1 أيلول 2020 | 12:56

أخبار لبنان

رسالة من باسيل الى ماكرون .. ماذا تضمنت؟

رسالة من باسيل الى ماكرون .. ماذا تضمنت؟

السيّد الرئيس،


نلتقي اليوم في القصر الجمهوري في 1 أيلول 2020 بعد مئة عام على إعلان لبنان الكبير ‏بمساعدة فرنسا. هي معنا اليوم بشخص رئيسها في ذكرى المئوية الأولى مُعربة عن حرصها ‏على الحفاظ على لبنان الكبير.‏

إنّ هذا اللبنان ولد بفعل إرادة أبنائه بالعيش معاً في وطن يتّسع لكل تنوعاته الثقافية والدينية ‏ليكون رسالة حوار بين الشرق والغرب. ‏

على رغم من كل تناقضاتهم، وعلى رغم من نزاعات الآخرين وحروبهم على أرضه، أحسن ‏اللبنانيون حمل هذه الرسالة. إلّا أنهم أساؤوا إدارة دولتهم وأخفقوا في تدبُّر أمور فوارقهم.‏

لبنان الكبير يتعرض لخطرين داخليين داهمين: أولهما الطائفية التي جعلت الإنتماء الى الطائفة ‏أكبر من الإنتماء الى الوطن، وقسّمت الكيان الى كيانات والدولة الى دويلات والمجتمع الى ‏مجتمعات والقطاع العام الى مراكز نفوذ. ‏

وثانيهما: الفساد المحمي من الطائفية، والذي راح ينخر الدولة ومؤسساتها واقتصادها حتى ‏تهالكت بفِعل تحالف منظومة السياسة والمال وحمايتها لنموذج مالي واقتصادي منع الإستثمار ‏وعطّل الإنتاج، فأضحى المواطنون رعايا شبكة خدمات تغذيها مالية الدولة بدلاً من أن يكونوا ‏عناصر إنتاج في اقتصاد يغذي خزينة الدولة.‏

خطران داخليان، لو مهما حاول العالم مساعدتنا على مواجهتهما تبقى المسؤولية مسؤوليتنا في ‏دحرهما، ونحن عازمون مع الحكومة المنتظرة والمجلس النيابي على انتهاج وتنفيذ برنامج ‏إصلاحي مفصّل بنوداً ومحدد زمنياً، ونلتزم مع المجتمع الدولي السير به ليلتزم هو في المقابل ‏بإعانتنا على تخطي محنتنا.‏

أمّا الأخطار الخارجية فهي كثيرة، وأنتم حتماً مدركون لمعظمها، ويكفي تعدادها لتظهر من جهة ‏مناعة الوطن الصغير في قلب منطقة متفجرة بطبيعتها، ولتظهر من جهة ثانية حاجته الى ‏مساعدة أصدقائه في حفظ رسالته، وأنتم حتماً، السيّد الرئيس، واعون وحريصون ومبادرون. ‏

إنّ النزاع العربي ـ الإسرائيلي هو على رأس هذه الأخطار والإرهاب التكفيري يليه أذىً، فيما ‏اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري، على اختلاف طبيعتيهما، يتساويان بهَتك نسيجه الاجتماعي ‏وتقويض اقتصاده.‏

أمّا نزاعات المنطقة على أنواعها الدينية والمذهبية والعرقية والقومية والتوسعية والنفطية فتنعكس ‏كلها على لبنان احتكاكاتٍ داخل مجتمعه المركّب. ‏

لبنان هنا في حاجة الى استراتيجية دفاعية وطنية يتوافق عليها أبناؤه لكي تحفظ له قوته وتحميه ‏من اعتداءات الخارج. هو في حاجة أيضاً الى توافق داخلي على وضعية تحميه من أطماع ‏الخارج بضمان المجموعة الدولية، تبعد عنه مشكلات الخارج وتبعده عن مشكلات الخارج. ‏البعض يسمّيها حياداً ناشطاً أو إيجابياً، والبعض يسميه تحييداً، أما نحن فنقول انه تلاقٍ داخلي ‏وخارجي على الحفاظ على صورة لبنان - الرسالة، لبنان - النموذج، لبنان - الكبير.‏

النزاع هو هو، بين من يريد لبنان الكبير ومن يريد لبنانات صغيرة، ويبقى لبنان أكبر من حدوده، ‏فحدوده هي العالم.‏

السيّد الرئيس،

مئة عام مرّت تهدّمت خلالها بيروت وقامت، تزعزع لبنان وصمد، أما أهله فتوزّعوا بين من ‏مات ومن هاجر ومن بقي.‏

لبنان صامد وباقٍ وأهله متجذرون فيه، إلّا أنّ الأزمات تراكمت وثقلها أصبح أكبر من أن يحمله ‏الوطن الصغير. زيارتكم تأتي في هذا الوقت بالذات لتؤكد استعدادكم لمؤازرته ولكي يؤكد هو لكم ‏تمسّكه بالقيم الإنسانية وبقيَم الجمهورية. إنّ تغيير نظامنا أصبح ملحّاً للإنتقال نحو الدولة المدنية ‏الشاملة، إلّا أنّ الجمهورية تبقى ثابتة، وهي الأساس، ومهما توالت الأزمات يبقى الأهم أن ينهض ‏لبنان بدوره الريادي في هذه المنطقة، وأن يتمكّن بالتعاون معكم مِن وَصل ضفّتي المتوسط ‏ليكون واحة سلام وازدهار. ذلك شأن ثقافتنا وفكرنا ودورنا.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 أيلول 2020 12:56