4 آب 2020 | 08:08

أخبار لبنان

حتّي يستقيل من حكومة "تستسلم للانهيار" و"تتنكّر" ‏لأزماتها العربية والدولية

كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول:‏‎ ‎لم يفاجأ الوسط السياسي باستقالة وزير الخارجية ‏والمغتربين ناصيف حتي من الحكومة، ‏التي تقدّم بها أمس إلى رئيسها حسان دياب والتي جاءت ‏قبل أربعة أيام من صدور حكم ‏المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق ‏الحريري، من دون أن تعني ‏بالضرورة أنها مرتبطة به‎.‎

وإن كان القرار الذي أعلنه وزير الصحة العامة حمد حسن بإقفال البلد 15 يوماً كتدبير ‏وقائي ‏لمكافحة انتشار وباء فيروس "كورونا" بعد أن أخذ يتفشى بأرقام غير مسبوقة ‏في ‏الإصابات، يعود لأسباب صحية، فإنه يهدف إلى تطويق ردود الفعل على الحكم الذي ‏يتهم ‏عناصر في "حزب الله" بارتكابها. وبصرف النظر عن رد فعل الحزب فإنه سيكون ‏للحكم ‏تداعياته على الوضع الداخلي في ضوء الموقف الذي سيتخذه رئيس الحكومة السابق ‏سعد ‏الحريري، من جهة، وتعاطي الحكومة معه من جهة ثانية، لأن الحكم سيفرض نفسه كبند ‏أول ‏على جدول أعمال المرحلة السياسية الراهنة ولا مجال للقفز فوقه، خصوصاً إذا ما تلازم ‏مع ‏ردود فعل دولية‎.‎

فإصرار حتي على الاستقالة رافضاً الاستجابة للمحاولات الرامية إلى ثنيه عنها، ينطلق ‏من ‏تقديره بأن الحكومة باتت عبئاً على نفسها وعلى اللبنانيين، بسبب عدم قدرتها على ‏وقف ‏الانهيار المالي والاقتصادي من جهة، وعجزها عن إحداث خرق في الحصار المفروض ‏عليها ‏دولياً وعربياً، وتلكؤها في فتح الباب أمام التفاوض مع صندوق النقد الدولي، رافضة ‏الأخذ ‏بالنصائح الدولية لتسريع المفاوضات التي ما زالت عالقة من جراء التأخّر في ‏تحقيق ‏الإصلاحات‎.‎

في هذا السياق، علمت "الشرق الأوسط"، أنه لا صحة لما يتردّد بأن استقالة حتّي، ‏جاءت ‏استجابة لنصائح خارجية، وإنما لعجز الحكومة عن استعادة ثقة اللبنانيين بحكومتهم، لأن ‏من ‏دونها هناك استحالة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي الذي يراهن لبنان على دوره في ‏مساعدته ‏للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية. وقالت مصادر سياسية إن للوزير حتي ‏تاريخا في حياته ‏الدبلوماسية ليس في وارد التفريط فيه، وأكدت أن وجوده في جامعة ‏الدول العربية أتاح له إقامة ‏شبكة من العلاقات التي أراد توظيفها لمصلحة إنقاذ لبنان، لكن ‏عبثاً تحاول في حكومة لا تتعاطى ‏في الشأن السياسي وتحوّلت إلى جزر بعد أن أقحمت ‏نفسها في عزلة عن الخارج. وكشفت ‏المصادر نفسها بأن حتّي، عانى ما عاناه وتبين له أنه ‏يتموضع في غربة عن الحكومة، لكنه ‏أعطى لنفسه فرصة لعله يتمكن من تصويب أداء ‏هذه الحكومة باتجاه العمل لتحقيق فك اشتباك ‏مع المجتمع الدولي والدول العربية القادرة، ‏غير أنه فوجئ بأن الحكومة تدير ظهرها لكل هذه ‏النصائح وتصر على اتباع سياسة الإنكار ‏والمكابرة للواقع المأسوي الذي يحاصر لبنان، من دون ‏أن تلوح في الأفق بادرة أمل تدعو ‏للتفاؤل بأن لدى الحكومة توجّها لإجراء مراجعة نقدية. وقالت ‏إن القشّة التي قصمت ظهر ‏البعير ودفعته إلى حسم قراره بتقديم استقالته، تكمن في الأسباب ‏الموجبة لهذه الاستقالة، ‏ليس هرباً من إنقاذ لبنان من موقعه في الخارجية، وإنما لأن هناك من ‏يرفع في وجهه ‏السواتر الترابية لمنعه من التوجُّه بخطاب تصالحي مع المجتمع الدولي والدول ‏العربية‎.‎

ورأت أن الدوافع التي اضطرته للاستقالة تنطلق من أسباب عدة، أبرزها: عدم التجاوب ‏مع ‏رغبته بفتح نافذة للتصالح تقوم على التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس وعدم إقحامه ‏في ‏تجاذبات خارجية تصب لمصلحة محور إقليمي ضد الآخر. كما أن حتي - بحسب المصادر -‏‏ ‏بدأ يلمس بأن هناك من يحاول تهميشه عبر إسناد المهام الخارجية لمدير عام الأمن العام ‏اللواء ‏عباس إبراهيم وكأنه ليس مرغوباً لدى بعض الدول العربية‎.‎

ناهيك من أن حتي كان أول من انتقد على طريقته الخاصة المواقف "النارية" لرئيس ‏الحكومة في ‏هجومه على سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا وفي غمزه من ‏قنوات سفراء عرب ‏بذريعة تدخّلهم في الشؤون الداخلية وامتناع دولهم عن مساعدة لبنان ‏تقديراً منه أن هذه المواقف ‏لا تخدم تضافر الجهود المحلية والخارجية لمنع الانهيار‎.‎

وقد اضطر حتي إلى استيعاب رد فعل السفيرة الأميركية وعمل على تحضير الأجواء للقاء ‏دياب ‏الذي انتهى إلى فتح صفحة جديدة معها رغم أنه لم يكن مضطراً لأن يفتح النار عليها ‏أسوة بما ‏فعله خلال اجتماعه بوزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان متهماً إياه بأن لديه ‏معلومات ‏ناقصة عن مسار الإصلاحات التي حققتها الحكومة‎.‎

فدياب - كما تقول المصادر - ورّط نفسه في مشكلة مع فرنسا التي تلعب دوراً لإقناع ‏المجتمع ‏الدولي بإعطاء فرصة للحكومة، وبالتالي يتحمل مسؤولية تعطيل دورها لإنقاذ ‏لبنان‎.‎

حتى أن حتي بادر إلى دعم ما قاله لودريان حول الإصلاحات، ما اضطر دياب إلى ‏تصحيح ‏موقفه باستقباله وفداً من السفارة الفرنسية بغياب السفير إصراراً من الأخير على ‏تسجيل ‏احتجاجه حيال ما صدر عن دياب‎.‎

كما أن حتي يتزعّم الدعوة لحياد لبنان وأن يبقى قرار الحرب والسلم بيد الحكومة، وهذا ما ‏أزعج ‏‏"حزب الله"، إضافة إلى أنه من الداعين إلى وقف الحديث عن وجود مؤامرات ضد ‏لبنان من ‏دون أن يقرن اتهاماته بأدلة، مع أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار ‏الوطني الحر" ‏جبران باسيل أيدا أقواله في محاولة للهروب إلى الأمام لتبرير تقصير ‏الحكومة. وأخيراً فإن حتي ‏بادر إلى قطع الطريق على باسيل الذي يتدخل في كل شاردة ‏وواردة تتعلق بالخارجية، ويحاول ‏أن يدير شؤونها، لذلك فإن الحكومة مهزوزة قبل أن تهزها ‏الاستقالة‎.‎


الشرق الاوسط ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 آب 2020 08:08