جورج بكاسيني

13 تشرين الأول 2020 | 16:12

كتب جورج بكاسيني

نهاد المشنوق .. تمهّل


‏——-جورج بكاسيني

لم أكن متحمّساً للردّ على النائب نهاد المشنوق، الصديق منذ زمن رفيق الحريري، لولا تلطّيه في ‏موقعه الإلكتروني خلف أقلام بعضها معروف بالإسم وبعضها الآخر بأسماء مستعارة، لا يجمعها ‏سوى الحقد على سعد الحريري.‏

إن انتقاد رئيس تيار "المستقبل" حقّ لأي كان، سواء باسم حقيقي أو مستعار، إلا النائب المشنوق ‏، لجملة أسباب أولها أن النائب الصديق كان شريكاً أساسياً في كل سياسات الرئيس سعد الحريري وفي كل ‏التسويات و"الأخطاء" التي يواظب كتّاب موقعه على انتقادها.‏

كما أن المشنوق كان على الدوام في طليعة المعترضين على مبدأ المزايدة والمزايدين قبل أن ‏يصبح واحداً منهم منذ خروجه من "جنّة" الحكومة.‏

كما يعلم النائب الصديق، وهو من طالما تغنّى بواقعيته السياسية، أن المزايدة نقيض السياسة ‏وأنها تنتمي الى شعبوية درجت على إطاحة كل شيء، وهي في ذروة صعودها اليوم في لبنان ‏والعالم.‏

ويدرك الوزير السابق تماماً أن المزايدة سلاح الضعفاء الذين لا يملكون سواها، أما البحث عن ‏حلول في حقول الألغام ووحول التناقضات التي تتفشّى في حياتنا السياسية فهو سلاح الأقوياء.‏

إن فكرة "الضعف" التي يصرّ المشنوق على نسبها للحريري، في موقعه الإلكتروني، هي أكبر ‏كذبة تستهدف سعد الحريري. كما أن تكرارها على أكثر من شفة ولسان لا يعني أنها حقيقة، ‏بقدر ما هي جزء من حملة مسعورة لا تمتّ بصلة إلا الى نزوات شخصية أو تصفية حسابات ‏‏"وزارية".‏

أما إذا كان المقصود أن يحذو سعد الحريري حذو "الأقوياء" بتعطيل البلد أكثر وأكثر أو تعميم ‏الفراغ بين محطة وأخرى أو استخدام القوة ضد الشركاء في الوطن والأشقاء في دنيا العرب، ‏فبئس هكذا "قوة" .. وهكذا "أقوياء".‏

إن القوة كما مارسها الشهيد رفيق الحريري، الذي يدأب موقع المشنوق على التمييز بين سياساته ‏وسياسات إبنه رغم تطابقها، هي في جمع أشلاء البلد وعدم التهوّر في الانجرار الى صراعات لا ‏تُحمد عقباها، كما هو حال لبنان اليوم، أو الانخراط في ما يقود الى حرب أهلية (حذّر منها ‏رئيس فرنسا نفسه) لم يصدّق رفيق الحريري واللبنانيون كيف طُويت صفحتها . وسعد ‏الحريري، وهو ابن أبيه، لن يقبل - من أجل أن يكون "قوياً" - بالمشاركة في تدمير ما بناه ‏رفيق الحريري. أما الصراخ والمزايدات على أنقاض الدمار والضحايا والدولار والأمل فهو ‏الضعف بعينه.‏

لقد تناوب المزايدون منذ بضعة أعوام على دعوة سعد الحريري الى الاستقالة ، وقد فعل منذ عام ‏بالتمام والكمال، فماذا حصل؟ أهذه هي "القوة" المنشودة، ويشهد اللبنانيون بأم العين "الضعف" ‏الذي ضرب البلد واقتصاده وعملته وبلغ ذروة الانهيار؟

ماذا يعني أن تكون "قوياً" فيما يئنّ فاقدو الأمل والعاطلون عن العمل والجياع والباحثون عن ‏مدّخراتهم في المصارف من اليأس؟

لو يذكّرنا معالي الصديق متى لجأ رفيق الحريري الى سياسة" القوة" هذه، أو متى غامر بشعبه ‏وجمهوره وبلده الذي أعاد إعماره من أجل مواجهة مع الآخرين بـ"قوة" لا تسمن من جوع. قوة ‏رفيق الحريري ، وهي قوة سعد الحريري أيضاً، كانت في التوفيق دائماً بين ميزان القوى ‏السياسي وبين مصلحة اللبنانيين. أما الخروج من هذه المعادلة، على طريقة بعض المزايدين، فهو ‏استمرار الواقع الذي نحن فيه على ما هو عليه.‏

صحيح أن رفيق الحريري جازف في العام الأخير قبل استشهاده بمواجهة قوى محلية وإقليمية ، ‏لكنه جازف بنفسه ولم يجازف باللبنانيين، تماماً كما يفعل سعد الحريري اليوم.‏

ربما وقع النائب الصديق في فخّ بعض بائعي الأوهام الذين تعاقبوا على إيهام أكثر من شخص أن ‏في إمكانه أن يكون البديل عن سعد الحريري. لكن ما يثير الاستغراب أن النائب الصديق وقع في ‏ما نُصب له رغم أنه شهد بعينه المجرّدة كيف تساقط هؤلاء ، الواحد تلوّ الآخر ، بمن في ذلك ‏من هم من أهل البيت . وكيف لا يمكن لكل هؤلاء ، متكافلين متضامنين، أن يجمعوا حاصلاً ‏انتخابياً واحداً .‏

المزايدة لا تصنع زعماء ولا بدائل. هي تدفن رؤوس أصحابها كما تدفن النعامة رأسها في ‏الرمال. ‏

النائب الصديق، صديقك من صَدَقُك .. تمهّل.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

13 تشرين الأول 2020 16:12