7 تشرين الأول 2020 | 13:29

فن

أحمد مظهر من الضباط الأحرار..إلى "برنس" السينما وفارسها

أحمد مظهر من الضباط الأحرار..إلى





زياد سامي عيتاني*

تحل اليوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول 1917 ذكرى ميلاد الفنان الكبير أحمد مظهر الذى إشتهر بلقب "برنس السينما المصرية وفارسها".

وقد لقب أحمد مظهر بـ" البرنس " لوسامته وأخلاقياته وانضباطه الشديد، إلى جانب ثقافته في شتى المجالات ، كما كان يجيد التحدث بعدة لغات أجنبية، وكان عضواً مؤسساً في "جمعية الحرافيش" التي يرأسها الكاتب الراحل "نجيب محفوظ" وتضم صفوة نجوم المجتمع من كتاب وفنانين وصحفيين.

كما أنه حمل لقب "فارس"، بعدما تولى قيادة مدرسة الفروسية في الكلية الحربية، التي تخرج منها ليلتحق بعدها بصفوف الضباط الأحرار الذين فجروا ثورة 23 يوليو عام 1952.

بعد ذلك إستقال من السلك العسكري ليتفرغ للفن، حيث بلغت أعماله حوالي 152 عَملاً مابين السينما والإذاعة والتليفزيون والمسرح، الذي كان قليل الظهور عليه بسبب السينما التي قدمت له وقدم لها العديد من الأدوار الخالدة في تاريخها.



**

•المشاركة في حرب فلسطين والإنضمام للضباط الأحرار:

بعدما حصل على التوجيهية إلتحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1938، وكان دفعة "38 حربية"، وهي الدفعة الأشهر في تاريخها حتى الآن، لأن من بين من تخرج معه بنفس الدفعة، كل من الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر، وأنور السادات.

وكانت مشاركته في حرب فلسطين بسلاح المشاة السبب في إنضمامه لصفوف الضباط الأحرار في السر، كما ترك سلاح المشاة إلى سلاح الفرسان، التي تولي فيها قيادة مدرسة الفروسية بالكلية في نفس عام "ثورة يوليو"، وكان كثيراً ما يستضيف اجتماعات مجلس قيادة الثورة قبل إعلانها في منزله.



**

•الإستقالة من الجيش بهدف التمثيل:

كما دفعته الحرب بعد العودة إلى البحث عن هوايته المفضلة، وهي التمثيل وحضور المسرحيات بصفة منتظمة، وكانت أولى تجاربه مع الفن من خلال مشاركته الرمزية في مسرحية "الوطن"، وبعد ذلك بثلاثة أعوام كان ظهوره علي الشاشة الفضية من خلال فيلم "ظهور الإسلام" عام 1951، وكان كل ذلك من أجل الترفيه بالنسبة إليه، حتي رشحه الأديب يوسف بك السباعي للمشاركة في بطولة قصته "رد قلبي" للسينما عام 1957، حيث أدى دور "البرنس علاء" في روايته "رد قلبي" التي حولها إلى فيلم سينمائي، وكان الدور شبيهاً بمظهر لفروسيته وأصوله الشركسية، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ونجح مظهر في تأدية دور "البرنس" بجدارة.

ومن هنا بدأ مظهر في التحول الكلي في حياته، وذلك بعدما تم رفض منحه تصريحاً بالسماح له بالتمثيل، فما كان منه إلا أنه قدم إستقالته، ويتخلى عن بدلته العسكرية عام 1956، ليتفرغ للتمثيل، وكان عمله بالحربية السبب في أن بعض أعماله الأولي كان يكتب إسمه "حافظ مظهر".



**

•مشواره الفني:

بدأ مظهر رحلته الفنية، وكان المخرج صلاح أبو سيف هو أول من أسند إليه بطولة مطلقة في فيلم "الطريق المسدود" 1958 أمام الفنانة فاتن حمامة .

وأُسندت إليه الكثير من الأدوار المختلفة، إلا أن كثيراً منها طغى عليه طبيعة أحمد مظهر الأرستقراطية، مثل دوره في "الأيدي" الناعمة، و"إسلاماه".

ويبدو أن فيلم "وا إسلاماه" كان فاتحة خير على الفنان أحمد مظهر ، حيث إنه بسبب هذا الدور أسند إليه المخرج يوسف شاهين ، دور القائد التاريخي صلاح الدين وذلك في فيلم " الناصر صلاح الدين"، حيث إعتبر دوره في هذا الفيلم الأكثر شهرة على الإطلاق.

وعلى غير المتوقع حقق مظهر نجاحًا كبيراً في أداء الأدوار الكوميدية، كأفلام "لصوص لكن ظرفاء"، "أضواء المدينة"، "الجريمة الضاحكة"، و"العتبة الخضراء". كما نجح في الأدوار الدرامية كأفلام "دعاء الكروان"، "غرام الأسياد"، "غصن الزيتون"، "النظارة السوداء".

بجانب الأفلام، نجح مظهر في الأعمال الدرامية، وشارك في عدد من أبرز المسلسلات المصرية مثل "ليالي الحلمية"، "ضمير أبلة حكمت"، "ضد التيار"، "على هامش السيرة"، "ألف ليلة وليلة"، و"حب في الحقيبة الدبلوماسية".





**

•رفض الأعمال العالمية:

وخلال تألقه اللافت وإتقانه لأكثر من لغة رشحه الفنان العالمي بيتر جريفر للمشاركة معه في الفيلم العالمي guns and the fury ، وبالفعل قام بالمشاركة ببطولة الفيلم عام 1981، وقدم خلاله شخصية رجل عربي، ولكنه لم يوافق على الإستمرار في تقديم أعمال عالمية أخرى وذلك حتي يظل بجانب أسرته بالقاهرة.



*

•الاعتزال والعودة:

في عزّ مجده، قرر مظهر الإحتجاب عن الشاشات، حين شعر أن نجمه أوشك أن يأفل، وقرر البقاء في منزله وإستثمار وقته فيما يحب، مثل الفروسية وزراعة الأشجار النادرة في حديقته الخاصة، كما أن عشقه "للميكانيك" جعله يفتح مشروعاً صغيراً لتصليح السيارات.

ولكن العاشق لا يتوب، وبمجرد أن ناداه الفن مجدداً عاد له مهرولاً، وقدّم أحد أهم أفلامه، وأهم أفلام السينما المصرية بشكل عام، أمام السندريلا وهو فيلم "شفيقة ومتولي".



**

•البكاء على الهواء بسبب إقتلاع حديقته:

وبمناسبة الحديث عن شغفه بزراعة الأشجار في حديقة "فيلته" التي إحتوت مجموعة من أندر النباتات والأشجار، وخلال مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي مفيد فوزي، حيث تكسوه معالم الشيخوخة، ممسكا بعصاه، منحنيا في جلسته التي تزامنت مع إقتراب أن يدهسها "البلدوزر"، تمهيدًا لإنشاء طريق المحور الذي كان يمر بجوار "الفيلا"، ولأن تلك الحديقة كانت كل حياته، لم يتحمل مظهر حدوث ذلك، فسالت دموعه بحرقة على الشاشة خلال تلك المقابلة، عندما تحدث عنها.

وقد عرضت الحكومة عليه تعويضاً مالياً بمبلغ كبير من المال نظير الجزء المستقطع من حديقة "الفيلا"، لكنه رفض بشدة، وقال: "إن الأشجار النادرة التي تم إقتلاعها لا تعوض بمال، ثم إن الفيلا نفسها تشوهت لأنها أصبحت بحديقة صغيرة"...



**

•نهاية حزينة:

واصل الفنان أحمد مظهر مشواره الفني حتى أصبح لم يعد يستطيع العمل، وإعتزل الفروسية بعد أن توفي حصانه الشهير "سيف"، وإكتفى بالعزف على العود والرسم، وإبتعد عن الأضواء، ثم أصيب بعد ذلك "بالزهايمر"، حتى توفي داخل أحد المستشفيات بالمهندسين، عن عمرٍ ناهز 84 عاماً إثر إلتهاب رئوي حاد للغاية.



**

رحل الفنان الكبير أحمد مظهر عن عالمنا في العام 2002، ومع مرور الأيام لاتزال ذكراه باقية لما قدمه للسينما المصرية والفن بوجه عام منذ تجسيده دور صلاح الدين الأيوبي علي شاشة السينما وحتي رحيله...

**

*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

7 تشرين الأول 2020 13:29