4 تشرين الأول 2020 | 18:41

خاص

هند أبي اللمع.. الشاشة الفضية تستذكر أميرتها!

زياد سامي عيتاني - إعلامي وباحث في التراث الشعبي

أميرة كانت، ليس باللقب فقط الذي ورثته عن أهلها، بل بأخلاقها وطلتها . أحبتها الكاميرا، فإنتقلت من خلفها لتصبح نجمة يعشقها الجمهور وينتظرها بشغف .

هي النجمة "الأميرة" هند أبي اللمع التي ولدت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 1942 لتعيش حياة قصيرة، ثم ترحل في 3أكتوبر/ تشرين الأول 1990، بعد معاناة مع مرض مسّ قلبها وعجز الأطباء عن شفائها.

ورغم أنها حملت لقب أميرة منذ طفولتها وتوّجها الجمهور لاحقاً "أميرة الشاشة الفضية"، إلا أنها كانت تحرص على لعب دور الزوجة والأم وتفضّل البقاء في بيتها مع ولديهما ساسين وربيع . يقال إنها كانت تحب الطهي وتقدم لصديق العائلة الفنان الراحل فريد الأطرش أكلاته المفضلة.



•البدايات:

لم تكن حياة هند أبي اللمع هادئة، ولم تكن تشبه بعض أدوارها الكوميدية على الشاشة. توفي والدها الأمير محمود أبي اللمع قبل أن تولد، وأبصرت النور عام 1942 وهي يتيمة الأب. تزوَّجت الوالدة في ما بعد من خليل أبو الروس، وأنجبت منه ثلاثة أولاد: ليلى، سليم، وطوني.

عاشت هند مع إخوتها في جو من الحب، تلقت دراستها في مدرسة "زهرة الإحسان" وكان استاذها جورج جرداق الذي لقّبها : "بلوطة تشرين" لأنها كانت قوية كالبلوطة. فازت بلقب ملكة "سينا دوريان" وعمرها 17 ربيعاً.

بدأت نشاطها التمثيلي في المدرسة. وفي الثامنة عشرة من عمرها رفضت الاشتراك في بطولة فيلم "الأجنحة المتكسرة" باعتبارها تنحدر من سلالة الأمراء اللمعيّين.

إتسمت حياتها بالتشاؤم ووصفت بالمتطرفة بكل شيء. كانت تتمنى لو خلقت رجلاً. ولا تحب الزواج لأنه مسؤولية كبرى وجسيمة خاصة في لبنان. وتعتبر أنها خلقت لتكون ممثلة أو مذيعة ربط برامج.

لقاء هند بالمخرج أنطوان ريمي لقاء حاسم في حياة الثنائي الفني والعاطفي. فقد أحب طوني هند فتزوجها واقتحمت عالم التمثيل عام 1970 في مسلسل "غروب".



•مساعدة مخرج قبل التمثيل:

درست "الأميرة" "السياسة والاقتصاد" في الجامعة اليسوعية، لكنها عملت كمساعدة مخرج وبرعت فيها، وكانت أول إمرأة في لبنان تعمل في هذا المجال عام 1964 . عرفت بجمالها، وخلف ملامحها الهادئة كانت تخبئ إرادة صلبة وعنيدة .

ويبدو أن زواجها من المخرج الذي عملت معه طويلاً أنطوان ريمي هو الذي حررها من تلك القيود العائلية، لتوافق على الانتقال من خلف الكاميرا إلى أمامها، وتظهر عام 1972 في أول مسلسل تلفزيوني لها "غروب" المأخوذ عن فيلم "ذهب مع الريح" .

بعده توالت عليها العروض وأصبحت هند أبي اللمع النجمة الأولى في لبنان .



•الثنائية مع عبد المجيد مجذوب:

شكلت ثنائياً ناجحاً مع النجم عبد المجيد مجذوب، وقدما معاً سلسلة من الدراما التلفزيونية ذات الطابع الاجتماعي الرومانسي . ومن أشهر أعمال "الأميرة": "السراب"، "حول غرفتي"، "عازف الليل"، "الانتظار"، "ديالا"، "الأسيرة"، "ألو حياتي"، "لا تقولي وداعاً".

أحب الأعمال إلى قلبها دورها في مسلسل "ديالا".

وهند ألي اللمع إشتهرت بطبيعتها الشرسة والمزاجية، وعندما إشتركت ببطولة مسلسل العقرب تأليف أنطوان أفرام كانت تردد: "حد العقرب لا تقرب".

في لندن حيث كانت تتاتبع علاجها مثلت في مسلسل "الكوخ القديم" الرومانسي الاجتماعي. ولعبت فيه دور شخصيتين ومسلسل "لا تقولي وداعاً" و"الضياع" مثلت دور شخصية رهيبة.



•الكوميديا مع إبراهيم مرعشلي:

لكنها لم تحصر نفسها بأدوار الفتاة البريئة والرومانسية، بل إنتقلت إلى المسلسلات الكوميدية الطريفة لتشكل فيها ثنائياً ناجحاً أيضاً مع الفنان الراحل إبراهيم مرعشلي .

إذ يُعتبر "المعلمة والأستاذ" من أنجح المسلسلات، وإشتهر بالضحك والعفوية وبالبساطة، وهو  من بطولة الراحلين إبرهيم مرعشلي وهند أبي اللّمع، وهما الثنائيّ الذي عُرف بخفةّ الظّل التي كانت تنتقل الى المشاهدين بعفوية. وأحد أسباب نجاح المسلسل، كان التجربة الأولى في مجال الكوميديا للممثلة هند أبي اللمع، التي سطع نجمها في السبعينات بأدوارها الدراميّة والشخصية الرومانسيّة في مسلسلاتها، مما شكّل تحدّياً لها وللكاتب ابرهيم مرعشلي في إختيارها للمرة الأولى بتأدية هذا الدور. 



•المرض:

وكانت المصادفة غريبة إذ أن هند بدأت فعلاً تعاني من متاعب شديدة من عملية التنفس. ومثلت دور البطولة في مسلسل "هنادي" وتوقفت بسبب تدهور صحتها. وسافرت إلى لندن للعلاج. وحذرها الأطباء بسبب ضعف عضلات القلب.

عام 1987 قال لها طبيبها: "لم يعد لك علاج في لبنان" . وطارت إلى لندن وصمامات قلبها مسدودة بالدم وغشاء من الماء يغلّف القلب. وكانت قد تعرضت قبل عامين إلى لفحة هواء ملأت جسمها بالماء.

في لندن تولى علاجها البروفسور رونالدوف وحذرها من إجراء أي عملية. وكان الموت ينتظرها بعد عودتها إلى بيروت. على فراشها قضت الأميرة بعد صراعها مع المرض.



في ما يشبه السيرة الذاتية، أدت هند أبي اللمع دور الفتاة المريضة في "لا تقولي وداعاً"، تزامناً مع إكتشافها إصابتها بضعف في القلب.

ورغم سفرها إلى لندن وخضوعها للعلاج، بقي قلبها ضعيفا، ولم يحتمل المزيد فأخذ الأميرة هند إلى الناحية الأخرى من هذا الكون.

هي الأميرة بالوراثة بفضل سلالتها اللمعية، وهي الأميرة عن جدارة في أعمالها الدرامية.

هند أبي اللمع، أميرة الشاشة الفضية، هكذا كان لقبها، وهو لا يزال كذلك، لأن أحدا لم يتمكن من ملء العرش الذي تركته هند أبي اللمع فارغا، لتنضم إلى جوار الله، وتبقى صورة مشعة للشاشة اللبنانية في عز عطائها، في زمن الكبار.



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

4 تشرين الأول 2020 18:41