23 تشرين الأول 2020 | 07:44

أخبار لبنان

‏ بدأ مخاض "التأليف" والحريري مكلفاً يتمسّك بتعهداته

كتبت صحيفة "النهار" تقول: يبدأ اليوم الرئيس سعد الحريري مخاضا بالغ المشقة لتأليف حكومة ‏يعلق اللبنانيون والمجتمع الدولي أيضا آمالا مضخمة عليها، نظرا الى المهمات الاستثنائية التي ‏تنتظرها والتي تحمل طابعا انقاذيا مصيريا للبنان الذي يشارف أخطر حلقات وفصول انهياراته ‏ما لم يتم تداركها بما صار متعارفا عليه بحكومة المهمات المحددة وفق التسمية الرسمية للمبادرة ‏الفرنسية. بدا الرئيس الحريري الذي صار منذ ما بعد ظهر امس رئيسا مكلفا لتشكيل حكومته ‏الرابعة مدركا تماما للمصاعب والتحديات الكبيرة التي تنتظره، خصوصا وسط مفارقة رمزية ‏واكبت تكليفه وبدء مرحلته الأصعب نحو تأليف الحكومة، اذ جاء تكليفه قبل أسبوع واحد من ‏مرور سنة كاملة على استقالة حكومته الثالثة في 29 تشرين الأول 2019 عقب انطلاق انتفاضة ‏‏17 تشرين الأول. ‏

وترجم بيانه المقتضب بعد تكليفه هذا الادراك، علما ان الأجواء التي واكبت زيارتيه البارحة ‏لقصر بعبدا في يوم الاستشارات النيابية الملزمة، وغداة الرسائل النارية التي وجهها رئيس ‏الجمهورية ميشال عون في اتجاهه حصرا الى جانب قوى سياسية أخرى، عبر رسالته اول من ‏امس، كانت تنبئ بالمناخ المشدود الذي جرت فيه الاستشارات وإعلان نتائجها وسط مخاوف ‏سادت بعض الأوساط من مفاجأة خطيرة من نوع "تفويض" أصوات نواب لرئيس الجمهورية ‏وقطع الطريق على تكليف الحريري بهرطقة دستورية مماثلة لتلك التي حصلت إبان عهد الرئيس ‏الأسبق أميل لحود. ولكن ذلك لم يحصل وجرى التكليف بسلاسة والتقطت صور الرؤساء عون ‏ونبيه بري وسعد الحريري في اجتماع التكليف الدستوري بما أرخى أجواء تبريد نسبية استعداد ‏لـ"الجهاد الأكبر" مع انطلاق مخاض التأليف اليوم من خلال الاستشارات النيابية التي سيجريها ‏الرئيس المكلف مع الكتل النيابية والنواب المستقلين في مجلس النواب.‏

‏ المعلومات المؤكدة عن استعدادات الرئيس الحريري لهذا الاستحقاق تفيد بأنه لم يضع الوقت منذ ‏اعلن قبل أسبوعين في مقابلته التلفزيونية تنكبه لهذه المهمة وإطلاقه حركة المشاورات السياسية ‏والنيابية الواسعة التي تولى بعضها بنفسه والبعض الاوسع الاخر بجولة وفد كتلة المستقبل على ‏رؤساء الكتل والأحزاب الذين شاركوا في اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون. تبعا لذلك تشير المعلومات الى امتلاك الرئيس الحريري العناوين الرئيسية والأساسية ‏لمسودته الحكومية بما فيها من تصورات لاسماء وزراء مقترحين تنسجم مواصفاتهم مع حكومة ‏الاختصاصيين التي ينوي تأليفها كما تنسجم هذه التصورات في المضمون الإصلاحي الجوهري ‏مع الورقة الاقتصادية التي وزعها وفد المستقبل على القيادات التي قابلها وهي ترتكز الى ‏المبادرة الفرنسية. اما في ما يتصل بمسألة الوقت والزمن المقدر لتأليف الحكومة الجديدة، فيمكن ‏القول ان أي تحديد استباقي سيكون امرا محفوفا بالتسرع وعدم الدقة لان الاختبار الكبير للتأليف ‏لم ينطلق بعد، وسيكون انتظار المرحلة الأولى من "المفاوضات الشاقة" التي سيبدأها الرئيس ‏المكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة عصر اليوم في مبنى المجلس في ساحة ‏النجمة محطة استكشاف أولية للحكم على طبيعة المخاض وما اذا كانت ستبرز إمكانات تسهيل او ‏تعقد فورية‎.‎

التكليف والحريري

في أي حال برزت المناخات المعقدة شكلا، اقله في يوم استشارات التكليف في قصر بعبدا من ‏خلال الأجواء المشدودة التي طبعت صور بعض الوجوه ولا سيما منها وجه الرئيس الحريري ‏الذي كان متجهما. ولكن رئيس المجلس نبيه بري بادر عقب اجتماع التكليف الى محاولة تبديد ‏المناخ التشاؤمي متحدثا امام الصحافيين عن "جو تفاؤلي خصوصا بين الرئيسين عون ‏والحريري وبوجه أخص بين تياري المستقبل والوطني الحر‎".‎

غير ان الرئيس الحريري اظهر في بيانه الأول بعد تكليفه بأكثرية 65 نائبا طبيعة طريقته ‏لمواجهة مرحلة التأليف اذ اتسم البيان باقتضاب وبدلالات حازمة حيال التزاماته في تأليف ‏‏"حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية ‏والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية ". وتوجّه الى اللبنانيين "الذين يعانون من ‏الصعوبات الى حد اليأس" مشددا على عزمه "التزام وعدي المقطوع لهم بالعمل على وقف ‏الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا وعلى إعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ الرهيب ‏في بيروت وسأكب بداية على تشكيل الحكومة بسرعة لان الوقت داهم والفرصة امام بلدنا ‏الحبيب هي الوحيدة والأخيرة‎".‎

وواكبت الاستشارات تطورات ومواقف نيابية اكتسبت دلالات وكان ابرزها تصويت نواب كتلة ‏الحزب القومي السوري الاجتماعي لمصلحة الحريري كما كتلة نواب الأرمن. كما برزت ‏مفاجآت أخرى عبر تصويت النواب نهاد المشنوق الذي لم يكن متوقعا لمصلحة تكليف الحريري ‏كما النائب الذي خرج من كتلة اللقاء التشاوري جهاد الصمد والنائب في كتلةنواب القوات اللبنانية ‏جان طالوزيان الذي خالف موقف كتلته. وجاءت الحصيلة الإجمالية للاستشارات بأكثرية 65 ‏صوتا للحريري فيما امتنع 53 نائبا عن تسمية أي مرشح‎.‎

أصداء دولية

وفي اول موقف دولي من تكليف الحريري حض ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان ‏كوبيتش القوى السياسية على مساعدة الحريري على تشكيل الحكومة الجديدة. وقال في تغريدة له ‏‏"لا يمكن أي بلد وبالأخص اذا كان في حال سقوط كارثي كلبنان الاستمرار في تسيير اموره الى ‏ما لانهاية في غياب حكومة فعالة وداعمة للإصلاح". وأضاف ان "القوى السياسية التقليدية ‏أخذت مرة أخرى على عاتقها التحرك قدما بغض النظر عن إخفاقاتها في الماضي. الامر الان ‏يعود الى هذه القوى لمساعدة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على تشكيل حكومة ذات ‏صلاحيات وفعالة لبدء تنفيذ الإصلاحات المعروفة". وفي ما بدا إشارة لافتة الى ربط البعض ‏الملف الحكومي بالانتخابات الأميركية قال كوبيتش "لا تنتظروا المعجزات من الخارج. الإنقاذ ‏يجب ان يبدأ في لبنان وبواسطة لبنان‎".‎

اما مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي زار لبنان الأسبوع ‏الماضي فرفض في لقاء صحافي امس التعليق على تكليف الحريري مشددا على التزام الحكومة ‏الجديدة الإصلاح وانهاء الفساد. وقال "ما زلنا نقف مع الشعب اللبناني ومصرون على ضرورة ‏الإصلاح والشفافية والمحاسبة على الجرائم التي تم ارتكابها". واعتبر انه "أيا تكن الحكومة التي ‏ستتولى الامر في لبنان، فاذا ارادت ان تخرج البلاد من الازمة ينبغي الوفاء بكل هذه المتطلبات ‏للحصول على المساعدات الدولية وإعادة لبنان الى المسار الصحيح". وشدد على "استمرار بلاده ‏في فرض عقوبات على "حزب الله" وحلفائه اللبنانيين الذين ينخرطون في الفساد وإساءة ‏استعمال السلطة بغض النظر عن المحادثات الجارية في شأن الحدود البحرية‎".‎


النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 تشرين الأول 2020 07:44