13 تشرين الأول 2020 | 08:22

أخبار لبنان

مشاورات الحريري تقرّبه من التكليف الخميس .. ولا ‏خلاف على حكومة ‏إختصاصيين

مشاورات الحريري تقرّبه من التكليف الخميس .. ولا ‏خلاف على حكومة ‏إختصاصيين

كتبت صحيفة " الجمهورية " تقول‎ ‎ما هو أقبح من إجراءات السلطة الفاشلة والبلا ‏اي معنى التي اتخذتها لاحتواء فيروس "كورونا" منذ بدء تفشيه، ‏هو تحذيراتها من ‏انّ لبنان يوشك ان يقترب من النموذج الايطالي أو الاسباني او أي نموذج لأيّ دولة ‏هزمها ‏الفيروس، متجاهلة النموذج اللبناني، الذي اعطى مثالاً لكل العالم بأنّه الأسوأ ‏بكل المعايير، والاكثر تخلّفاً على وجه ‏الكرة الارضية، إن من حيث اجراءات ‏السلطة القاصرة على اللحاق بالوباء، او من حيث استهتار المواطنين‎.‎

لم يعدْ السكوت جائزاً على الإطلاق، على هذا التخبّط المفجع الذي يحكم السلطة، ‏وظيفتها فقط أن تنذر بالشؤم ‏والقول انّ لبنان يوشك على بلوغ الخط الاحمر، فيما ‏الحقيقة انّ هذا اللبنان تجاوز الخط الاحمر فعلاً، وامكانية ‏احتواء الفيروس صارت ‏مستحيلة في ظلّ ما هو متبع من اجراءات عشوائية، لا بل اجراءات إسميّة لا اكثر‎.‎

‎ ‎

إجراءات ملزمة‎!‎

الإجراء البديهي في ظلّ هذا الخطر، هو ان تبادر السلطة الى التعاطي معه ‏بحجمه، والمسارعة الى اجراءات باتت ‏اكثر من ملحّة، حتى ولو كانت موجعة ‏وارغامية لكلّ مواطن، او بمعنى ادق، لكل مستهتر شريك في تفشي هذا ‏الوباء. ‏فهل تدرك السلطة، انّ في الدول التي تحترم نفسها لا يجرؤ المواطن على مخالفة ‏اجراءات الوقاية، واولها ‏الزامية ارتداء الكمامة؟

‎ ‎

الارقام غير صحيحة

الفيروس يوشك أن يجتاح كل بيت، وصار على السلطة أن تدرك أنّ تحويل البلد ‏الى حقل تجارب لإجراءات ‏متسرّعة او بالاحرى سطحية او ارتجالية، لم ينتج منها ‏سوى مفاقمة الانتشار، وتسريع وتيرة العدادات التي لن ‏يمضي وقت طويل، مع ‏استمرار هذا المنوال، لتسجّل يومياً آلاف الاصابات، والكل يعلم انّ الارقام التي ‏تعلنها ‏وزارة الصحة يومياً ليست هي الارقام الصحيحة، بل انّ الارقام اليومية ‏مخيفة لا بل مريعة‎.‎

الإجراء البديهي، هو المسارعة الى قرار جريء بالإقفال التام، على رغم من ‏كلفته، إن كان هذا هو السبيل الوحيد ‏لرد الخطر، وليس عبر اقفال جزئي او ‏استنسابي لشارع هنا أو حيّ هناك او بلدة هنالك، فيما الشارع المجاور او ‏الحي او ‏البلدة الاخرى مستثناة من هذا الاقفال، وكأنّ هناك شارعاً نظيفاً وشارعاً موبوءاً، ‏وهو ما دلّت عليه ‏بصورة فاضحة اجراءات الاقفال الاخيرة‎!‎

والأهم من كل ذلك، هو التشدّد الى الحدّ الاقصى على المعابر الحدودية، وإن ‏اقتضى الامر اقفالها، وكذلك الامر ‏بالنسبة الى المطار، وشموله إن اقتضى الامر ‏ايضاً بالاقفال، على جاري ما تقوم به دول العالم الحريصة على ‏اهلها. فبشهادة ‏كثيرين قادمين عبر المطار، فإنّ ما يُقال عن تشدّد ما هو الاّ كلام اعلامي، وكثير ‏من القادمين لا ‏يخضعون للفحوصات المطلوبة، رغم أنّ بعضهم قد يكون حاملاً ‏الفيروس وينقله الى مخالطيه‎!‎

‎ ‎

‎"‎النفخة الفارغة‎"‎

وكما انّه لم يعد السكوت جائزاً على السلطة واجراءاتها الوهمية، كذلك لا يمكن ‏السكوت على الاطلاق على تلك ‏‏"النفخة الفارغة" لدى اكثرية اللبنانيين، وهي ‏مرض أسوأ من الوباء نفسه، اخطر عوارضه الغباء والتعالي على ‏‏"كورونا"، ‏والاصرار على ارتكاب الجريمة بحق نفسه ومجتمعه، دون اي تقدير لخطر ما ‏يقترفه الذي لا يتأتى ‏منه سوى الوجع ولا ينفع معه الندم، ودون ان ينتبه الى أنّ ‏الخطر الاكبر صار على الابواب؛ الامن الصحي ‏يوشك ان ينهار، الدواء شبه ‏مفقود، ولصوص التخزين بدأت بسحبه من الصيدليات، ويُقاد البلد الى حالة ‏افلاس ‏دوائي، والى بازار المتاجرة بالدواء وارتفاع اسعاره الى مستويات خيالية ‏لن يكون في مقدور المواطن، اي ‏مواطن، ان يلحق بها‎.‎

تبقى كلمة أخيرة برسم كل مواطن: إن لم يرد المواطن المستهتر ان يرحم نفسه ‏فليرحم غيره على الاقل! اما آن ‏الاوان بعد لكي يعي اصحاب العقول المهترئة أي ‏جريمة يرتكبون؟ أما آن لهم ان يعوا أنّ ابسط سبل المواجهة ‏والحماية هي اعتماد ‏الإجراءات الوقائية البديهية وابسطها واكثرها فعالية في آن معاً، هي الالتزام ‏بالكمامة والتباعد ‏وعدم الاختلاط؟

‎ ‎

اسبوع الاستحقاقين

سياسياً، لعلّها من المرّات القليلة التي يطلّ فيها على استحقاقين خلال يومين ‏متتالييَن؛ انطلاق مفاوضات ترسيم ‏الحدود البحرية والبريّة مع العدو الاسرائيلي ‏غداً الاربعاء، والإستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف رئيس الحكومة ‏الجديدة بعد غد ‏الخميس. وعلى هذين الاستحقاقين تترتّب آثار مباشرة على مجمل المشهد اللبناني ‏حاضراً ‏ومستقبلاً، لارتباط ترسيم الحدود باستقرار اقتصادي موعود ولو مستقبلاً، ‏واستفادة لبنان من ثرواته الغازية ‏والنفطية، ولارتباط استشارات التكليف ‏بالاستقرار السياسي الآني، واعادة ضبط الواقع الداخلي على حكومة ‏جديدة ممنوحة ‏سلفاً فرصة انقاذية محصّنة بالمبادرة الفرنسيّة ومن خلفها المجتمع الدولي‎.‎

مما لا شك فيه، أنّ كلا الاستحقاقين حاجة ملحّة للبنان، الذي لا يملك خياراً في ‏مواجهتهما، سوى أن يتجاوزهما ‏بما تقتضيه مصلحة هذا البلد، وفوق كل ‏الاعتبارات والحسابات والحساسيات‎.‎

‎ ‎

اربعاء الترسيم

وتبعاً لذلك، فإنّ لبنان أمام اسبوع حاسم، خصوصاً وأنّه صار مربوطاً فيه بعدّادين ‏تنازليّين‎:‎

العدّ الأول، لدخول السلطة السياسية الى الإختبار الصّعب في "أربعاء الترسيم"، ‏بالحدّ الاعلى من الجهوزية، ‏لخوض معركة تثبيت الحدود البحرية والبرية مع العدو ‏الاسرائيلي، ولعلّ سلاحها الفعّال، ليس فقط التأكيد على ‏حق لبنان بكامل مياهه ‏وترابه، بل أن تحصّن نفسها بكلّ أدوات تفكيك المكائد والكمائن والألغام والعبوات ‏التي قد ‏يزرعها العدو في طريق المفاوض اللبناني، ومحاولة صدّ اي محاولة ‏تحايل، يُقدم عليها العدو، لحرف اتفاق اطار ‏مفاوضات ترسيم الحدود عن مساره ‏المحدّد، وتوجيه الامور في اتجاهات اخرى، تتجاوز هذا الاتفاق، الى ما ‏يمكن ان ‏يخدم مصلحة العدو على حساب الحق اللبناني‎.‎

في المعلومات حول هذا الموضوع، فإنّ التحضيرات قد أُنجزت لإقامة احتفاليّة في ‏مقر قيادة "اليونيفيل" في ‏الناقورة، لانطلاق مفاوضات الترسيم بين الجانبين اللبناني ‏والاسرائيلي برعاية الامم المتحدة وحضور مساعد ‏وزير الخارجية الاميركية دايفيد ‏شينكر، والسفير جون ديروشر، الذي سيكون الوسيط الاميركي لهذه المفاوضات‎.‎

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الاميركية، انّ "شينكر سيشارك في الجلسة ‏الافتتاحية للمفاوضات حول الحدود ‏البحرية بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية ‏التي يستضيفها منسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش". ‏وكشفت الوزارة، ‏أنّ "السفير جون ديروشر سينضمّ إلى شينكر وهو سيكون الوسيط الأميركي في ‏هذه ‏المفاوضات‎".‎

وذكّرت الوزارة بما كانت أعلنته سابقاً "من أنّ الاتفاقية الإطارية لبدء المناقشات ‏حول الحدود البحرية تُعتبر ‏خطوة حيوية للمضي قدماً، وتوفّر إمكانية تحقيق قدر ‏أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار للمواطنين اللبنانيين ‏والإسرائيليين على حدّ ‏سواء‎".‎

وفي هذا الاطار، اعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية تشكيل الوفد اللبناني ‏الى التفاوض التقني لترسيم الحدود ‏الجنوبية. وتألف من العميد الركن الطيار بسام ‏ياسين رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة ‏ادارة قطاع ‏البترول في لبنان وسام شباط، الخبير نجيب مسيحي، اعضاء. وعلمت ‏‏"الجمهورية"، انّ عون ‏سيجتمع مع اعضاء الوفد المفاوض اليوم‎.‎

واللافت في هذا السياق، الكتاب الذي وجّهه الامين العام لمجلس الوزراء محمود ‏مكيّة حول تشكيل الوفد اللبناني ‏الى التفاوض التقني لترسيم الحدود، اشار فيه الى ‏‏"انّ التفاوض والتكليف بالتفاوض بشأن ترسيم الحدود يكون ‏باتفاق مشترك بين ‏رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، مشيراً الى انّ اي منحى مغايراً يشكّل ‏مخالفة ‏واضحة وصريحة لنص الدستور‎".‎

‎ ‎

بعبدا ترفض التعليق

وفي الوقت الذي رفضت فيه دوائر القصر الجمهوري التعليق على مضمون كتاب ‏مكية، لفتت مصادر واسعة ‏الاطلاع لـ"الجمهورية"، "انّ ما لفت اليه الكتاب لم ‏تصل اليه الامور بعد. فعملية تشكيل الوفد العسكري والتقني لا ‏تتصل بعد بمضمون ‏المادة 52 من الدستور التي استند اليها الكتاب، للانتقال الى مرحلة الاتفاق الذي ‏يجب ان يقوم ‏مع رئيس الحكومة‎.‎

فالمادة المذكورة يبدأ تطبيقها عند الوصول الى تفاهم ليُصار الى التنسيق بشأنها مع ‏رئيس الحكومة، وان مهمة ‏تشكيل الوفد لا تتصل بمضمونها‎".

ويأتي تشكيل الوفد اللبناني المفاوض، بعد أيام من اعلان إسرائيل عن تشكيل وفدها ‏الذي دمجت فيه سياسيين ‏وعسكريين، حيث يضم المدير العام لوزارة الطاقة أودي ‏أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء ‏الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، ‏رؤوفين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الاستراتيجية في الجيش الاسرائيلي‎.‎

وكان الوفد اللبناني قد زُوِّد بتوجيهات أساسيّة لانطلاق عملية التفاوض، لعلّ اهمها ‏رفض الدخول في أي موضوع ‏سياسي، وحصر التفاوض بالجانب التقني لا غير، ‏وعلى أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة أقصى ‏الجنوب برّاً والممتد ‏بحراً تبعاً لتقنية خطّ الوسط، دونَ احتسابِ أيّ تأثيرٍ للجزرِ الفلسطينية‎.‎

وخلافاً لما اعلنه وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتز، بأنّ المفاوضات ستكون ‏مباشرة، اكّد الجانب اللبناني انّه ‏لن تحصل اي مفاوضات مباشرة، وان كان الجميع ‏سيجلسون في غرفة واحدة، بل انّ التفاوض سيتمّ عبر ممثل ‏الامم المتحدة‎.‎

ومعلوم هنا، انّ النزاع بين لبنان واسرائيل يدور حول المنطقة البحرية البالغة ‏مساحتها 860 كيلومتراً، والمعروفة ‏بالبلوك رقم 9 الغني بالنفط والغاز‎.‎

‎ 

خميس الاستشارات

واما العدّ الثاني، فهو لحسن مقاربة الطاقم السياسي للملف الحكومي، والتأسيس في ‏‏"خميس الاستشارات" لخواتيم ‏مريحة تحسم تكليف رئيس الحكومة الجديدة، ‏وتخرج استحقاق تأليفها من دائرة التعقيدات والتجاذبات والموانع ‏التي تحول دون ‏اتمامه‎.‎

واذا كانت طريق هذا الاستحقاق تبدو مزروعة بالنيات الحسنة، تبعاً للمواقف ‏العلنيّة التي يبديها السياسيون، والتي ‏تركّز في مجملها على الحاجة الملحّة الى ‏حكومة تشرع فوراً في الخطوات الاصلاحيّة والإنقاذيّة للبلد، إلّا أنّ ‏مصادر معنية ‏بالملف الحكومي أكّدت لـ"الجمهورية"، أنّ "النيات تبدو حسنة، الّا أنّ التجارب ‏السابقة مع الطاقم ‏السياسي نفسه، لا تشجّع على المجازفة في اعتبار تلك النيات ‏حسنة بالفعل، بل أنّها توجب إبقاء الحذر منها قائماً ‏حتى يثبت ذلك بالملموس، ‏وخصوصاً أنّ الاستحقاقات المشابهة كانت تبدأ بنيات حسنة، إلّا انّها سرعان ما ‏كانت ‏تتعثّر بأوراق مستورة، وبدخول الشياطين في كلّ التفاصيل، وتعيد الأمور ‏الى مربّع التجاذب والإشتباك ‏السياسي‎".‎

وبحسب هذه المصادر، فإنّ "إثبات حسن النية هذا، المقرون بالرغبة في تشكيل ‏حكومة في غضون ايام قليلة، ‏يفترض أن يتبدّى في المشاورات التي شرع فيها ‏الرئيس سعد الحريري، في اجرائها مع القوى السياسيّة من موقعه ‏كمرشّح وحيد ‏لرئاسة الحكومة، للوقوف على موقفها النهائي من المبادرة الفرنسية ومدى التزامها ‏ببرنامجها ‏الاصلاحي، وبالتالي يُترجم في استشارات التكليف بعد غد الخميس‎".‎

‎ ‎

غيوم مائلة للبياض

الواضح في هذا المستجد، هو أنّ مشاورات الحريري عكست تحوّلاً من اجواء ‏رمادية سبقتها، الى "غيوم مائلة ‏الى البياض" بعدها، وخصوصاً انّ أجواء ‏الاطراف التي شاورها الحريري في الساعات الماضية لم تعكس ‏سلبيّات، بل ‏تحدثت عن نقاش منفتح ومسؤول واستعداد للتعاون والتسهيل‎.‎

وقال مطلعون على اجواء المشاورات لـ"الجمهورية"، "لقد اتسم النقاش بالهدوء ‏والصراحة والقراءة المشتركة ‏للواقع الرديء الذي بلغه حال البلد، ولم يخرج عن ‏سياق المتوقع، ولاسيما لناحية الإصلاحات" التي يفترض أن ‏تطبّقها الحكومة ‏الجديدة‎.‎

وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ الحريري لم يسمع ممن التقاهم اي موقف اعتراضي ‏على ترؤسه للحكومة، بل على ‏العكس، كان تأكيد على الحاجة الى علاجات فورية ‏توقف النزف القائم وتكبح اندفاعته المتسارعة نحو الانهيار، ‏والطريق الى ذلك يتمّ ‏عبر تشكيل حكومة في وقت سريع جداً، وعدم تكرار مراحل تضييع الوقت الذي ‏يُسرق من ‏عمر البلد ويطيل أمد الازمة، مع التشديد على تقديم كل التسهيلات بما ‏يفضي الى الولادة الحكومية السريعة‎.‎

ويشير هؤلاء، الى أنّ هذا المسار، اذا ما استمر على الخط الايجابي الذي يسلكه، ‏فنتيجة ذلك ستتبدّى اولاً في ‏الاستشارات الملزمة الخميس، بتكليف الرئيس سعد ‏الحريري تشكيل الحكومة، على أن يليها تشكيل الحكومة ‏ضمن مهلة لا تتعدّى اياماً ‏قليلة، الّا اذا برزت في الطريق ما يخشى منها معنيون بالملف الحكومي، من ‏عمليات ‏تشاطر من بعض الاطراف، تُدخل هذا الملف في بازار التسميات وتقاسم ‏الوزارات، على غرار ما كان يجري في ‏تشكيل الحكومات السابقة‎.‎

‎ ‎

في بعبدا

وكان الرئيس الحريري زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر ‏الجمهوري قبل ظهر أمس. وبحسب ‏المعلومات الرسمية، فإنّ عون اكّد للحريري ‏‏"وجوب تشكيل حكومة جديدة بالسرعة الممكنة، لانّ الأوضاع لم تعد ‏تحتمل مزيداً ‏من التردّي، وشدّد على ضرورة التمسّك بالمبادرة الفرنسية‎".‎

‎ ‎اما الحريري، فقد أكّد بعد لقائه عون أنّه "مقتنع بأنّ مبادرة الرئيس الفرنسي ‏ايمانويل ماكرون هي الفرصة ‏الوحيدة والأخيرة الباقية لبلدنا لوقف الإنهيار وإعادة ‏إعمار بيروت"، لافتاً الى انّ "الجميع يُدرك هذا الأمر ‏ويعرف أنّ لا وقت لدينا ‏لإضاعته على المهاترات السياسية‎".‎

‎وقال الحريري، انّه ابلغ رئيس الجمهورية بأنّه سيرسل وفداً للتواصل مع جميع ‏الكتل السياسية، للتأكّد بأنّها ‏ملتزمة بكل بنود المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس ‏ماكرون‎.‎

واشار، الى انّه "يعتمد على وعي الأفرقاء السياسيين، ومواقفي تتطابق مع مواقف ‏الرئيس عون، وهذا يشجعني ‏على المضي قدماً بهذه المبادرة"، وقال: "هذه المبادرة ‏الفرنسية قائمة على تشكيل حكومة اختصاصيين لا ينتمون ‏للأحزاب، تقوم ‏بإصلاحات محدّدة بجدول زمني محدّد، لا يتعدّى أشهراً معدودة‎".‎

واضاف: "من المهم أن نكرّر، أنّ عدم وجود أحزاب في الحكومة هو لأشهر ‏معدودة فقط، أي أننا كأحزاب لن ‏نموت، ولتنفيذ اصلاحات اقتصادية مالية وادارية ‏فقط لا غير، والجميع يعرفون السبب، وهو أنّ جميع الحكومات ‏التي شُكّلت على ‏الاسس التقليدية لتمثيل الاحزاب، فشلت بالإصلاحات، وأوصلتنا وأوصلت البلد الى ‏الانهيار ‏الكبير الذي نعيشه اليوم‎".‎‎

واوضح، أنّ "الاصلاحات وجدولها الزمني محدّدة ومفصّلة بورقة قصر الصنوبر، ‏التي هي بمثابة بيان وزاري ‏للحكومة الجديدة. تشكيل مثل هذه الحكومة والقيام بهذه ‏الاصلاحات يسمحان للرئيس ماكرون، حسبما تعهّد امامنا ‏جميعاً، بتجييش المجتمع ‏الدولي للاستثمار في لبنان، وتوفير التمويل الخارجي للبنان، وهي الطريقة الوحيدة ‏لوقف ‏الانهيار الرهيب الذي نعاني منه جميعنا، كبلد وكدولة وكمواطنين‎".‎

‎ ‎

ماذا في اللقاء؟

وقالت مصادر واكبت لقاء عون والحريري لـ"الجمهورية"، انّ "الحريري شرح ‏الدوافع التي قادته الى هذه ‏المبادرة من اجل تشكيل الحكومة، مشدّداً على حكومة ‏اختصاصيين خارج الانتماء الحزبي، تجري اصلاحات ‏بنيوية وادارية ونقدية ‏ومالية". وقال: "انّ المبادرة الفرنسية هي المبادرة الدولية الاهم، والتي قد لا تليها ‏اي مبادرة ‏اخرى بهذا الحجم، وتحظى بالدعم الذي لن يتوفر لمثلها من قبل ولا في ‏المستقبل القريب ان بقي الوضع متردياً ‏على ما هو عليه‎".‎‎

أضافت المصادر، انّ الرئيس عون اكّد خلال اللقاء انّه على تمسّكه بالمبادرة ‏الفرنسية، وخصوصاً تلك التي ‏تحدثت بعد الاستحقاق الحكومي عن الاصلاحات ‏المطلوبة في مختلف القطاعات، ولا سيما لجهة مكافحة الفساد ‏والتدقيق الجنائي وما ‏هو مطلوب القيام به في قطاعات الكهرباء والانماء‎.‎

وبحسب المصادر، فقد ظهر اجماع بين عون والحريري على هذا الملف، بالإضافة ‏الى الحاجة الماسة للإسراع ‏في تشكيل الحكومة. فكل يوم تتقدّم فيه الاستعدادات ‏لهذه الغاية سيسجّل يوماً من الربح للوطن من اجل استعادة الثقة ‏بالدولة ‏ومؤسساتها. وعلمت "الجمهورية"، انّ البحث لم يتناول ابداً لا شكل الحكومة ولا ‏حجمها ولا اي تفصيل ‏يتصل بتوزيعة الحقائب او اي جانب من جوانب التشكيلة ‏الحكومية‎.‎‎

واشارت المصادر، الى انّ عون والحريري تناولا مختلف التطورات، ولا سيما ‏تلك المتصلة بالتحقيقات حول ‏انفجار المرفأ والوضع النقدي والاقتصادي ‏والتداعيات التي تركتها جائحة كورونا وضرورة مواجهتها وتوفير ‏مقوماتها الطبية ‏والاستشفائية الضرورية، للحدّ من انتشارها وتطويقها. كما تناول البحث ما شهدته ‏عملية استئناف ‏العام الدراسي والبلبلة التي احدثتها عمليات الاغلاق التي اعاقت ‏وصول الطلاب والاساتذة والاداريين الى البعض ‏منها، وصولاً الى الموسم ‏الدراسي‎.‎

على صعيد آخر، تمّ الاتفاق على ان تقوم الوفود التي كلّفها الرئيس الحريري ‏بجولتها على رؤساء الكتل النيابية ‏الاساسية التي شاركت في لقاء قصر الصنوبر، ‏على ان يعود الرئيس الحريري بالنتائج الى قصر بعبدا للتشاور ‏ورئيس ‏الجمهورية. (يشار الى انّ الوفد برئاسة النائبة بهية الحريري وعضوية النائبين ‏سمير الجسر وهادي ‏حبيش، وسيلتقي نهاراً رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ‏وبعده حزب الطاشناق، ومساء رئيس حزب "القوات ‏اللبنانية" سمير جعجع‎).‎

وقد عبّرت مصادر بعبدا عن ارتياحها للاجواء التي اوحى بها الحريري، ولا سيما ‏لجهة ادراكه لحجم الاستحقاق ‏وخطورة الاوضاع القائمة وكيفية التخفيف من ‏نتائجها السلبية على اكثر من صعيد، والتي لا تتناسب وترف ‏الانتظار والتمهل، في ‏ما يمكن اتخاذه من خطوات واجبة للحصول الى صيغة ترضي الجميع. وما يزيد ‏من ‏الاطمئنان، انّ الحريري اوحى بالتعاطي بسلاسة تامة مع مختلف الأطراف‎.‎

‎ ‎

في عين التينة

وفي السادسة مساء امس، زار الحريري رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقر ‏رئاسة المجلس في عين التينة‎.‎

‎ ‎استمر اللقاء ساعة، اعلن على إثرها الحريري: "ناقشت والرئيس بري ورقة ‏الاصلاحات الواردة ضمن المبادرة ‏الفرنسية، والرئيس بري كان واضحاً بموافقة ‏وايجابيات تجاهها وهذا أمر مطمئن‎".‎

‎ ‎أضاف: "وفد من قبلي سيقوم غداً (اليوم) بجولة استشارات للاطلاع على مواقف ‏الكتل، لا سيما تلك التي كانت ‏في لقاء قصر الصنوبر، وعليه يُبنى على الشيء ‏مقتضاه‎".‎

اما الرئيس بري فقال: "أبلغنا الرئيس الحريري اننا ايجابيون ازاء المبادرة ‏الفرنسية، كما كنا ولا نزال‎".‎

‎ ‎

رؤساء الحكومات

وكان رؤساء الحكومات السابقون الحريري، ونجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد ‏السنيورة قد اجتمعوا ليل امس ‏الاول في بيت الوسط‎.‎

‎ ‎وبحسب اجواء المجتمعين، فإنّ الجو كان ايجابياً جداً، ورؤساء الحكومات يقفون ‏خلف الحريري في ما هو ‏بصدده، وتمّ ابلاغه بأنّهم ذاهبون الخميس الى ‏الاستشارات الملزمة لتسميته رئيساً للحكومة. وتشير الاجواء الى ‏لقاء آخر سيعقده ‏رؤساء الحكومات قبل خميس الاستشارات‎.‎

مقاربات جديدة

الى ذلك، قال مرجع سياسي لـ"الجمهورية": "نحن امام ظرف مستجد، وامام ‏مقاربات جديدة، والحريري جدّي ‏في توجّهه لترؤس حكومة انقاذية، ولا اعتقد انّ ‏في خلفية اي طرف التوجّه الى مشاحنات او تجاذبات‎".‎

واوضح المرجع، انه "حتى الآن يمكن القول إنّ الاجواء الاولية ايجابية، لكن ‏الجميع يدركون انّ الامور في ‏خواتيمها. ودعونا لا نقول فول قبل ان يصير ‏بالمكيول‎".‎

ولفت المرجع، الى "انّ امامنا فرصة ثمينة للخروج من الازمة، لا يجب تفويتها، ‏فخروجنا من هذه الفرصة معناه ‏الدخول الى جهنم‎".‎

ورداً على سؤال قال المرجع: "اعتقد انّه لا توجد ايّ عراقيل تمنع حصول التكليف ‏يوم الخميس. لكن ما يبعث على ‏الخشية، هي تلك الحملات الهجومية التي تبدو ‏المنظمة، والتي عكفت عليها بعض المنصّات الاعلامية في ‏التصويب على المناخ ‏الجديد السائد في البلد منذ ما بعد المقابلة التلفزيونية للرئيس الحريري‎".‎

ورداً على سؤال آخر قال: "النقاش الجاري حالياً يدور حول المبادئ والاساسيات، ‏وبالتالي لا حديث بالتأليف قبل ‏اتمام التكليف. علماً انّ كل الامور قابلة للبحث بعد ‏انتهاء استشارات الخميس، وهو ما يستدعي لقاءات ومشاورات ‏يجريها الرئيس ‏المكلّف‎".‎

ولفت المرجع الانتباه الى انّ "لا شروط او موانع حول شكل الحكومة وعددها ‏ونوعها، ولا خلاف على مهمتها، ‏خصوصاً وانّ هذا الامر قد جرى بتّه في ‏مشاورات التأليف السابقة، لجهة حسم حكومة اختصاصيّين لا ‏سياسيين‎".‎



الجمهورية 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

13 تشرين الأول 2020 08:22