14 تشرين الأول 2020 | 08:27

إقتصاد

نقيب مستوردي الأدوية: ندرس خطة بديلة لرفع الدعم

نقيب مستوردي الأدوية: ندرس خطة بديلة لرفع الدعم

ربما يكون الألم من أكثر المشاعر التي تقلق الإنسان، إن كان الألم الجسدي أو النفسي. فالإنسان ‏بطبيعته يحب الحياة والفرح لا الألم والعذاب، لذلك يلجأ دوما بالفطرة إلى التخفيف عن آلامه ‏بشتى الوسائل الطبيعية، أم أي دواء يصفه له الطبيب.‏

تنتاب اللبناني في الأيام الأخيرة حال من الهلع والاضطراب بسبب أزمة الدواء وإمكان رفع الدعم ‏عنه. فمنهم من أسرع إلى تأمين مؤونة أشهر عدة خوفا من فقدانها، ومنهم من يسعى جاهدا ‏لتوفير المال وشراء أدويته بخاصة من يعاني من أمراض مزمنة ومستعصية.‏

لم يبق له إلا الدواء ليخفف عنه الأوجاع المنظورة وربما كثر يعانون أوجاعا غير منظورة ولكن ‏لا أحد يدري بها إلا القلب.‏

أزمة جديدة تواجهنا وتقلقنا، وكأنه لا يكفينا ما نواجه من صعوبات جمة من كل صوب، وحتى ‏تأمين الدواء وسعره أصبحا في طليعة همومنا اليومية، أما الفقراء فيواجهون الألم ويتحملونه ‏لتوفير المال لإطعام أطفالهم.‏

أين هي العدالة البشرية؟ متى ينتهي هذا النفق المظلم؟ ومن يطبب آلام الشعب التي طاولت النفس ‏والجسد في آن؟

جبارة

توضيحا لقضية الأدوية ورفع الدعم عنها، التقت "الوكالة الوطنية للإعلام" نقيب مستوردي ‏الأدوية في لبنان كريم جبارة الذي قال: "نحن لسنا في وارد رفع الدعم نهائيا، الاتجاه الأكبر ‏برأيي هو تخفيف الدعم تقابله خطة بديلة تحمي المواطن والجهات الضامنة والنظام الصحي في ‏لبنان. وقد بنيت هذا الرأي نتيجة الإتصالات التي قمت بها إن مع رئاسة الجمهورية وبخاصة ‏مستشار الرئيس الدكتور وليد خوري، إن مع رئاسة مجلس الوزراء ممثلة بالدكتورة بترا خوري، ‏ووزير الصحة شخصيا ومستشاريه ومصرف لبنان أيضا. لذلك وجب طمأنة المواطنين لضبط ‏حال الخوف والهلع التي أصابت تحديدا من يعانون أمراضا مزمنة ومستعصية كالسرطان ‏والألزهايمر والبركنسن وغيرها، الذين تهافتوا لتخزين الدواء لأشهر عدة مع انتشار خبر رفع ‏الدعم".‏

خطوات إيجابية

وطمأن جبارة في حديثه إلى أن "لا تغيير سريعا في أسس الدعم، فما يزال أمامنا الوقت لدرس ‏الخطة البديلة التي هي قيد البحث، ولكي تتم الموافقة عليها من أجل تطبيقها. وقد سمعنا أخيرا ‏عن أوساط حاكمية مصرف لبنان أنه باق على الدعم ومن الممكن تغيير الآلية، ووضع خطة ‏بديلة تحمي القطاع الصحي في لبنان. وأكد ذلك أيضا وزير الصحة حمد حسن خلال اجتماع ‏طارئ عقد مطلع هذا الأسبوع في وزارة الصحة للبحث في أزمة الدواء، أن رفع الدعم لن ‏يحصل والقوى السياسية والعاملة لن تقبل بالأمر، لأن أحدا لا يحتمل رفع الدعم ومن واجباتنا ‏كمسؤولين في الدولة اللبنانية، أن نطمئن الشعب أننا لن نتركهم من دون خطة بديلة ، ومن حق ‏كل مريض أن يحصل على دوائه".‏

وتابع: "إن اللجان تجتمع بشكل مكثف أسبوعيا لتخرج عنها توصيات التي قد تولد في هذين ‏الأسبوعين، وآمل أن نصل إلى نتيجة عادلة تحمي النظام الصحي في لبنان والتنوع في الأدوية ‏الموجودة وجودتها، وألا ننتقل إلى دواء أقل جودة من أجل خفض الأسعار، وأن تحمي أيضا ‏مخزون العملات الأجنبية في مصرف لبنان".‏

أضاف: "إن حال الهلع عند الناس بدأت منذ شهر تقريبا ولا بد لها أن تتوقف الآن. نحن نسلم ‏الصيدليات حاجتها الشهرية، ففي كل شهر نستلم شحنة أدوية ونغذي السوق منها ويدخل البديل ‏عنها إلى المستودعات. ولكن المشكلة هي أننا إذا صرفنا من المخزون الذي تم تخزينه لشهرين ‏سنصل إلى حاة إنقطاع للأدوية، وذلك سببه تهافت المواطنين إلى الصيدليات وتخزين الدواء ‏لثلاثة أشهر أو أكثر. لذلك تبقى أفضل الحلول في هذه المرحلة التقنين في تسليم الأدوية بطلب ‏من وزارة الصحة وتنسيق بين النقابات الثلاث، نقابة مستوردي الأدوية والصيادلة والأطباء على ‏أن يصف الطبيب الدواء للمريض لفترة شهر واحد فقط. وبالنسبة إلى إحصائيات البيع في قطاع ‏الأدوية، في الفترة الأخيرة شهدنا طلبا كبيرا على أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية. أما ‏أدوية الأمراض الجلدية فقد انخفضت بنسبة 17% وأدوية السعال والمغص والأمراض النسائية ‏على انخفاض بنسبة 10 إلى 15 % ‏ويعود ذلك إلى الوضع الإقتصادي المتردي، فطالما أن ‏مصرف لبنان يدعم الأدوية على سعر صرف الدولار 1515 ليرة لبنانية، لن يتأثر مهما ارتفع ‏الدولار إلا إذا قرر تغيير سعر الصرف الذي يتم الدعم على أساسه",‏

صعوبة استيراد الأدوية وتهريبها

تكمن هذه الصعوبة في عوامل عدة كما أوضح جبارة وهي: "ان فريق العمل في مصرف لبنان ‏عدده محدود ولم يكن هو من يهتم بمسألة التحويلات بل المصارف التجارية، فالعدد لا يكفي ‏ليشرف وحده على القطاعات المتعددة من طحين ودواء ومشتقات نفطية وسلة غذائية، لذلك ‏حصل هذا التأخير والسبب إداري غير مقصود".‏

وعن تهريب الأدوية إلى مصر وما أظهره تحقيق بيان قوى الأمن الداخلي، أشار إلى "أن هؤلاء ‏يعرفون بـ"تجار الشنطة" وهم اعترفوا أنهم قاموا بتجميع الأدوية من صيدليات عدة من أجل ‏بيعها، وما حصل ليس تهريبا منظما من خلال شحنات كبيرة إن في البر أو البحر أو الجو. لذلك ‏ندعو كل المعابر الشرعية إلى المراقبة والتشديد الهائل وعدم السماح لأي مسافر بأخذ دواء إلا ‏لشهر واحد. وأتمنى على الأجهزة الأمنية إبلاغ جميع المسافرين بالتدابير التي ستتخذ في حق من ‏يهرب الأدوية، وألا تتم مصادرتها فقط بل أن يدفع المهرب ثمنها بالدولار وترد الأموال إلى ‏مصرف لبنان لتصرف في دعم أدوية بديلة. أما بالنسبة إلى عملية التهريب إلى سوريا وليبيا ‏والعراق التي ظهرت مؤخرًا، نترك للجهات المعنية التحقيق في هذا الموضوع وتحديد المسؤولية ‏ورفع الغطاء عن أي صيدلي أو وكيل يخالف في قضية التهريب أو التخزين."‏

وعن الأدوية الإيرانية، كشف "أن الشركة التي تستورد من إيران غير تابعة للنقابة ولست على ‏اطلاع مباشر بهذا الموضوع، ولكننا لسنا ضد أي منتج أو دواء يدخل لبنان من أي بلد كان شرط ‏أن يخضع لمعايير وزارة الصحة وقوانينها".‏

لقاح الإنفلونزا وأنواعه

في لبنان ثلاث وكلاء يستوردون لقاح الإنفلونزا، وإذا أردنا المقارنة بين الكمية المستوردة في ‏السنة الماضية من اللقاح وهذه السنة، أوضح جبارة: "نجد أن النسبة هائلة إذ تم استيراد أقل من ‏‏200 ألف لقاح بينما توازي الطلبية لهذه السنة نحو 500 ألف، على أمل أن نستلمها كلها في ‏القريب العاجل. لقد تأخر وصولها بسبب الطلب الكثيف عالميا، وقد وصلت الشحنة الأولى في ‏مطلع شهر تشرين الأول وبلغ عددها 85 ألف لقاح (‏INFLUVAC‏) من النوع الثلاثي فاحتفظت ‏وزارة الصحة بقسم منه للحالات الطارئة، وسلمت القسم الأكبر على أن يتم توزيعها من قبل ‏الوكيل بعدل على الصيدليات كافة بحسب الآلية المطلوبة من الوزارة، وهي أن تعطى الأولوية ‏لذوي الأمراض المزمنة والمستعصية والمسنين والأطفال والحوامل. ونحن ننتظر اللقاح الرباعي ‏التكافؤ (‏Vaxigrip Tetra‏) في الأسبوع الثالث من الشهر الحالي. والشركة التي استوردت لقاح ‏‏(‏Influvac‏) الثلاثي التكافؤ، طلبت الرباعي منه (‏Influvac Tetra‏) الذي يصل لبنان في أوائل ‏شهر تشرين الثاني المقبل بكمية كبيرة ويشمل أيضا مثل الـ (‏Vaxigrip Tetra‏) أخطر أربعة ‏أنواع من فيروس الإنفلونزا".‏

وتابع: "من المعروف أن لقاح الإنفلونزا يعطى في أوائل شهر تشرين الأول وإذا تأخر هذه السنة ‏لظروف استثنائية، ذلك لا يعني أن الزمن قد فات ويبقى أخذ الجرعة أفضل من عدمها. لقد تم ‏استيراد نحو 500 ألف لقاح لهذه السنة ضمن جهود كبيرة وجبارة من قبل وزارة الصحة ‏والمستوردين، بخاصة أن لبنان ليس له الأولوية على خريطة العالم".‏

وختم داعيا المواطنين إلى التحلي بروح الإيجابية، "فهناك الكثير من الجهود للنهوض بالبلد ‏مجددا"، وتمنى عليهم "عدم فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها لأن لبنان لن يترك لمصيره، فلنتحد ‏من أجل البنيان".‏

تبقى الثقة الحجر الأساس في بناء كل علاقة بشرية، وبالثقة أيضا تبنى الأوطان وتتأصل ‏أواصرها بين الشعوب وقادتها. قد تفقد الثقة أحيانا وينهار معها الأمان والسلام، ولكن لا بد من ‏وجود أياد بيض تزرع الأمل وتبني من جديد. لا بد من قلوب بيضاء تثق بصمود لبنان وقوته ‏وتؤمن أنه سيخرج من هذا النفق المظلم معافى منتصرا وممجدا.‏


الوكالة الوطنية للاعلام ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

14 تشرين الأول 2020 08:27