20 أيلول 2020 | 08:26

أخبار لبنان

مهلة ماكرون لن تكون مفتوحة.. تأليف الحكومة أو اعتذار أديب

مهلة ماكرون لن تكون مفتوحة.. تأليف الحكومة أو اعتذار أديب

كتبت صحيفة "الشرق الأوسط" تقول: قالت مصادر سياسية إن اللبنانيين راهنوا على المبادرة ‏التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ بلدهم من الانهيار الاقتصادي والمالي، فإذا ‏به يصطدم بحائط مسدود، ما اضطره إلى طلب تمديد المهلة الزمنية التي حددها لتشكيل حكومة ‏ذات مهمة إصلاحية، تلقى الدعم المطلوب دولياً، لانتشاله من الهاوية وتوفر الشروط لتعافيه ‏المالي‎.‎

لكن طلب ماكرون تمديد المهلة - كما تقول المصادر السياسية لـ"الشرق الأوسط" - وضعه أمام ‏معادلة جديدة لم تكن في حسبانه، وتقوم على التلازم بين إنقاذ صدقية فرنسا وإعادة الاعتبار ‏لمبادرتها، وبين إيجاد مخرج من الوضع المتأزم في لبنان، والذي لن يكون إلا بتشكيل حكومة ‏مستقلة من اختصاصيين تتبنى خريطة الطريق التي توافق عليها الرئيس الفرنسي مع القيادات ‏اللبنانية، أكانت رسمية أو سياسية‎.‎

ورأت المصادر نفسها أن المهلة التي طلبها ماكرون لن تكون مفتوحة، وإنما لا بد من تحديدها ‏زمنياً، وهذا ما يدفعه إلى تكثيف اتصالاته الدولية لعله يتمكن من إقناع واشنطن وطهران بوجوب ‏تحييد لبنان عن دائرة الاشتباك السياسي الذي يتصاعد بينهما من يوم لآخر، وقالت بأن الخيار ‏الآخر الذي يمكن أن يلجأ إليه يكمن في إقناع "الثنائي الشيعي" بتسهيل ولادة الحكومة الجديدة ‏بموافقته على تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، بدءاً بتخليه عن ‏إلحاق وزارة المالية بوزير شيعي‎.‎

وكشفت المصادر السياسية أن اللقاءين اللذين عقدهما ماكرون مع رؤساء الكتل النيابية في قصر ‏الصنوبر لم يتطرقا إلى تطبيق المداورة في توزيع الحقائب أو إلى إسناد وزارة المالية إلى وزير ‏شيعي. ونقلت عن رئيس حكومة سابق فضَّل عدم الكشف عن اسمه قوله بأن اللقاء الوحيد الذي ‏عُقد بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبين زعيم تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري لم ‏ينتهِ كما تردد إلى موافقة الأخير على أن تكون وزارة المالية من حصة الشيعة‎.‎

ولفتت إلى أنهما بحثا في تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة السفير مصطفى ‏أديب، وأن الرئيس بري أبدى كل استعداد للإسراع بولادة الحكومة، وهذا ما عكسه مكتبه ‏الإعلامي في البيان الذي أصدره في اليوم التالي من اللقاء، وفيه أنه لن يشارك في الحكومة؛ ‏لكنه سيقدم لها كل التسهيلات‎.‎

ونقلت المصادر - بحسب رئيس الحكومة السابق - أن الحريري ناقش مع بري وضع العقوبات ‏الأميركية المفروضة على معاونه السياسي النائب علي حسن خليل جانباً، والالتفات لإعطاء ‏فرصة للإسراع بتشكيل الحكومة، لأن لديهم إصرار على إنجاح المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان ‏من التأزم‎.‎

ولدى سؤال المصادر السياسية عن الأسباب الكامنة وراء إحجام الحريري عن الرد على ما تردد ‏بأنه توافق مع بري على أن تكون وزارة المالية من حصة الشيعة، أجابت بأن الحريري يفضل ‏أن يلوذ بالصمت حتى إشعار آخر وعدم الدخول في سجال؛ لأنه لا يريد الدخول في صدام يقود ‏إلى رفع منسوب الاحتقان بين السنة والشيعة، وأنه يحتفظ لنفسه بتحديد الوقت الذي يسمح له بأن ‏يضع النقاط على الحروف، منعاً للاستمرار في نسب مواقف له يغلب عليها التأويل‎.‎

وقالت بأن رؤساء الحكومات السابقين أكدوا في اجتماعهم التشاوري أول من أمس تمسكهم ‏بتطبيق المداورة في توزيع الحقائب، وأن المشكلة ليست بين السنة والشيعة، وإنما مع قوى ‏سياسية رئيسة تصر على المداورة‎.‎

واستغربت لجوء فريق من الشيعة إلى حصرها برفض رؤساء الحكومات السابقين إسناد وزارة ‏المالية للشيعة، وسألت: لماذا لا يتوجه هذا الفريق إلى شركائه في الوطن الذين يصرون على ‏المداورة وهم كثر، من رئيس الجمهورية ميشال عون، و"التيار الوطني الحر"، وأحزاب: ‏‏"التقدمي الاشتراكي"، و"الكتائب"، و"القوات"، والبطريرك الماروني بشارة الراعي؟ وهل لأن ‏السنة باتوا الحلقة الأضعف في المعادلة السياسية؟ أم أن "حزب الله" ليس في وارد الصدام مع ‏كل هؤلاء، وبالأخص "التيار الوطني" الذي طرح رئيسه النائب جبران باسيل مجموعة من ‏المواقف أقل ما يقال فيها إنها تمهد لانسحابه من "تفاهم مار مخايل"؟

فـ"حزب الله" تجنب الرد على باسيل ولو من باب توجيه اللوم والعتب حيال ما صدر عنه، وهو ‏يراهن على أن توافقه مع بري سيدفع بماكرون لإنقاذ مبادرته للضغط على رؤساء الحكومات ‏السابقين، لانتزاع موافقتهم على أن تكون وزارة المالية من الحصة الشيعية‎.‎

وعلمت "الشرق الأوسط" أن هناك من ينصح ماكرون لإنقاذ مبادرته باسترضاء "الثنائي ‏الشيعي" بالإبقاء على وزارة المالية من حصته، على أن يعود للرئيس المكلف اختيار اسم الوزير ‏الشيعي الذي سيشغل هذه الحقيبة؛ لكن مثل هذا الاقتراح سيلقى حتماً رفضاً ليس من رؤساء ‏الحكومات السابقين فحسب، وإنما من غالبية الأطراف المؤيدة لتطبيق المداورة في توزيع ‏الحقائب، ومن بينهم من هم حلفاء لـ"حزب الله‎".‎

ناهيك عن أن مثل هذه "النصيحة" بحسب المصادر السياسية ستؤدي إلى تكريس سابقة يراد منها ‏تثبيت وزارة المالية من الحصة الشيعية وصولاً إلى تشريعها، وإنما بتوقيع ماكرون هذه المرة، ‏وهذا ما يشكل مخالفة للدستور وانقلاباً على اتفاق الطائف‎.‎

لذلك فإن الخروج من المأزق بالمعنى السلبي للكلمة في حال اصطدم ماكرون بحائط مسدود، لن ‏يكون إلا باعتذار أديب عن تشكيل الحكومة؛ لأن الأسس التي وُضعت وكانت المدخل لتكليفه غير ‏قابلة للتطبيق‎.‎

وعليه، تتوقع المصادر نفسها أن يتصدر اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة الخيارات الأخرى، ‏وقد يتقدم لعون بكتاب في هذا الخصوص مطلع الأسبوع المقبل، إلا إذا تمكن ماكرون من تسجيل ‏اختراق في إقناعه "الثنائي الشيعي" بتعديل موقفه. وأوضحت أن أديب لن يتقدم لعون بتشكيلة ‏وزارية في ظل إصرار "الثنائي الشيعي" على موقفه، وعزت السبب إلى أنه ليس في وارد جر ‏البلد إلى اشتباك سياسي يدفع باتجاه تسعير الاحتقان السني - الشيعي‎.‎



الشرق الأوسط

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

20 أيلول 2020 08:26