15 أيلول 2020 | 19:08

مقالات

الفجور وأنواعه..

الفجور وأنواعه..



النهار -قفا نحك -راشد فايد



لم أشعر بود تجاه رئيس الحكومة المستقيل الدكتور حسان دياب لاسباب، منها ان فرحته بتسميته لتأليفها اعمت بصيرته وبصره عن مغزى طريقة اختياره، ومحاولة من اختاره ارساء اعراف جديدة تغاير الدستور، بينما وعى أهمية اللحظة في تدبير شؤونه كمطالبته جامعته بمترتبات مالية عن سنوات عمله فيها، ومن دون وجه حق، على ذمة البعض.

أمور كثيرة تسجل على دياب، وتنفّر الناس، كزعم تحقيق 97 في المئة من انجازات تخيلها ولم يرَ اللبنانيون قبسا منها، لا في الكهرباء، ولا في الاتصالات، ولا في الازمة المالية. ولعل أكثر ما مجّه الرأي العام اصراره، كلما تسنى له، على الانتحاب على ما فعلته الحكومات السابقة ناسيا انه قُدّم الى اللبنانيين بوصفه "الطبيب المداويا".

الحديث عن بكائيات دياب، وسقطاته، يطول، لكن يسجل له جملة في "كتاب انجازاته التاريخية" هي قوله "كان الفساد في البداية خجولا، ثم أصبح جريئا، وبعد ذلك وقحا، الى ان أصبح فاجرا، وجزءا رئيسيا من مكونات الدولة والسلطة والمجتمع".

لم يُثر هذا "التقييم" أي رد فعل، مع أن الفساد ليس ماليا فقط. لم يعترض عليه أحد، لا الفاسدون، ولا ضحايا الفساد، أي المكلف اللبناني. لكأن تواطؤا غير مرئي قائم بين الجهتين على طريقة متلازمة ستوكهولم. فضحايا الفساد ينسون انهم يلحسون المبرد، ويصفقون للزعيم الذي ينحر مستقبل بنيهم.

قمة الفجور، الذي وصفه دياب، سجلته مقابلة متلفزة استثنائية لرئيس الجمهورية، ولم تُدحض، هي قوله: "إن عددا من المقاولين جاءوا يشكون ان معاملاتهم لا تمر في وزارة المالية إلا بعد دفع 4 أو 5% ، واحيانا أكثر، من الخوات. وقد طلبت منهم الذهاب الى القضاء فامتنعوا، فسألتهم هل تشهدون اذا أقيمت دعوى أمام القضاء فقالوا لا".

فَهم (؟!) وزير المالية الأسبق، علي حسن خليل، انه هو المقصود، فأصدر بيانا قال فيه بالحرف: فخامة الرئيس، وبغض النظر عمن تقصد وفي أي مرحلة، ولأننا نعرف أنك تعيش في حالة انكار، فلتسم هؤلاء ولمن دفعوا، علهم يتحدثون عن الحقائب المنقولة الى بعبدا، وقصرها، ولا يتجرأون على اثباتها ايضا.

لم يحرك هذا "الفجور" المشهود النيابات العامة لملاحقة ناقلي الحقائب، ومتسلميها، فيما القضاء يلاحق اشخاصا بجرم "القدح والذم والتحقير"، بتهمة نشر تدوينات تطال رئيس الجمهورية. لكن الفجور الأكبر يبقى في عودة أهل السياسة الى المماحكات التافهة حول التوزير و"فوازير" الأسماء والحقائب، وعدد المقاعد، وحصص الطوائف، كأن البلد في أحسن أحواله، وكأن تشريد 300 ألف مواطن، واستشهاد نحو 200 ضحية، وتدمير عشرات الأبنية أمور لم تقع.

والفجور، أيضا، في الدعوة إلى دولة مدنية وإصرار المنادي بها على شيعية حقيبة، تعديلا لما وزنه اتفاق الطائف وأقره.

إذا ولدت حكومة أديب، كما يريدها الأعم الأغلب من اللبنانيين، وأصلحت الأمور، سيكون للأجيال المقبلة أن تشكر ماكرون والإتحاد الأوروبي وقانون القيصر وماغنتسكي والقرار1701 ولفيفه...والعقوبات الدولية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

15 أيلول 2020 19:08