3 تشرين الأول 2020 | 08:30

أخبار لبنان

‏ كورونا... "التخبّط" يتفشى‎!‎

كل مؤشرات البلد "تتدركب" نزولاً، إلا مؤشر كورونا يواصل مساره صعوداً كاسراً حاجز ‏الألف إصابة يومية وحاصداً مئات الإصابات الجديدة كل 24 ساعة. من الواضح أن الأمور ‏خرجت عن السيطرة وبات الوباء في مرحلة متقدمة من "التفشي مجهول المصدر" يتنقل بين ‏الأحياء والمناطق والمحافظات بلا حسيب أو رقيب، بينما الأداء الرسمي يثبت يوماً بعد آخر ‏عجزاً موصوفاً عن وقف تمدد الفيروس، لا سيما في ضوء التضارب الفاضح في الصلاحيات ‏وتنازعها بين وزارتي الصحة والداخلية في حكومة تصريف الأعمال، حتى أضحى التخبط ‏‏"يتفشى" بإيقاع متزايد لينعكس في اتخاذ قرارات عشوائية فاقمت الوضع تأزماً وإرباكاً في ‏مقاربة الإجراءات والمعالجات المتوخاة‎.‎

من المجحف القول إنّ الجهات الرسمية لم تبذل مجهوداً كبيراً في مواجهة الوباء، لكن الثابت ‏حتى الآن أنّ مجهودها ذهب هباءً منثوراً تحت وطأة حالة الضياع المستحكمة بقيادة دفة التدابير ‏الواجب اتباعها، فعندما يصدر وزير الداخلية والبلديات قراراً بالإقفال التام يُصدر وزير الصحة ‏العامة استثناءات تتيح إقامة الأعراس، وعندما يطلب الأخير إقفال البلد لأسبوعين يستنفر الأول ‏لصلاحياته ويؤكد أنّ البلد "مش لعبة أسبوع منسكر وأسبوع منفتح"... وهكذا دواليك بين "هالك" ‏الداخلية و"مالك" الصحة يواصل "قبّاض الأرواح" حصد المزيد من الوفيات والإصابات مسجلاً ‏بالأمس حصيلة قياسية جديدة أسفرت عن وفاة 12 مصاباً بالفيروس وإصابة 1291 حالة ‏جديدة‎.‎

وإثر اتخاذ وزارة الداخلية والبلديات قراراً بعزل 111 بلدة وإغلاقها بشكل كامل ابتداءً من ‏صباح الأحد ولمدة أسبوع، أثار القرار بلبلة وامتعاضاً في البلدات المعنية لا سيما وأنّ المعنيين ‏في عدد من البلديات الخاضعة لقرار العزل أكدوا أنهم لم يتبلغوا مسبقاً بالقرار ولم يتم التنسيق ‏معهم في آليات تطبيقه، فضلاً عن إبداء البعض منهم استغرابهم لإدراج بلدات على قائمة الإقفال ‏التام رغم أنّ الحالات المصابة فيها لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة‎.‎

وإذ سارع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إلى التنصل من مسؤولية التفرّد ‏في اتخاذ قرار العزل وأحال المعترضين إلى التوصية الصادرة عن اللجنة الوزارية المكلفة ‏متابعة ملف كورونا باعتبارها هي من زودته بلائحة القرى المصنفة بأنها ذات مستوى مرتفع ‏من الخطر على مقياس التفشي الوبائي، أوضحت مصادر معنية بالملف لـ"نداء الوطن" أنّ اختيار ‏البلدات ضمن إطار هذه اللائحة أتى بناءً على تصنيفها ضمن نطاق "المناطق الحمراء" وفق ‏حصيلة ترصد انتشار الوباء في المناطق اللبنانية كافة، مشيرةً إلى كون القرار اتخذ بناءً على ‏إحصاء الإصابات نسبةً إلى عدد السكان في كل بلدة‎.‎

وفي مقابل الانتقادات التي طالت هذا الإجراء، لفتت المصادر إلى أنه تم اعتماده تماشياً مع ‏‏"الطريقة الأميركية" في عزل المناطق التي يتفشى فيها الوباء تفادياً لخيار الإقفال الشامل الذي ‏يشل البلد والاقتصاد، وأكدت أنّ بعض الاعتراضات مفهومة ولا مانع من إعادة النظر في وضع ‏بعض البلدات التي تشملها لائحة الإقفال، لكن في الوقت الراهن يبدو هذا الإجراء هو الأمثل ‏لفصل المناطق المصنفة "حمراء" عن باقي المناطق ذات الانتشار الوبائي المحدود نسبةً لعدد ‏سكانها، وإلا فإنّ عدم المبادرة لاتخاذ إجراءات جذرية سريعة سيؤدي إلى كارثة صحية لن يكون ‏في المقدور التصدي لها، خصوصاً وأنّ هناك نقصاً حاداً في أجهزة التنفس بينما القدرة ‏الاستشفائية بلغت مستوياتها الاستيعابية القصوى‎.‎

أما في المشهد السياسي، فلا يزال وهج "الترسيم الحدودي" مع إسرائيل يطغى على شريط ‏الأحداث الداخلية، في حين يغرق الملف الحكومي في غيبوبة قسرية بانتظار معطيات جديدة من ‏المفترض أن تبدأ طلائعها بالتبلور أكثر الأسبوع المقبل في ضوء استئناف الاتصالات ‏والمشاورات بين الرئاستين الأولى والثانية‎.‎

لكنّ الجمود المستأثر بالمشهد الحكومي، خرقه بالشكل أمس خبر استقبال رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري في عين التينة نائب حاكم المصرف المركزي السابق محمد بعاصيري، وهو ما استرعى ‏انتباه مصادر مراقبة توقفت باهتمام عند دلالات هذا اللقاء وأبعاده، موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ ‏‏"بعاصيري يبقى مرشحاً جدياً لرئاسة الحكومة باعتباره من الشخصيات التي تحظى بدعم غربي ‏وأميركي على وجه التحديد، وبالتالي ليس مستبعداً أن يكون استقبال بري له أتى في سياق ‏استكشاف آفاق وإمكانيات التفاهم حكومياً ليبنى على الشيء مقتضاه في مشاورات التكليف ‏والتأليف"، وختمت المصادر متساءلةً عما إذا كان "الثنائي الشيعي يتحضّر لتقديم "بيعة" حكومية ‏للأميركيين بعد "البيعة" الحدودية"؟‎.‎


نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 تشرين الأول 2020 08:30