اسعد حيدر
ذهب مصطفى الكاظمي الى واشنطن رئيسا للوزراء وعاد منها رئيسا للوزراء . كل المحاولات التي جرت حتى الان لإسقاطه فشلت ، من عمليات الاغتيال المنظمة الى القصف الصاروخي على وسط بغداد او على طريق الدوريات الاميركية لم تنجح في ثنيه عن زيارة الولايات المتحدة الاميركية ولقاء الرئيس دونالد ترامب . قبل ان يتوجه الى واشنطن اغتيل واحدا من افضل المثقفين والباحثين العراقيين وهو هاشم الهاشمي . كان من المفترض ان يرافق رئيس الوزراء الكاظمي خصوصا وانه مستشاره الناشط . اغتيال الهاشمي يكاد يشبه الى حد كبير اغتيال سمير قصير في لبنان وما جرى بعده . لذلك استمر مسار التصعيد في الاغتيالات المنظمة والمكشوفة رغم كل العتمة التي تحيط بها …
عودة رئيس الوزراء الكاظمي الى بغداد لم تكن عودة الى بغداد "الخضراء" وانما الى عراق مشتعل بالنار والاحداث من جنوبه الى شماله . في البصرة خصوصا استمرت وتصاعدت عمليات الاغتيال فاقدم المسلحون "المعلومين " في اربعين الهاشمي على قتل الناشط تحسين اسامة الخفاجي في منزله امام زوجته واولاده ثم اتبعوه بالأسلوب نفسه تقريبا مع الناشطة الرائعة والجريئة د. ريهام يعقوب . كانت مطالب الضحايا بسيطة ولكنها تفتح أبواب العراق نحو السيادة والحريّة والاستقلال ولذلك اغتيلوا والارجح سيغتال غيرهم لتطول لائحة الشهداء، مثلهم ومنهم . ما يعزز هذا الاحتمال ان القتلة ومن وراءهم اتهموا الشهداء بان الديبلوماسي -الأمني الاميركي تيمي دايفيد هو الذي حركهم ويحرك مع مساعديه انتفاضة البصرة ، ولم يبق هذا الاتهام بلا صدى او الافضل بلا محرك يتابع تغذيته فقد تولى مهرداد بذرباش رئيس تحرير صحيفة "وطن امروز " وهو أصلا كان نائبا للرئيس احمدي نجاد لشؤون الشباب ورئيسا لديوان المحاسبة في مجلس الشعب فكتب ان " الاميركيين هم الذين يتحكمون بحركة الشغب في البصرة". ويبدو ان مثل هذا الاتهام وعلى هذا المستوى الايراني يشكل ضوءا اخضر لمتابعة "وطاويط الليل " عمليات الاغتيال دون خوف من المسآلة والملاحقة .
مصطفى الكاظمي عاد ليتابع مهمته في قلب مرجل يغلي ، ان تراجع خسر وان اقدم دفع الكثير وربما حياته قبل منصبه . ولا شك ان الكاظمي قام "بأهم زيارة في اسواء ظروف"، وهو عاد ومعه ورقة الانسحاب الاميركي من قاعدة التاجي لكن رغم ذلك فان الحشد وما لف لفيفه ،لكن ذلك لا يكفي بالنسبة للطرفين المتصارعين في العراق . المنتفضون يريدون تحقيق نجاحهم والقوى الظلامية المدعومة من ايران يريدون السلطة والاندماج بالسياسة والمطالب الايرانية . بهذا فان وضع الكاظمي حرج وعليه ان يحسم بسرعة لان التردد سلاح قاتل ضده وضد المنتفضين ولا شيء يضمن اذا ما استمرت عمليات الاغتيال و والعجز الرسمي من التحول نحو انتفاضة مسلحة تتمناها القوى المناهضة من الحشد واخواتها . ولا شك ان هدم مقرات الأحزاب الملتصقة بإيران بالجرافات يؤكد مدى العنف والحقد الكامن لدى المنتفضين العراة الصدور.
الاسوأ ان ايران التي ترى انزلاق العراق من بين يديها تدريجيا ستشجع "سورنة " الوضع في العراق ، مما يسهل على القوى المعادية والمدعومة ايرانيا على اغراق القوى المطالبة بالسيادة والحريّة في بحر من الدماء بحجة انها متعاملة مع الاميركيين . والخوف الكبير ان تترك هذه القوى لمصيرها ولتتكرر بصيغة او اخرى صيغة وضع العراق تحت السلطة الايرانية كما حصل مع لبنان وقوات الردع السورية …
ما يشجع الامل بفشل هذا التوجه صلابة الكاظمي من جهة وعدم استعداد واشنطن سواء عاد ترامب او جاء بايدن على ترك العراق لمصيره وايضا وهو مهم حاليا ان السعودية لا تبدو مستعدة للاستقالة من موقعها ودورها في العراق لان سقوط العراق سيكون البداية لتغييرات واسعة ، فالعراق اليوم هو في القلب من صياغة مستقبل المنطقة…
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.