كتب باسل الخطيب
يخطىء من يعتقد ان هناك مؤامرة على لبنان، فالأزمة الاقتصادية وجميع المؤشرات تدلّ على أن لبنان يشهد أسوأ أزمة منذ تاريخ تأسيسه، والأخطر من ذلك أن السلطة الحاكمة حالياً، تجاهر وتُصِرّ على أنها عملت وحقّقت إنجازات كثيرة، لا نعرف أين هي وما هي وكيف استفاد اللبنانيون منها.
التراجع في الدورة الاقتصادية يزداد والشركات تعاني بين تراجع في الانتاجية وفي التصدير والارباح، وتسريح عمال وخفض في رواتب الموظفين والعمال، بين كل ثلاث مؤسسات تجارية هناك واحدة على الأقل أقفلت، الأمر سيّان على المؤسسات الخدماتية والسياحية، أزمة في المصارف وغياب تام للاستثمارات الأجنبية، وتتغنّى الحكومة بأنها خفّضت الاستيراد لتسدّ الفجوة مع التصدير، لكن السبب ليس انجازاً بل تراجعاً في القدرة على تأمين تمويل للاستيراد، ونتيجة تراجع الاستهلاك من قبل اللبنانيين الذين هبطت لديهم القدرة الشرائية.
كل القطاعات تعاني والتراجع سيد الموقف، في حين أن الحلول غائبة، بإستثناء 17 اجتماعاً فاشلاً بين لبنان وصندوق النقد الدولي سعياً للحصول على بضع مليارات من الدولارات قد تُدفَغ على مدى سنوات، بات إقرارها مستحيلاً في ظل إصرار الحكومة على أرقامها وتعنّتها بطرح خطة فاشلة ليست سوى مضيعة للوقت، بينما تسعى الى معالجة الانهيار على أن هناك مؤامرة على لبنان بدلاً من ايجاد الحلول.
لقد كان الرئيس سعد الحريري محقاً في دردشته مع الصحفيين هذا الأسبوع، عندما شدد على أن ما حصل في لبنان ليس مؤامرة بل انهياراً اقتصادياً، قائلاً "اذا كانوا سيتعاطون مع هذا الانهيار على انه مؤامرة "فالعوض بسلامتكم". هذا اسمه انهيار اقتصادي وقد حاولنا تجنبه منذ العام 2000، من خلال مؤتمرات باريس-1 وباريس-2 وباريس-3 وسيدر". وأضاف إن كل هذه المؤتمرات عقدت لتجنيب البلد هذا الانهيار، واذا قاموا بالإصلاحات يعالجون الانهيار وكل المشاكل الموجودة"، ولا يمكن معالجة الانهيار الاقتصادي بعقلية المؤامرة".
وبالتالي على الحكومة الحالية أن تسارع الى البدء بالإصلاحات المطلوبة من قبل الشعب والمجتمع الدولي والدول المانحة، وأن تحدد أسباب العجوزات التي فاقمت الدين العام الذي يعتبر المشكلة الرئيسية للبنان والتي تتمثّل بالنقاط الاتية:
عجز كهرباء لبنان
خدمة الدين
رواتب موظفي القطاع العام وملحقاتها وهي تشكل أكثر من 90% من العجز.
وإذا ما تم إقفال هذه المزاريب يمكن تحقيق فوائض في الموازنة ولو متواضعة في البداية.
كان على الحكومة أن تنظر الى المشكلة بنظرة واقعية وشمولية وليست رقمية، وبالتالي لا قيمة لورقتها الاصلاحية ، وفي حال لم تتمكّن من البدء بالاصلاحات فعليها الرحيل اليوم قبل الغد وتريحنا من وهمِ إقناعنا، بأنها حكومة اختصاصيين محايدين وحكومة مواجهة التحديات.
ما أعلنه وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته الى لبنان مؤخراً، يشكّل رسالة قوية الى الحكومة بأنها عديمة الفائدة لا بل غائبة عن السمع، وهو تصريح من قبل وزيرٍ لدولة، لطالما وقفت الى جانب لبنان ومستمرة، لكنها كغيرها من الدول العظمى تنتظر إصلاحات من الحكومة ضرورية وجدية لتسهيل حصول لبنان على مساعدات ودعم دولي.
ففشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي IMF يشكِّل حجراً عثِرة بوجه مساعي إنقاذ لبنان وتدفّق رؤوس الأموال اليه، لأن من شأن ذلك في حال نجح أن يكون الخطوة الأولى تجاه عودة الثقة الى لبنان، وتحريك الدورة الاقتصادية وتنشيط الاستثمار الأجنبي والسياحة وقطاع الخدمات وتنمية الصادرات.
ستة أشهر مرّت من عمر الحكومة الحالية، كان يجب أن يكون كل شهر مليئاً بالإصلاحات والمعالجات الفورية والإنقاذية، لكننا منذ تأليف الحكومة في كانون الثاني يناير 2020، وحتى بداية آب أغسطس الحالي، لم نشهد اياً من الانجازات سوى أزمة في كل من الكهرباء والمازوت والبنزين والمولدات والطحين والدواء والدولار والمواد الغذائية والمصارف والطوابع المالية والاستثمار والمؤسسات التجارية والسياحية والزراعية والصناعية والتعليم الخ....
في المحصلة لنعود الى السؤال من يتآمر على لبنان!!!؟؟؟
ان من يتآمر على لبنان هي هذه الحكومة الفاشلة.
لماذا؟ الجواب بسيط جداً
دعونا نستعرض مسيرة إنجازات الـ٩٧ في المئة التي حقّقها رئيسها الكبير د. حسان دياب، منذ تأليفها، لماذا شُكِّلت هذه الحكومة وعلى أنقاض اي حكومة شُكِّلت؟ وماذا كان ينتظر منها اللبنانيون؟ ومن هم أعضاؤها؟ وما هي هويتهم السياسية؟ ومن كان وراء تسميتهم؟ وما هي الانجازات التي حقّقوها في مجالات اختصاصاتهم .
أسئلة كثيرة يجب الاجابة عليها بوضوح وبموضوعية لكي نتبيّن من هو المتآمر الحقيقي على لبنان.
بكل بساطة، فإن معظم الوزراء ليسوا من اهل الاختصاص ولا يمتّون الى المعرفة، وبعد النظر والرؤية الشمولية بشيء. فإن أولى صفات الوزير هي تمتُّعه برؤية وبعد نظر وشمولية .
أين تتوفر هذه الصفات لدى معظم وزراء هذه الحكومة.
من الواضح جدا ان من ركّب هذه الحكومة هو المتآمر الحقيقي على لبنان اي ثلاثي أضواء المسرح وحلفاؤهم واتباعهم.
اعطت الحكومة نفسها مهلة ٣ اشهر لوضع خطة اصلاحية تكون في أولوياتها، خطة اصلاح الكهرباء، والنتيجة كانت انه بدلاً من أن يحصل اللبنانيون على كهرباء 24/24 بدلاً من 21/24 أصبحوا الآن يحصلون على 3/24 فهذا هو أهم انجاز حققته الحكومة وقسّ على ذلك في بقية المشاريع الاصلاحية.
أما من ناحية إصلاح القطاع المصرفي فإن أهم انجاز حققته هذه الحكومة كان مشروع تهديم القطاع المصرفي وإفلاسه وووضع خطة استبداله بخمسة مصارف مشكوك بأمرها.
كذلك الأمر بالنسبة لمصرف لبنان الذي تسعى هذه الحكومة الى إفلاسه بدلاً من تخفيف العبء الذي ينوء تحته.
أما الإنجاز الأهم والأخير فتمثّل بإستمرار هدم العلاقات مع الدول الصديقة القادرة والراغبة بمساعدة لبنان كما شهدنا ما حصل مع وزير خارجية فرنسا.
لكن هل يا ترى هناك من يسمع أو يستوعب صرخات اللبناني الجائع وأنين المواطن المتألم، بعد أن لامس الدولار عتبة الـ 10 آلاف ليرة لبنانية؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.