29 أيلول 2020 | 06:54

أخبار لبنان

تداعيات ثقيلة للمأزق..وتصريف اعمال مفتوح


المصدر: النهار



اشبه ما يكون بارتطام صخرة ثقيلة بمياه ضحلة نزل المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون بوقع صادم على القوى السياسية اللبنانية واقله على غالبيتها ولا سيما ‏منها تلك التي سدد اليها اقسى الاتهامات بتعطيل المبادرة الفرنسية والتسبب باعتذار ‏الرئيس المكلف مصطفى اديب عن استكمال عملية تشكيل الحكومة الجديدة . ولم يكن ‏ادل على الصدمة التي اثارتها نبرة الإدانة والتقريع الاستثنائية وغير المألوفة اطلاقا التي ‏طبعت كلام الرئيس ماكرون عن القوى السياسية والمسؤولين والزعماء اللبنانيين من ‏الصمت غير المعهود اطلاقا الذي ساد مختلف القوى والأوساط المعنية بما عكس على ‏الأقل تريثا وتمهلا واجراء حسابات غير منفعلة قبل الرد او التعليق على المواقف الساخنة ‏التي اطلقها ماكرون غداة اعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب . وإذ ساد اجماع لدى ‏المراقبين والاوساط الراصدة للمجريات اللبنانية في ظل المبادرة الفرنسية بان نقطة ‏الارتكاز الأساسية التي ميزت مواقف ماكرون تمثلت في انتقاداته اللاذعة والقاسية للثنائي ‏الشيعي ولا سيما منه"حزب الله " الذي وضعه الرئيس الفرنسي للمرة الأولى بهذه الطريقة ‏على طاولة التشريح السلبي فان الأوساط نفسها ترصد بدقة الكلمة التي اعلن فجأة امس ‏ان الأمين العام ل"حزب الله " السيد حسن نصرالله سيلقيها في الثامنة والنصف مساء اليوم ‏والتي تأكد انه سيركز فيها على تفنيد ردود الحزب على المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي ‏وما تناول به الحزب كما على موقف الحزب من المبادرة الفرنسية التي قيل ان نصرالله لن ‏يقطع في النهاية شعرة معاوية معها‎ .‎

‎ ‎

وفي اي حال واذا كان من البديهي ان تتركز الاهتمامات على بلورة ردود الفعل على ‏الانتكاسة الكبيرة التي أصيبت بها المبادرة الفرنسية في جولتها الأولى فان الأهم في ‏الوقت الراهن بلورة الأفق الغامض والقاتم الذي بات يطبق على واقع البلاد في ظل ‏انعدام أي افق واضح للاتجاهات التي يمكن ان تعتمد للخروج من ازمة باتت تتجاوز ‏الاستحقاق الحكومي الى ازمة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية بالغة الخطرة تتهدد ‏لبنان بانهيارات غير مسبوقة . ولعل ما يفاقم المخاوف من مرحلة محفوفة بمزيد من ‏الانهيارات المختلفة ان معظم المعطيات الجادة والعميقة الناشئة عن إصابة المبادرة ‏الفرنسية إصابة جسيمة وتعذر رسم أي خط بياني ثابت وواضح للخطوات الدستورية ‏والسياسية التي ستتخذ بعد اعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب تشير الى مرحلة طويلة ‏ومضنية من تفعيل حكومة تصريف الاعمال برئاسة حسن دياب اذا استمرت المعطيات ‏السياسية الداخلية والخارجية على حالها في المرحلة الطالعة . حتى ان هذه المعطيات ‏تذهب الى التخوف من ان جمود يطبع الاستحقاق الحكومي العالق واستبعاد أي حلحلة ‏للازمة اقله قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من تشرين الثاني المقبل ‏وربما ابعد الى نهاية السنة . ولم تكن مصادفة ان يذكر الرئيس الفرنسي في مؤتمره ‏الصحافي ربط القوى التي عرقلت المبادرة الفرنسية بالانتخابات الأميركية بما يسبغ واقعيا ‏مزيدا من الجدية على المخاوف من تداعيات مكلفة للغاية لتطويل مدة تصريف الاعمال ‏في لبنان . وليس ادل على هذا الواقع من ان الأوساط القريبة من رئاسة الجمهورية اكدت ‏امس ان ليس هناك دعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل ‏حكومة جديدة في الأيام القليلة المقبلة . ولا يبدو ان تحديد موعد للاستشارات سيكون في ‏وقت منظور . ولكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكد خلال تقليده وساما للسفير ‏الفرنسي برونو فوشيه لمناسبة مغادرته لبنان تمسكه بالمبادرة الفرنسية منوها بالاهتمام ‏الذي يبديه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيال لبنان واللبنانيين وأسف لعدم تمكن ‏الرئيس المكلف مصطفى اديب من تشكيل الحكومة وفق مندرجات مبادرة الرئيس ‏الفرنسي‎ .‎

‎ ‎

ولم يصدر أي رد عن عين التينة على كلام الرئيس الفرنسي ولكن نقل عن أوساطها انزعاجها ‏من تحميل ماكرون للثنائي الشيعي اكثر مما يجب . اما بالنسبة الى بيت الوسط فنقل عن ‏أوساط قريبة منه تعليقها على قول ماكرون ان الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات ‏السابقين وضعوا معايير طائفية على عملية تشكيل الحكومة بالقول ان الحريري بالاتفاق ‏مع رؤساء الحكومات السابقين قرروا السير في القواعد التي حددها الرئيس المكلف والتي ‏تتماشى مع مبدأ المداورة في الوزارات التي وافق عليها رئيس الجمهورية والبطريركية ‏المارونية ومعظم الكتل النيابية وتاليا معظم الافرقاء الداخليين . ولكن عندما اصطدم ذلك ‏بإصرار الثنائي الشيعي على تسمية وزرائهم والمطالبة بحقيبة المال اعلن الحريري التنازل ‏لمصلحة البلد واعترف ماكرون في مؤتمره بإيجابية هذا الامر كما ان الخارجية الفرنسية ‏كانت أشادت بخطوة الحريري ووصفتها بانها شجاعة‎ .‎

‎ ‎

‎ ‎

أصداء خارجية

وسط هذه الأجواء الملبدة داخليا برزت أصداء خارجية إضافية عكست تنامي الرصد الدولي ‏للوضع في لبنان في ظل تفاقم الازمة الحكومية والمالية والاقتصادية والمخاوف من مزيد ‏من التداعيات الصعبة في قابل الأسابيع والأشهر . وفي هذا السياق اعرب امس الاتحاد ‏الأوروبي عن قلقه بسبب اعتذار رئيس الوزراء المكلف. وقال مسؤول السياسة الخارجية ‏في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان ان الاتحاد ينظر بخيبة امل وقلق الى اعتذار ‏رئيس الوزراء المكلف مصطفى اديب والملابسات التي أدت الى قراره واعتبر ان على ‏القيادات في لبنان التوحد وبذل كل الجهود لتشكيل الحكومة بسرعة مؤكدا ان التشكيل ‏السريع للحكومة سيكون ضروريا أيضا للتوصل الى اتفاق مطلوب بشكل عاجل مع ‏صندوق النقد الدولي‎ .‎

‎ ‎

كما برز موقف روسي خلال استقبال نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس ‏الروسي فلاديمير بوتين الى الشرق الأوسط وأفريقيا مخائيل بوغدانوف للسفير اللبناني في ‏موسكو شوقي بو نصار اذ اكد بوغدانوف " دعم روسيا الدائم لسيادة لبنان ووحدته ‏واستقلاله وسيادة القرارات في شأن كل المسائل على جدول الاعمال الداخلي وضرورة ‏اتخاذها من قبل اللبنانيين انفسهم من دون أي تدخل او املاء خارجي ". وامل في ان يتمكن ‏اللبنانيون عبر الحوار الوطني الجامع من الاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة المناسبة ‏لحاجاتهم وتطلعاتهم عبر توافقهم الداخلي . كما ابلغ بوغدانوف السفير اللبناني عن زيارة ‏مرتقبة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى لبنان أواخر شهر تشرين الأول المقبل ‏بما يعكس الاهتمام الروسي بدعم لبنان للخروج من أوضاعه الصعبة‎ .‎

يشار في السياق الداخلي الى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسن دياب ترأس امس ‏في السرايا اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا بحضور الوزراء والمستشارين ‏المعنيين . وتقرر للحد من ارتفاع الإصابات اعتماد معيار عدد الإصابات في المناطق نسبة ‏الى عدد السكان للتعامل مع انتشار الوباء واجراء التصنيف الوبائي وفقا لمعايير محددة ‏والتنسيق بين وزارتي الدخلية والصحة لإخضاع المناطق لقرارات الاقفال والعزل‎.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

29 أيلول 2020 06:54