3 أيلول 2020 | 07:38

أخبار لبنان

15 يوماً.. أو الاعتذار والمواجهة

15 يوماً.. أو الاعتذار والمواجهة



المصدر: "نداء الوطن"- محمد نمر


بكثير من التسرّع "العاطفي" أطلق أصحاب نظرية "الضربة القاضية على "حزب الله" انتقادات لخيار رؤساء الحكومات السابقين بتسمية مصطفى أديب لتأليف الحكومة. جاءت المواقف المتسرّعة خلال 24 ساعة من الاعلان عن الاسم، مغلّفة بعناوين "تنازلات، تسوية فرنسية – ايرانية، تفريط بالأمانة، غطاء جديد للسلطة والعهد". ولا شك أن المشهد في لحظته كان يوحي بذلك من النظّارات "العاطفية"، فيما كان الأفضل التروي في اطلاق المواقف والعودة إلى السياسة و"فن الممكن"، بعيداً من فوضى المعلومات الإعلامية الملوّثة بالحسابات الضيقة.

ليست مقدمة دفاعية عن خيار رؤساء الحكومات، ولا عن الرئيس سعد الحريري، بل دعوة إلى التدقيق في ما قام به هؤلاء، خصوصاً أنهم مؤمنون بنظرية "تسجيل النقاط إلى حين الانتصار"، لأن الضربة القاضية ستقضي معها على لبنان. ويمكن تعريف هذا الأسلوب في العلم العسكري بـ"معارك الاستنزاف". وليست كلمات للترويج للرئيس المكلف مصطفى أديب، ولا لتبرير مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

تعالوا إلى الطاولة التي جمعت رؤساء الاحزاب مع ماكرون في منزل السفير الفرنسي في بيروت. هناك يصبح المشهد مختلفاً، خصوصاً في ما سرّبته وكالة "المركزية" من كلام للحريري، وهو نص دقيق وحرفيّ، لم يبنه الحريري عن عبث، بل هو أشبه برسالة إلى الخصوم والحلفاء والقريبين في الداخل والخارج. كلمات تؤكد أن عمر الفرصة التي قدمها الحريري بتسميته أديب هي: 15 يوماً، وإذا تحققت مواصفات الحكومة المطلوبة، ينطلق لمهلة الثلاثة أشهر لتحقيق الاصلاحات والمصالحة مع المجتمعين الدولي والعربي، أما إذا هناك من يستعد للعرقلة فحينها "لا يلوم إلا نفسه"، ما يعني أن عمر التشكيل 15 يوماً و"إلا الاعتذار".

هي الفرصة الأخيرة، خسارتها تعني "المواجهة الكبرى"، فالحريري ملّ من القوى السياسية وسئم من أساليبها. يأتيهم بأجندة لبنانية يأتوه بأجندة سلطوية أو خارجية أو طائفية. ولم يعد هناك ما يخسره ولا يهمه مصيره السياسي، خصوصاً في ظل محاولات القضاء عليه سياسياً، فضلاً عن ان التضحيات كلفته مخاصمة الكثير من الناس "لبنانياً ودولياً". اتخذ الحريري خيار محاصرة الجميع، الحلفاء والخصوم وليس في وارد تحمل تقاعس أي فريق. استخدم كل أوراق الفرص، وتسمية أديب كانت الورقة الأخيرة ليبدأ بعدها باستخدام جواكر "الضربات القاضية" التي يملكها منذ العام 2005 إلى 2020.

بنبرة حادة، يقول الحريري: "لم يكن اي شيء يجبرني على التسمية، لا سياسياً ولا سنياً. انا ضحيت الكثير، وليكن واضحاً أنها المرة الاخيرة التي أضحي فيها. واذا كان هناك من لا يريد مواكبة هذه الفرصة، فهي ستكون آخر مرة، وعندها لا يلوم إلا نفسه. لأن الناس هذه المرة ستأكلنا أكلاً". ورسم الحريري خريطة الفرصة التي قدّمها.

- أي تأجيل في تشكيل الحكومة أو محاولة سياسية لفرض أشخاص فيها أو أي عرقلة لبرنامج الاصلاحات فسأسحب يدي بالكامل.

- لست خائفاً على نفسي ولا يهمني مصيري السياسي بل خائف على البلد واللبنانيين.

- الفرصة هذه لا تعني مصالحة مع "الوطني الحر" و"حزب الله".

- خلافاً لما قاله النائب محمد رعد فنحن مع انتخابات مبكرة وشطبها من المبادرة إشارة سلبية.

- في هذه الحكومة أنا لا اريد شيئاً، ولا اريد احداً من تيار المستقبل، ولن ارشح احداً ليكون فيها.

في المقابل، من الواضح أن الفريق الذي جاء بحسان دياب يغرق في مستنقع الاحباط، فورقتهم لرئيس حكومة "باش كاتب" احترقت. 250 يوماً يمسكون بالبلاد والعباد، رفضوا خطة الحريري، حاولوا فرض معادلة سعد – جبران، لم يتركوا رقصة بهلوانية إلا وقدموها للرأي العام، أرادوا الذهاب شرقاً وروجوا لمساعدات إيرانية وتطبيع مع النظام السوري، وحسابات كيدية بالجملة، وكانت النهاية العودة إلى شروط الحريري بمعادلة جديدة عنوانها "أديب – عون". ويستشف من كلام الحريري ان خريطة الطريق واضحة: لا وزارات للقوى السياسية، لا حصة لرئيس الجمهورية ولا لباسيل ولا لـ"حزب الله" "ولا من يحزنون"، ولا تدخّل في مضمون البيان الوزاري. وهي عملية نقل العهد من مرحلة تكريس اعراف على حساب اتفاق الطائف إلى مشرف على تطبيقه، كما لو ان السحر انقلب على الساحر، ومن اتخذ خيار تصغير موقع رئاسة الحكومة من خلال "كتاب انجازاتي يا عين" يجد نفسه اليوم محاصراً. فيما الخلاصة واضحة: كلام الحريري يثبّت المعادلة نفسها التي وردت في رده على رئيس "المردة" سليمان فرنجية، ويكتبها للجميع: "الحريري لن يلدغ من جحر مرتين"!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 أيلول 2020 07:38