فقط، ما يعني أنّ التغذية ستكون في حدود ست ساعات فقط من 24‏‎.‎

الكلام عن الفيول المغشوش... أو نوعية هذا الفيول كلام «في الهواء» لأنّ المشكلة ‏الحقيقية هي في موازنة وزارة الطاقة‎.‎



الشرق 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

30 تموز 2020 09:07