1 آب 2020 | 15:48

فن

سعيد صالح في ذكراه.. أول فنان "مشاغب" يدخل السجن‎! ‎

سعيد صالح في ذكراه..  أول فنان

زياد سامي عيتاني‎*‎

يصادف اليوم (1آب 1914) ذكرى رحيل "تلميذ مدرسة المشاغبين" سعيد الفنان سعيد صالح ‏الذي تمكن بفضل موهبته أن يصبح واحداً من نجوم مصر والعالم العربي بحضوره الكوميدي ‏الطاغي، حتى لقب "بصانع‎ ‎

البهجة" و"سلطان الضحك‎"...‎

وأكثر ما تميز به نجم الكوميديا الراحل خلال مسرحياته خروجه عن النص، وإضحاك الجمهور ‏من خلال بعض "الإفيهات" الإرتجالية التي تنتقد بشدة لادعة الأوضاع السياسية التي كانت ‏سائدة، مما جعله أول فنان كوميدي يتعرض للحبس بسبب مواقفه السياسية، ليسجن بعدها مرتين ‏بتهمة تعاطي المخدرات‎.‎

‎**‎

‎•‎حسن يوسف يكتشفه‎: ‎

ظهرت موهبة سعيد صالح مبكراً من خلال إنضمامه إلى المسرح المدرسي، وشارك في ‏المعسكرات في الإسكندرية، وكان يذهب إلى مسرح "الأزبكية" ويختبئ في طرقاتها لمشاهدة ‏الممثلين‎.‎

لم يدرس سعيد صالح التمثيل بشكل أكاديمي، بل إلتحق بالجامعة ليحصل عام 1960 على ‏ليسانس الآداب، لكنه مارسه كهواية على مسرح الجامعة مع مجموعة من الفنانين، الذين كانوا ‏معه في ذلك الوقت منهم الممثلين المصريين صلاح السعدني و عادل إمام‎ .‎

لعبت المصادفة دورها في دخول سعيد صالح إلى عالم الفن، حيث ذهب مع زملائه لمقابلة ‏المخرج والنجم السينمائي حسن يوسف، وانتبه الأخير إلى هذا الطالب المشاغب الذي لا يكف ‏عن المزاح، وتعطيل البروفة، فنادى عليه وأقنعه بالتمثيل فقدمه للمسرح، ولاحقاً قدمه يوسف ‏إلى مسرح التلفزيون، ليبدأ مشواره الإحترافي كفنان كوميدي متفرد‎.‎

وظهر في البدايات في أدوار صغيرة على شاشة التلفزيون والسينما والمسرح، إلى أن تفجرت ‏موهبته كفنان متفرد لا يقلد أحداً، إستطاع أن ينتزع الضحك بسهولة من أفواه الجماهير‎.‎

‎**‎

‎•‎مدرسة المشاغبين نقطة تحول‎:‎

وكان أول عمل مسرحي له بعدها "هاللو شلبي" وبعدها قدم مسرحية "مدرسة المشاغبين"، والتي ‏ظلت تعرض لـ 6 سنوات بنجاح منقطع النظير، حيث فتحت له أبواب النجومية ليصل مجموع ‏أعماله إلى 302 عمل ما بين مسرح وسينما وتليفزيون‎.‎

فكانت "مدرسة المشاغبين" فعلاً نقطة إنطلاق لصالحه وزملائه الذين شاركوه بطولة المسرحية، ‏وتحرك بهم قطار النجومية والشهرة إلى محطات كبرى‎.‎

‎**‎

‎•‎البطولة المطلقة والسجن‎:‎

وتوالت أعمال سعيد صالح في بطولات جماعية مع نجوم آخرين، مثل مسرحية "العيال كبرت" ‏‏1975، وشاركه يونس شلبي وأحمد زكي وكريمة مختار والممثلة المعتزلة نادية شكري، وبعدها ‏إرتحل إلى أدوار البطولة المطلقة، وقدم عام 1983 مسرحية "لعبة اسمها الفلوس"، وكعادته في ‏الخروج عن النص، قال جملة (إفيه) قلبت حياته رأساً على عقب، وإعتبرتها الرقابة نوعاً من ‏الإسقاط السياسي على الحكم في تلك الفترة، وتعرَّض للحبس ستة أشهر وسدد غرامة 50 جنيهاً، ‏في سابقة لم تحدث لفنان كوميدي من قبل‎.‎

وبعدها ظهر العداء بين صالح والرقابة التي إتهمته بالخروج عن النص والآداب والتعرض للقيم ‏الدينية، وأصدر القاضي حكماً بحبسه احتياطياً لمدة 7 أيام في سجن الحضرة بمدينة الإسكندرية، ‏وكانت تلك أول مرة يُحبس فيها فنانٌ إحتياطياً على ذمة التحقيق لخروجه عن النص‎.‎

‎**‎

‎•‎الإصرار على الغناء‎:‎

وإنشغل سعيد صالح طوال مشواره الفنى التمثيلي بحلمه بأن يكون مطربًا، برغم أنه تقدم إلى ‏نقابة الموسيقيين، ولكن حلمي بكر رفض إجازة صوته، وأقر أن صوت سعيد صالح كان يخدم ‏السياق الدرامي ليس إلا، مثله مثل فؤاد المهندس وشويكار وعادل إمام، ومع ذلك أصر صالح ‏على ممارسة الغناء والتلحين، وجاءت ألحانه تعتمد في معظمها على التراث والفولكلور‎.‎

وبدا تأثره الواضح بأسلوب فنان الشعب سيد درويش، وقدّم من خلال مسرحية "كعبلون" 1985 ‏بصوته وألحانه قصائد صلاح جاهين وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم، وفي ذروة نجاح المسرحية ‏التي لم تخل من "إفيهات" وخروج بطلها عن النص، حدث حريق غامض في مسرح ‏‏"الهوسابير" وسط القاهرة، والتهم ديكور "كعبلون" وتوقف عرض المسرحية‎.‎

‎**‎

‎•‎صداقة وثنائية مع عادم إمام‎:‎

صداقة قوية جمعت بين سعيد صالح وعادل إمام، وقد شكلا ثنائياً سينمائياً رائعاً في العديد من ‏الأعمال، أهمها مسرحية "مدرسة المشاغبين"، وأيضاً فيلم "سلام يا صاحبي" و"المشبوه" ‏و"رجب فوق صفيح ساخن" و"أنا اللي قتلت الحنش" و"بخيت وعديلة" و"الواد محروس بتاع ‏الوزير"، كما ظهر في آخر افلام عادل إمام منها "أمير الظلام" و"زهايمر"، حتى أن سعيد صالح ‏ليلة وفاة والدته ظل مع عادل إمام حتى الصباح، ووقف على خشبة المسرح بعد أن إنتهى من ‏دفنها‎.‎

إتهم النقاد الراحل سعيد صالح بأنه إرتضى أن يكون “سنيداً” للزعيم، رغم أنه سبقه بالبطولة ‏المطلقة، فيما البعض الإخر أرجع تفوق الزعيم لذكائه وإقناعه لسعيد صالح بأن يلعب الدور ‏الثانى أمامه، رغم موهبته الجامحة‎.‎

يذكر أنه بعد عرض فيلم “الجردل والكنكة” الذى شارك فيه صالح بدور صغير انتقده بعض ‏الصحفيين، رد قائلاً: “عادل صاحبى ولو طلبنى فى أى حاجة هعملها على طول”، وبعدها وافق ‏على الظهور كضيف شرف فى فيلم الواد محروس بتاع الوزير، ثم شارك أيضًا كضيف شرف ‏فى فيلم أمير الظلام‎.‎

كان فيلم "زهايمر" آخر الأفلام التى جمعت الصديقين، وكان سعيد صالح وقتها يمر بأزمة ‏صحية كبيرة‎. ‎

‎**‎

‎•‎إنتقاداته السياسية تفقده نجوميته‎:‎

لم يستطع الفنان سعيد صالح طوال مشواره الفني أن يبقي على اسمه من ضمن مصاف نجوم ‏الشباك، برغم بداياته التي كانت تؤهله لذلك، وقدراته الفنية التي اتفق عليها معظم النقاد، ولكنه ‏انشغل عن الفن بأشياء أخرى، أهمها السياسة التي كان يمارسها بشكل مستمر في المسرح، وقد ‏إتبع صالح منهج الصدام في الإنتقاد، وهذا لم يقيه شر من ينتقدهم‎.‎

وقد تسبب منهج الصدام في الانتقاد الذي كان يتبعه الفنان الراحل فى مسرحياته في الزج به ‏داخل السجن لعدة سنوات، بعد تلفيق بعض التهم له، والتي كان أولها تعاطيه المخدرات، في ‏الوقت الذي كان هو أكثر التزامًا من غيره من النجوم، ليخرج صالح بعدها نصف نجم حتى إنه ‏كان يوافق على أي أدوار تقدم له، حتى وإن كانت مشهدًا واحدًا لا قيمة له، مثلما فعل في فيلم ‏‏"الواد محروس بتاع الوزير" الذي ظهر فيه بمشهد صامت بآخر الفيلم مع عادل إمام‎.‎

‎**‎

ومضت الأيام بنجم الكوميديا، وظل على نقائه وتلقائيته المعهودة، ورغم إبعاده عن أدوار ‏البطولة، ظلت مكانته حاضرة لدى جمهوره العريض‎...‎

‎**‎

إعلامي وباحث في التراث الشعبي‎.‎


















يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 آب 2020 15:48