1 تشرين الثاني 2020 | 11:16

أخبار لبنان

"أبناء رفيق الحريري"..الرجل الإنسان في عيون فرنسية


خاص-"مستقبل ويب"



"نحن أبناء رفيق الحريري".. جملة تختصر مسيرة رجل دمغ بعطاءاته مسيرة يستذكرها كل الذين عاصروا الرئيس الشهيد الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، لتكون بمثابة محطة وفاء أرادها محبوه ليعبروا فيها عن فخرهم بمن اختار أن تكون راية العلم سلاح شباب لبنان للعبور بها نحو العالم.

حنان حوري، هي "إحدى بنات وأبناء رفيق الحريري"، كما تُعرّف عن نفسها ،"أنا واحدة من ثمانية وثلاثين ألف طالب، هم كلُّهم أبناء لهذا الأب العملاق، ولكلّ واحد منهم الكثير من الشهادات والتجارب والقصص شديدة الثراء والدّلالة ليرويها للأجيال الحاليّة والقادمة، ولتوثيقها ونشرها عبرة لمن يعتبر وأمثولة لمن يقتدي".

اختارت حوري ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد لتضيئ على كاتب فرنسي يدعى كريسيان بيكيه وقع في حبّ لبنان واللبنانيّين وزاد شغفه ليعرف أكثر عن رفيق الحريري، خصوصا بعد أن تزوّجت إبنته من أحد "أبناء" الحريري وهو من الطلاّب السابقين لمؤسسة رفيق الحريري، فهو كان يسمع من صهره ورفاقه، ما كان يدهشه عن الرئيس الشهيد في كل مرّة ويدفع به إلى فكرة تبلورت بجمع وتوثيق هذه "الشهادات" المختلفة والمتنوّعة في كتاب ، هدفه إظهار وحدة اللبنانيّين رغم تنوّعهم واختلاف مشاربهم لأنّهم كانوا "واحداً" عند رفيق الحريري ولم يميّز بينهم.

قبل الغوص في حيثيات الكتاب، اختارت حوري أن توجه في هذه الذكرى التحية الى " الأب الروحي"، فسردت واقعة عايشتها يوم زيارة الرئيس الشهيد عام 1984 للمجمّع الطلاّبي في Valbonne حيث اجتمعوا حوله تماماً كما يجتمع الأولاد حول أبيهم ، حيث كان يستمع لنا باهتمام وانتباه مميّزين، ويسألهم عن احتياجاتهم، على الرغم من أنه لم يكن ينقصهم سوى العاطفة التي جاء ليعوّضها لهم".

" شخصيّة فذّة لم يذكر التاريخ ندّاً أو مثيلاً لها وقد لا نرى شخصية بهذا الحجم من الكرم والمحبّة والوطنيّة والرقّة والحنان في مستقبل قريب"، هكذا تصف حوري رفيق الحريري وتستذكر جملة قالها عام 2017 مصطفى حمود عنه:"رفيق الحريري كان الإنسان الرّجل".

رفيق الحريري ..والانتشار اللبناني

"الانتشار اللبناني الرائع لسنة 1984"، كتاب لم ينسَ كاتبه أن يتحدّث فيه عن إعمار بيروت وكيف كان رفيق الحريري يكرّس جزءاً من وقته ليشرف على أدقّ التفاصيل، في "إعمار البشر" قبل الحجر وفي تكامل بين العقل والمادّة ، بين بناء صرح العلم وبناء الأبنية والمشاريع والبنية التحتيّة ، كصنوان لا يفترقان.

لم يكن هذا الكتاب هو الأول لكريستيان بكيه، الذي انتقل من النورماندي وعاش عشرين عاما في الوَسَط الفرنسي ، واختار التحدي فانطلق من مساره المهني في مجال العلوم وتمكين وتدريب الموظفين الى الكتابة، فصدر كتابه الأول في 2010، وبعدها توالت الإصدارات".

في مقدمة الكتاب عن لبنان، يوضح الكاتب كيف ولدت هذه الفكرة في مخيلته، فيقول لـ"مستقبل ويب":" الموضوع تملكني خلال عدة سنوات وتحديدا عند انضمام شاب لبناني إلى عائلتي. في بادئ الأمر، كنت أحاول أن أفهم كيف ولماذا هذا الشاب وفي العشرين من عمره وفي خضم الحرب الأهلية في موطنه يترك عائلته وثقافته ليسافر نحو المجهول ولبلد مختلف عن موطنه ولكن ربما جمل له بواسطة الكتب المدرسية عنده؟ ".

يضيف:"منذ التسعينيات، كنت في أغلب الأحيان أستمع وأطرح على هذا الشاب وعلى أصدقائه أسئلة كثيرة كما كنت قد قرأت الكثير عن هذه البلاد، وكنت أيضا قد زرت لبنان على مرحلتين يفصل بينهما ثلاث عشرة سنة، ومستطلعا بذلك نموه وتقدمه."

يتابع:"مع ذلك وبالرغم كل مشاهداتي وتنقلاتي، يبقى لبنان حتى اليوم غامضاً ويبقى اللبنانيون في أغلب الأحيان مدهشين ومن غير الممكن فهمهم أحيانا أخرى، ولكن حيث أنني أحب التحديات والصعوبات، هذه البلاد أوجدت في داخلي محفزا قويا وجاذبية مطلقة. تمنيت أيضا التفكير ووصف هذا الانتشار اللبناني الكبير وتطوره نحو حمل الجنسيتين، والصداقة اللبنانية –الفرنسية، لأني متيقِّن بأن مؤسسة الحريري قد أعطت دفعة قوية ومهمة لتطور هذا الانتشار المدهش".

يلفت بيكيه الى أن" لبنان كان ولم يزل بين سندانين "النار والدم" وهو لم يزل يعاني ذلك، أجد بأن قصة مؤسسة الحريري تظهر واضحة وجلية في تاريخ هذا البلد، وهي إلى ذلك تلعب دور المنقذ الغير متوقع لجيل الشباب، واليوم في هذا اللبنان الضائع من جديد، خطر لي بأن اعيد إحياء هذه القصة وإعادة تناقلها سوف فكرة سديدة ومثلا للاتحاد والتوافق المتبادل الضروري والملح".

يصف بيكيه "رفيق الحريري بأنه رجل دولة كبير وعنده رؤية وبصيرة لبلده"، ويقول:"معرفتي بلبنان علمتني أنه من غير الممكن أن أصل لإرضاء كل اللبنانيين ، كان لدي هم أساسي بأن لا يكون كتابا سياسيا ولا جغرافيا ولا أن لجهة سياسية أو طرف من الأطراف الحزبية الأخرى، وكما رفيق الحريري (ولكن بكل تواضع) أردت أن تكون شهاداتي من جميع الفئات الاجتماعية، سكان قرى وسكان مدن ومن كل المجموعات الدينية. الهم الآخر هو أن يكون هناك حضورا للمرأة. إذن، كان لدي إدراك بأن السفر لشابة في العشرين من عمرها إلى فرنسا كان يجب أن يكون أكثر صعوبة من الشاب. لذلك واصلت البحث عن شهود مقربين ومن علاقات مختلفة ولكن من على الشبكة الاجتماعية، لملمت كثيرا من الصعوبات ومن عدم فهم العبارة ومن رجوع بالأقوال ومن فشل وخلافه".

ويشير الى أن "هذا الموضوع "شهاداتي" كان كثير التعقيد من أول فصل في الكتاب حتى آخر فصل وأيضا إلى حين الانتهاء منه سأحصل على مادة لكتاب آخر".

يقول بيكيه:"بكتابتي ليس فقط فيما يتعلق بتاريخ المؤسسة ولكن بالقراء الفرنسيين واللبنانيين على حد سواء أن يعودوا إلى الوراء إلى أحداث مهمة حدثت في كلا البلدين (لبنان/فرنسا) خلال السنوات الدراسية في فرنسا للشباب اللبناني. كما كنت أريد أن أضيء على الفرق بين حياة الشاب اللبناني العشريني في منطقة الشوف والفتاة الفرنسية في المدينة الكبيرة. هذا من أجل قياس الفرق الاجتماعي بين البلدين".

يضيف:"بالنسبة للتفاصيل الدقيقة عن مسار الأحداث وعمل هذه المؤسسة ،كنت على تواصل مستمر مع المنظمة في كل فرنسا".

في الصفحة الأخيرة للكتاب يؤكد أنه" تمنى دائما أن يعطي كتابه اسم: "أبناء رفيق الحريري" لأن عددا كبيرا من الشبان الذين عاشوا هذه التجربة، يؤكدون أنهم عدّ رفيق الحريري هو بمنزلة الأبُّ الثاني لهم".

رسالة محبة..

في هذا الوقت الصعب الذي يعيشه اللبنانيون وأبناء رفيق الحريري خصوصا، يضيف بيكيه ل"مستقبل ويب":"كنت أفكر دائما بأن الأفضلية لدى اللبناني هي بالترتيب: عائلتي، أمتي، قريتي، ديني وان أمكن وبقي لديهم القليل من الطاقة أو من الوقت فلبلده، لذلك يجب الآن تغيير الترتيب وأن يصبح: عائلتي، أمتي، قريتي وبالتأكيد ديني، برأيي من المؤكد أن كل القُوَى تعيش من البلد، الشباب، المثقفين، والانتشار، لذلك يجب الالتزام بمخطط وصنع فريق سياسي علماني بعيدا عن الدين، له القدرة على النجاح في الانتخابات المقبلة وله القدرة على الحكم وله إمكانية أن يصنع أو يعيد صناعة الدولة القوية والمحترمة ولها الاستقلالية التامة مع البلدان المجاورة وعدالة مستقلة، النظام الضريبي العادل والاجباري، كهرباء وطنية، الصحة للجميع".

ويضيف:"قبل الأحداث الاجتماعية في تشرين الأول 2019، كنت أبحث دائما عن كيفية الحياة في لبنان وعن استمراريتها، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي تخبرنا يوميا عن حياة اللبنانيين، ومع اللقاءات المتكررة مع ذاك الشخص اللبناني (الذي كان شابا يومها في الكتاب) ورفاقه، كنت أحصل على الشروحات والتعليقات (من وجهة نظر المتحدثين) من خلال طموحهم للتغيير السياسي الذي يتمناه هذا الشعب.كنت أفكر وأكتب دائما بأن أي شرارة اجتماعية بإمكانها أن تشعل أو أن تعيد إشعال هذا البلد، بقدر ما تتمناه البلدان المحيطة به من الاقتتال على أرضه".

ويختم:"بالنسبة إلى مأساة مرفأ بيروت وللدمار الهائل لقسم كبير من بيروت، ذرفت دمعة على هذا البلد الذي لم يستطع بعد أن يتنظم وأن يتحد. أمام هذه الصور المخيفة المتلفزة وتلك في الصِّحافة، كنت أتألم عندما أتعرف إلى الشوارع والساحات في جولاتي الأخيرة والسعيدة في هذه المدينة عام 2018. ولكن في نفس الوقت فكرت بسرعة بأن إعادة الإعمار سوف يكون صعبا جدا بسبب أن القليل من الأمم قد تأتي لإغاثته وبسبب عدم الثقة بسلطته السياسية، وبإمكانيته بالتحكم وبجمع مختلف الطوائف الدينية فيه وبإبعاد الطفيليين من كل الأنواع، العالم اليوم وخصوصا الغربي، لا يعطي أو لا يقرض أمواله ولا مساعداته سوى أن كان هذا البلد المنكوب يعطي ثقة وللبعض التأكيد باستعادة هذا المال".




يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 تشرين الثاني 2020 11:16