17 أيلول 2020 | 17:32

خاص

مار مخايل.. منطقة الكنوز الأثرية المهددة بالزوال

مار مخايل.. منطقة الكنوز الأثرية المهددة بالزوال

زياد سامي عيتاني - إعلامي وباحث في التراث الشعبي

في ذاكرة سكان بيروت عموماً الكثير من القصص مع الأدراج، فهي بالنسبة لهم شرايين العبور بعيداً من الزحمة والشوارع المكتظة...

ولكل درج قصة في منطقة "مار مخايل" المشهورة بأدراجها المتعددة بين الأبنية والبيوت والتي تربط الأحياء ببعضها، في حين كانت "مار مخايل" منطقة زراعية غير مسكونة، فقام السكان ببناء الأدراج بالقرب من بيوتهم، فإكتسب كل درج إسم من بناه، من هنا تسميات "درج مسعد" و"درج جعارة" وغيرهما...



•درج "جعارة":

درج "جعارة" أو ما يعرف بدرج "الفاندوم" نسبة إلى سينما "الفاندوم" التي كانت موجودة هناك. هذا الدرج فقد جزءاً من رونقه مع إقتلاع السينما منه وقيام ورشة بناء كبيرة مكانها. أما البيوت الأخرى فما تزال صامدة حاولت مواجهة "وحوش الباطون" .

وهذا الدرج تم إنعاشه في السنوات الأخيرة من خلال (collective kahraba)، الذين ينظمون سنوياً مهرجان "نحن والقمر جيران" .

و"درج جعارة" واحد من الأدراج الذائعة الصيت، فهو المحطة الأكثر إستقطاباً للسياح، يرتاح فيها المارة ويستمتعون بإكتشاف حركة المدينة التي لا تهدأ ليلاً ونهاراً.

يربط درج جعارة منطقة "مار مخايل" بمنطقة "الجعيتاوي". غالبية المارة تستهويها جلسات السمر الطويلة هناك، خصوصاً أن منهم من يهوى ترك دليل من "إتره" في المكان، فيكتب شعاراً على الحائط أو يخط رسماً عشوائياً. أعقاب السجائر تشهد أيضاً على عدد المارة. كذلك رسوم الغرافيتي الغريبة تعكس أذواق هؤلاء وتوقهم إلى مساحات عامة مشتركة مفتوحة على إحتمالات الاتصال والتواصل بينهم وبين الجوار...



•درج "مسعد":

كما يوجد في منطقة "مار مخايل" درج آخر يعرف ب"درج مسعد"، الذي نال إنتباه اللبنانيين بعدما تم إدراجه ضمن لائحة الأثار اللبنانية، درج عمره 80 سنة يصطف على جانبيه البيوت القديمة، وكان الدرج مرصوفاً بحجارة البحر قبل أن تزال في منتصف القرن الماضي وتُستبدل بطبقة من الإسمنت والباطون.

وقد تم إنقاذ هذا الدرج من الزوال، بتصنيفه أثاراً، بعدما حاول أحد المستثمرين تدميره من أجل إنشاء طريق للشاحنات التي تعمل في ورشة بناء على أحد اطرافه.

وهذا الدرج تختلف تسمياته بحسب السكان، فبعضهم يطلق عليه اسم درج "سلوان"، نسبة إلى أحد الاشخاص الذي سكن بقربه قديماً، وبعضهم الآخر يطلق عليه اسم درج "مار مخايل"، لكن التسمية الأكثر شيوعاً هي "درج مسعد"، التي أطلقت نسبة إلى "مسعد"، أحد الأشخاص النافذين الذي سكن في أحد الأبنية المحيطة به.

ويعتبر الدرج أيضاً منصة للأعمال الثقافية نظراً لعرض عتباته وطوله.



•منطقة للفن والسهر:

إعتباراً من العام 2006 قصدت المطاعم والحانات والمعارض المنطقة حبّاً بطابعه العمرانيّ والإجتماعيّ الفريد، إذ في العام 2014، تمّ إحصاء حوالي 50 محلّاً جديداً في المنطقة للمصمّمين والفنّانين، بالإضافة إلى أكثر من 70 معرضاً فنيّاً وحانة ومطعم، حيث نجد أفضل مصممي المدينة الذين أنشأوا متجرهم وأضفوا طابعها على المنطقة.

فتتميز منطقة "مار مخايل" بأنها منطقة فنية، حيث أنشئت فيها منذ العام 2010 صالات عرض فنية، الأهم بالتأكيد هو معرض "تانيت" لصاحبته نايلة كتاني، الواقع على الحدود مع الجميزة، الذي توفي مصمم المبنى الذي تقع فيه والقرية الشرقية المعماري جان مارك بونفيس.

بدورها المصمّمة لينا عودة كانت أول من إفتتح فرعاً لمحلها «ليوان» الباريسي في «مار مخايل» للحرفيات الحديثة، بين كاراجات تصليح السيارات ودكاكين الحرفيين الصغيرة.

بعد «ليوان»، كرّت السبحة، فتوافد المصممون والمعماريّون على المنطقة، أقلّه في شارعي «مدريد» و«فرعون». هكذا، إفتتحت مهندسة الديكور والمصممة ماريا هاليوس مكتبها مع صالة العرض "maria halios design" عام 2009، والمعماري كريم بكداش "Karim Bekdache studio" مع بداية 2010، كما أن مصمّمة الأزياء نيلا نمّور إفتتحت محلها "Pink Henna" للأكسسوارات. ولا ينبغي أن ننسى "papercup" المكتبة-المقهى التي تركّز على الفنون البصريّة، في بناية «هاغوبيان» التي يقصدها عشاق الكتب الجميلة الخاصة بفن والعمارة والتصميم والتصوير الفوتوغرافي وغير ذلك الكثير.



في "مار ميخائيل"، المباني عبارة عن مزيج من المنازل والمكاتب القديمة التي تستحوذ عليها في الغالب شركات تعمل في مجالات الفن والتصميم والإعلام والثقافة.

توفر الزوايا الخفية والساحرة ل"مار ميخايل" الصامت أكثر "سكنيًا"، نزهات صغيرة حميمة في قلب هذه المنطقة، حيث كل التفاصيل، أحيانًا مخفية، تنادي وتغوي...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

17 أيلول 2020 17:32