15 أيلول 2020 | 15:35

خاص

سراج منير "إبن الأكابر"

- زياد سامي عيتاني -

فنان خلق فى زمن الفن الجميل، يتمتع بطله وهيبة، هو خليط فنى رائع التكوين، يجيد التحكم فى أداء شخصياته بحرفية عالية وتمكن بالغ التميز، هو الفنان الكبير سراج منير، الذى طل على شاشة السينما فى دور الأب المتزمت والقاسى، والأب العصرى الحنون، وفى أحيانا أخرى تجده المجرم والبلطجى، حيث أن قدرته على التقمص، وبراعته في تقديم الشخصيات المركبة، جعلت من الفنان سراج منير، أحد أعمدة زمن الفن الجميل، علماً أنه كان يلقب في الوسط الفني "بإبن الأكابر" كونه إبن عائلة مرموقة...

وتكريماً لذكرى غيابه ١٣ أيلول ١٩٥٧، نستذكره مسيرته الفنية، من خلال إستعراض لأهم محطاتها.



•بدايته:

-بدأت هواية التمثيل عند سراج منير بعد حادثة طريفة عام 1922، عندما دعاه بعض أصدقائه إلى سهرة فى منزل أحدهم، وحينما وصل إلى المنزل المقصود، فوجئ بأن السهرة عبارة عن مسرح نصب فى حوش المنزل، واشترك الحاضرون فى تمثيل إحدى المسرحيات، وكان سراج منير هو المتفرج الوحيد، وتركت هذه الحادثة أثراً فى نفسه، حيث ولدت فى داخله هواية التمثيل، وبالتالى أصبح عضواً فى فريق التمثيل بالمدرسة.

بالرغم من أنه أحب الفن منذ أن كان طالبا فى الإبتدائية، لكنه نسي الأمر بعد أن إنتهى من الدراسة الثانوية، لما قرر والده أن يدرس الطب فى ألمانيا، فلم يكن أمامه إلا أن ينصاع لكلام والده.



•كومبارس في ألمانيا بدلاً من الطب:

لم يكن سراج منير يعلم أن بحثه عن عمل ينفق منه على نفسه في غربته سوف يكون السبب في إبعاده عن دراسة الطب، فانخرط في العمل السينمائي، حيث ساقته ظروفه للعمل فى أحد الإستوديهات، إذ بدأ سراج يعمل فى السينما كومبارس فى الأفلام الألمانية الصامتة، أثر هذا بطبيعة الحال على دراسته التى تركها بعد فترة ليست قصيرة وتفرغ للفن مترجلاً بين استوديوهات برلين.

وترك دراسة الطب ليتجه إلى دراسة السينما، وفي أثناء الدراسة في ألمانيا تعرف المخرج المصري محمد كريم الذي كان يدرس معه الإخراج السينمائي.



•الحرب العالمية تفتح له باب الفن:

أثناء تواجد سراج منير فى ألمانيا تلقى برقية من فرقة مصرية للمسرح تستدعيه للعمل معها، قبل أسابيع من بداية الحرب العالمية الثانية، وكانت البرقية بمثابة المنقذ من الأسر بالنسبة له، حيث بدأت ألمانيا الحرب بدخول النمسا، وتفاقمت الأوضاع، ولم يتمكن مصري واحد من الخروج من ألمانيا إلا بعد ست سنوات، إلا أنه فلت من الأسر بهذه البرقية.

مع بدء الحرب العالمية الثانية يقرر سراج منير العودة إلى القاهرة بعد أن ضاع حلمه فى أن يصبح طبيباً، وتم قبوله عضواً فى مسرح رمسيس، وبعد فترة ينتقل إلى الفرقة الحكومية، وتأتى أول فرصة له فى السينما فيسند له دور فى فيلم "زينب" عام 1930م، لتتوالى عليه الأعمال بعد ذلك.



•الإنضمام إلى فرقة الريحاني والزواج من ميمي شكيب:

إنضم سراج منير لفرقة نجيب الريحانى، وإستطاع أن يسد الفراغ بعد رحيل نجيب بالوقوف بجانب أعضائها ولم شملهم.

وأصبح سراج نجماً لـ"أبو الفنون" بعد وفاة الريحانى، وقبل رحيله أراد أن يجعل من فرقة الريحانى مدرسة تخرج جيلاً جديداً من فناني المسرح الكوميدي.

تعرف سراج منير على ميمى شكيب فى فيلم (ابن الشعب) عام 1934 وارتبط بها وأحبها ولكن اعترضت أسرته على زواجه بها لأنها مطلقة ولديها ابن من طليقها،

بعد عدة سنوات انضم لفرقة نجيب الريحانى المسرحية ليلتقى مرة أخرى بميمى شكيب، ويتجدد حبهما ويتدخل نجيب الريحانى لدى الأسرتين ليقنعهما بزواجهما، وتم الزواج بينهما وعاشا فى سعادة 10 سنوات حتى رحل عن الحياة وأصيبت بعدها ميمى شكيب بحالة نفسية سيئة.



•أول بطولة سينمائية:

وكان لسراج، إطلالة مميزة، وهيئة رياضية، لاسيما أنه كان ممارساً جيداً لرياضة الملاكمة، جذبت إليه أنظار صناع السينما، وكانت بدايته مع الفيلم الصامت "زينب"، أمام الفنانة بهيجة حافظ، عندما إختاره صديقه محمد كريم لبطولة فيلمهِ الأول الذي أنتج عام‪1930‬.

لكن يعد دوره فى فيلم "جعلونى مجرما" عام 1954 بطولة فريد شوقي وهدي سلطان ،عندما مثل دور العم الظالم لفريد شوقى، من أهم أدواره. 

قدم سراج منير على مدار تاريخه الفني، مايقرب من 140 فيلم سينمائي، منها "الإيمان"، "بيت الأشباح"، "القلب له أحكام"، "البؤساء"،"رصاصة في القلب"، "الوسادة الخالية"،"بنات اليوم"، سمارة،"عنتر ولبلب"،"شباب امرأة"،"إنت حبيبي"،"علموني الحب"،"ذهب"،"إبن ذوات".

إلا أن "عنتر ولبلب" حقق نجاحاً ضخماً عوض به تخليه عن مكانته الإجتماعية وتركه للطب.



•الإنتاج يتسبب بإفلاسه:

قرر سراج منير، خوض تجربة الإنتاج السينمائي، وإعادة تقديم رواية "حكم قراقوش" التي سبق ونجحت على مسرح الريحاني، وتحويلها إلى فيلم عام 1953، من بطولة نور الهدى، وزكي رستم، وإخراج فطين عبدالوهاب، وأنفق ما يقرب من 40 ألف جنيهًا، ولكن لم ينجح الفيلم كما كان متوقعًا، ولم يحقق أرباح سوى 10 ألاف جنيه، الأمر الذي أصابه بذبحة صدرية كادت تودي بحياته، خصوصًا وأنه اضطر إلى رهن الفيلا التي كان يقطن به لتسديد مديونياته.



•الموت يخطفه عن آخر أفلامه.

وأراد سراج منير التغلب على أحزانه، والعودة مجددًا إلى التمثيل، وكان أخر أفلامه "حتى نلتقي" أمام فاتن حمامة وأحمد مظهر وعماد حمدي، ولم يمهله القدر لإستكمال الفيلم، حتى رحل عام 1957، الأمر الذي تسبب في حزن شريكة حياته ميمي شكيب، التي عاشت بعده بمفردها مايقرب من 20 عامًا.





طيلة مشواره الفني، لم يستطع سراج منير أن ينسى أنه إبن الأكابر وكان يعيش فى صراع بين عائلته التى وصلت لأعلى المراكز ولمهنة "المشخصاتي"، لذا كان حريصاً كل الحرص لتقديم أدوار مميزة ورصينة، جعلته يحتفظ بمكانته الإجتماعية والعائلية المرموقتين، وأن ينتزع كل الإحترام والتقدير من جمهوره العريض، وفي مقدمته أبناء "الذوات" منهم...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 أيلول 2020 15:35