14 آب 2020 | 19:09

أخبار لبنان

عبد الساتر : من يميت الشعب يستحق ان يُحاكَم امام محكمة دولية


تصوير: حسام شبارو

عشيّة عيد انتقال العذراء مريم، احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر بالقدّاس الإلهيّ لراحة نفس الشهداء الذين سقطوا في انفجار بيروت وعلى نيّة المحزونين والمفقودين والجرحى، وذلك من منطقة مار مخايل- النهر، بمشاركة السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتاري ولفيف من الكهنة.

وفي عظته، قال المطران عبد الساتر: "هناك من سأل: لماذا القداس في مكان الموت هذا بين الردم والدم؟

جوابنا هو أنه في هذا المكان كشف الشر عن وجهه الحاقد وحاول ان تكون له الغلبة في وطننا لبنان، فقُتل الأبرياء، واختفى الأحباء، وتهدم جنى العمر ومُحيت الذاكرة، وتوقف الزمن.

وفي هذا المكان اخترنا ان نحتفل بالقداس لنعلن امام الجميع اننا بيسوع مخلصنا وربنا ننتصر على الموت بالقيامة، وعلى الشر بالمحبة والخير والغفران، وعلى القهر بالتضامن والتعاضد.

نحتفل بالقداس في هذا المكان لنعلن امام الجميع إيماننا انَّ موتانا الذين حاول الموت ان يطويهم، هم أحياء في قلب الله، وحاضرون معنا في هذا الوقت وفي هذا المكان بالذات. غيابكم مرّ وموتكم شقاء لا يُطاق. اننا نفتقدكم، ونبكيكم بدموع المحبة الغزيرة، ولكننا لن نيأس ولن نرحل عن هذه الأبنية والشوارع التي استُشهدتم فيها بل سنتجذّر فيها أكثر لأن فيها قلبكم ويدكم وصوتكم ونَفَسُكم.

هناك من سأل ويسأل: اين كان يسوع وأمه مريم لحظة الإنفجار؟ لماذا لم يخلصا الكسندرا وتريز ورالف وجو وأحمد وعلي وآرام، وغيرهم من الشهداء، من الموت؟

لست أدّعي أني أعرف مشيئة الرب في حياة كلّ إنسان. ولكني متأكد من حب الرب ووالدته مريم لكل إنسان، حب هو بالأحرى غرام، لأنني كل يوم أختبر هذا الحب. فأنا أقول امام الجميع إن الرب وأمه كانا عند مدخل مستشفى اوتيل ديو يحملان آلام الجرحى عنهم، وفي أروقة مستشفى مار جرجس يغمران الشهداء بحنانهما وفي ساحة مستشفى الجعيتاوي يعزيان ويشجعان وفي باقي المستشفيات يبكيان اولادهما المتألمين والهائمين ووجوهم كلها دماء.

الإنسان يُميت أخاه الإنسان ولكن الرب يحييه ويجعله في قلب الله ليحيى حياة ابدية من دون ألم ولا دموع.

والى المسؤولين في بلادي من كل الطوائف والأحزاب: متى ستتغيَّرون؟ متى ستتخلَّون عن الكذب والسعي خلف الكراسي والمال؟ متى ستكونون حقًا في خدمة من أئتمنوكم على حياتهم وأحلامهم؟ هل بكيتم من استُشهد؟ هل ستكفون عن الاستنكار والتصاريح الفارغة وتعملون بصمت، احترامًا للدماء التي هُدرت، على كشف حقيقة ما جرى ومن هو الفاعل الحقيقي؟ هل تشعرون بغضب الناس؟ اليس هذا الغضب هو ما جعلكم تخرجون من مقراتكم محاطين بجيش من الأزلام المسلحة؟ هل تسمعون لعنات الأمهات الثكالى؟

يا حسرتاه! وكأنه لم يكن الانفجار الكارثة في 4 آب. فها انتم تعودون الى ما كنتم عليه من قبل من اصطفاف ومحاصصة، من سجال عقيم ومماحكات لا تنفع. متى تتغيَّرون؟ متى تلين قلوبكم المتحجّرة؟ متى تتخلّون عن عقائدكم الطائفية والسياسية، عن قناعاتكم ووطنيّتكم الزائفة لتروا حقيقة واقع شعبكم فتعملوا لتكون له الحياة بوفرة؟

ايها المسؤولون في بلادي، أريد ان أعرف ومعي كل المنكوبين، حقيقة ما جرى. لماذا وقع الانفجار وكيف وعلى يد من؟ وهل ستحاسبون الفاعل؟

ايها المسؤولون في بلادي عن حياة شعبها، أكنتم رجال سياسة او تجارًا او موظفي دولة او مصرفيين او غيرهم، تذكروا ان من يُميت شعبًا، روحيًّا أو ماديًا او نفسيًّا يرتكب جريمة ضد الإنسانيَّة ويستحق ان يُحاكم امام محكمة دولية.

وانتم الذين تسعَون اليوم الى تغيير وجه المنطقة المنكوبة وتحريف تاريخها وقطع جذورها مستغلين ألم الناس وعوزهم، توقفوا عن فعل ما هو شرير ولا أخلاقي ومدوا اياديكم للمساعدة والتضامن.

إخوتي أخواتي،

نصلي على نية شهدائنا وأهلهم.

نصلي على نية المفقودين ليعودوا.

نصلي على نية الجرحى والمنكوبين.

نصلي على نية شبابنا وشاباتنا الذي اندفعوا في الخدمة والتضامن مع إخواتهم وأخواتهم بمجانيّة فوضعوا في قلوبنا الرجاء والعزاء.

نصلي على نية لبنان، ليحم الرب لبنان وشعبه".



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

14 آب 2020 19:09