11 آب 2020 | 17:43

أخبار لبنان

دياب؟ حرام!‏

دياب؟ حرام!‏

قفا نحك


ليس مهما أن تستقيل حكومة حسّان دياب، فهي ليست من أتى بنيترات الأمونيا إلى مرفأ بيروت، ‏ولم تّظهر يوما إلا العجز عن أي حسم، في أي مجال. وها دول العالم الفاعلة تحضها، بلا جدوى ‏على إصلاحات بنيوية، كقطاع الكهرباء ووقف النهب الوطني في مجاله وفي مجالات أخرى ‏كالإتصالات، والمطار والمرفأ، ومعابر التهريب الشرعي(نكتة لبنانية) وغير الشرعي. مع ذلك، ‏زعم حسان دياب أنه حقق 97 في المئة مما هو مطلوب، لكننا لم نرَشيئاً.‏

الفاعل الحقيقي هو مفهوم السياسة عند اللبنانيين، وفهمهم دور الإدارة العامة لشؤون الناس. فما ‏انفجر هو نيترات الفساد الوطني الذي ترعرع في كنف منظومة سياسية- إدارية كانت، ولا ‏تزال، قاصرة عن فعل بناء الدولة،. فهي، منذ إنهاء الإنتداب، تمرست في جني المكاسب باسم ‏الطوائف، واسترضت الجمهور المنكفئ عن طلب حقوقه العامة بفتات أرباحها غير المشروعة، ‏فنشأ تواطوء بين "ديوك" الطوائف، وبينهم وبين "صيصانها" المصفقين لكل زعيم: للأخير ‏ملايين الدولارات، ولمن دونه الملاليم، حسب وضاعة مقام الأخير، ووقاحة شهيته، وتذلّله. ‏ولولا ما صنعته المرحلة الشهابية من تصليب بنى الدولة، لكان الحال انفجر قبل هذه الأيام ‏السود.‏

تطورت "كفاءة" هذه المنظومة في قضم الدولة، مقابل تراجع مفهوم العيب في الحياة العامة، ‏فصار جائع سرق رغيفا لصا متمرساً، وناهب ملايين الدولارات "شاطر، دبّر حاله". وإذا جلنا ‏النظر في أسماء المنظومة السياسية- الإدارية المتحكمة بمصير البلاد، لكان صعبا علينا أن ‏نحصي الأوادم بينهم، لندرتهم. لكن ما مفهوم كلمة أوادم، في هذا الزمن المنحط، حيث الدولة ‏دويلات، ومزاريب النهب أوتوسترادات، وما كارثة المرفأ إلا وجهها الأسوأ: أكثر من 160 ‏شهيدا، و6000 مصاب، وما يزيد على 20 مفقودا، و320 ألف عائلة مشردة، هي الأصوات ‏التفضيلية التي إقترعت بدمائها وأملاكها وبيوتها لانتفاضة 17 تشرين الأول، فما انفجر في مرفا ‏بيروت ليس 2750 طنا من نترات الأمونيا، بل هو أكثر من 70 سنة من فساد دولة الإستقلال، ‏حيث الجميع ينتفع من جعل وطن الأرز زريبة، ومرعى للمصالح الخاصة. وإذ يكتفي المواطن ‏البسيط بالفتات، يسلب "الكبير" الدسم، باسم حماية مصالح الطائفة، فيمضي "الصغير" عمره ‏منساقا وراء نهم "الأستاذ" و"البيك" لنهب المال العام، عله يمنحه حصة أكبر من فتات لا يسمن ‏ولا يغني من جوع عائلته.‏

ليس إسقاط الحكومة، التي لا يؤسف عليها، هو الحل. الحل بإعادة الإعتبار للقانون وقبله ‏الدستور، فلا يأتي رئيساً للجمهورية من يفرضه سلاح دويلة مرة بغزو مدينة بيروت وثانية ‏بتعطيل عملية الإنتخاب نحو سنتين، ويمنع لسنتين تشكيل حكومة، كرمى للصهر. من هذه عقليته ‏يزيد الفساد في زمنه ويتضاعف. فكيف وقد هدد بفضح الفاسدين ثم صَمَت صمْت الساعي إلى ‏شراكة في النهب، وما نشهد يؤكد "نجاحه" وتمرسه.‏

استقالة دياب، كما تسميته، لا تغيّر في الحال أمراً، فهو ليس السبب، بل النتيجة.‏



راشد فايد – النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

11 آب 2020 17:43