18 تشرين الثاني 2020 | 07:48

أخبار لبنان

رسالة مجلس الأمن للبنان: شكّلوا حكومة بلا تأخير‎ ‎

كتبت صحيفة " النهار " تقول :‏‎يبدو واضحا ان عملية استرهان تأليف الحكومة ليست مرشحة ‏للخروج من دوامة الشروط ‏الأسرة، بما يعني ان ابعادا تتجاوز اللحظة الحالية الداخلية تتحكم ‏بالمأزق، ولا افق قريبا لاي ‏انفراج محتمل لهذه الازمة. ‏

ولعل ما استوقف المراقبين في الآونة الأخيرة هو ابتعاد ‏المعنيين المباشرين بمسار تأليف ‏الحكومة أي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري عن تسليط ‏الأضواء على لقاءاتهما والتكتم حتى على خبر ‏انعقاد اللقاء الأخير الذي عقد بينهما اول من امس ‏في قصر بعبدا بما يكشف تاليا اتساع ‏الهوة في مسار التاليف بدل اقتراب التعقيدات من تسويات ‏وحلول.‏

وأكدت المعطيات ‏المتوافرة امس في هذا السياق ان التاليف الحكومي يدور في حلقة مفرغة بما ‏يصعب ‏معه توقع أي حلحلة وشيكة في دوامة التعقيدات والمواقف المتصلبة. وادرج ‏الحراك ‏السياسي الأخير في اطار مساعي الرئيس الحريري المستمرة للوصول الى نتيجة ‏انطلاقا ‏من المرتكزات التي أرساها منذ تكليفه لتشكيل "حكومة مهمة" تضم 18 وزيرا من ‏أصحاب ‏الاختصاص غير الخاضعين للقرار السياسي من دون اقفال الباب امام مناقشة ‏الأسماء ‏المطروحة مع المكونات السياسية كافة. وتؤكد هذه المعطيات ان الحريري، الذي ‏نفى ‏مستشاره الإعلامي حسين الوجه مساء امس ان يكون على جدول أعماله اليوم أي ‏مؤتمر ‏صحافي، لا يزال متمسكا بموقفه من ركائز هذه الحكومة بعدما كان قطع شوطا كبيرا ‏في ‏مناقشتها مع رئيس الجمهورية، وانه لن يتراجع عنها من منطلق ان المعايير التي تتألف ‏على ‏أساسها الحكومة المقبلة وحدها ستكون قادرة على وقف الانهيار وتنفيذ ‏الإصلاحات ‏المطلوبة‎.‎‎

وتلقى الوسط السياسي امس رسالة اممية جديدة تحضّه على تشكيل الحكومة بسرعة ‏وتولى نقل ‏الرسالة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي اعلن انه ‏قدم إحاطة الى مجلس ‏الامن حول الوضع في لبنان "حاشدا الدعم للبلد ولشعبه الذي ‏يعاني من ازمة وجودية متفاقمة". ‏وأضاف في تغريدة :"في المقابل رسالة من مجلس ‏الامن الى قادة لبنان واضحة: شكلوا حكومة ‏دون مزيد من التأخير، حكومة فعالة وقادرة ‏على الإصلاح والتغيير، حكومة تعمل ضد الفساد ‏ومن اجل العدالة والشفافية والمساءلة. ‏هل سيصغون؟‎".‎

نهاية السنة؟

ولكن المخاوف تتصاعد من تمدد ازمة التاليف الى ما يتجاوز الشهر الحالي وربما أيضا ‏الشهر ‏المقبل اذا ثبت ربط ازمة التاليف وافتعال سلاسل الشروط والتعقيدات بأبعاد ‏إقليمية لم تعد خافية ‏على احد علما ان البلاد تترنح بقوة امام هوة سحيقة من الازمات ‏والانهيارات التي تضغط بقوة ‏هائلة. ويبدو ان الخلافات بين عون والحريري لم تقترب بعد ‏من أي قاسم مشترك اقله بعدما ‏اتسعت الهوة في شكل لافت عقب فرض العقوبات ‏الأميركية على رئيس "التيار الوطني الحر" ‏النائب جبران باسيل وافتعال اتهامات في وجه ‏الحريري من انه يساير المناخ الأميركي في بعض ‏جوانب طروحاته لتأليف الحكومة. وفي ‏هذا السياق بالذات تحدثت امس مصادر مطلعة عن عدم ‏توصل اللقاء الأخير السري بين ‏عون والحريري الى أي جديد مشيرة الى ان النقاش يحصر كما ‏في كل مرة، بحسب قول ‏المصادر نفسها، بالاسماء المسيحية دون ان يتطرق الى أسماء الوزراء ‏من الطوائف ‏الإسلامية سواء الشيعية او السنية او الدرزية. وأسوة بما تردده جهات سياسية ‏تسعى الى ‏تقييد الحريري في مسار التاليف بشروطها تتحدث المصادر نفسها عن "قيود ‏خارجية ‏مفروضة على حقائب محددة كالمال والأشغال والطاقة والاتصالات وتتعلق بإبعاد ‏أحزاب ‏معينة عن التوزير المباشر وغير المباشر‎".‎‎

وفي إطار المواقف من مسار التأليف جدد "تكتل لبنان القوي" دعوته الى تشكيل حكومة ‏انقاذ ‏تنفذ البنود الإصلاحية في المبادرة الفرنسية وشدد تكرارا على "اعتماد معيار واحد في ‏عملية ‏التشكيل ليتأمن للحكومة أوسع دعم نيابي وسياسي وشعبي". واعتبر ان "حكومة ‏الاختصاص ‏والخبرة والكفاءة لا يمكنها ان تعمل وتنجز بمعزل عن مبدأ حفظ التوازن ‏الوطني الذي لا يمكن ‏تجاوزه او التنازل عنه" ونبه الى "وجود معطيات أكيدة ومؤشرات ‏مقلقة توحي برغبة البعض ‏في العودة 15 سنة الى الوراء الى زمن الإقصاء والتهميش وهو ‏امر يعاكس مسار الاستقرار ‏الوطني‎".‎‎

التحقيق الجنائي

ولعل اللافت وسط هذه الأجواء ان موضوع التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ‏عاد ‏بقوة الى الواجهة بعدما أدت تداعياته الى انفجار خلاف داخلي وسجالات علنية بين ‏وزيرة ‏العدل ماري كلود نجم ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابرهيم كنعان ونواب في ‏‏"تكتل ‏لبنان القوي" الامر الذي دفع رئيس الجمهورية الى التدخل وجمع نجم وكنعان امس ‏في ‏قصر بعبدا لاعادة تصويب الموقف الموحد من التدقيق. وفي سياق متصل فان نائب ‏رئيس ‏حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان سيتقدم اليوم باسم "كتلة الجمهورية ‏القوية" باقتراح ‏قانون لتعليق العمل ببعض بنود قانون السرية المصرفية وسيشرح حيثيات ‏الاقتراح في مؤتمر ‏صحافي لجهة تسهيل التحقيق الجنائي في مصرف لبنان وكل مؤسسات ‏الدولة. كما لوحظ ان ‏السفير البريطاني كريس رامبلينغ لفت في لقائه مع وزير المال في ‏حكومة تصريف الاعمال ‏غازي وزني امس الى أهمية القيام بتدقيق جنائي ملائم لحسابات ‏مصرف لبنان. وإذ شدد على ‏تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت قال "حتى يتم ذلك من ‏المهم ان على حكومة تصريف الاعمال ‏ان تضطلع بمسؤوليتها مثل تحضير موازنة السنة ‏‏2021 وهذا ما يحصل‎".‎‎

صرخة القطاعات

والاستحقاق الحكومي على أولويته وإلحاحه ساهم في تظهير تصاعد التداعيات ‏الاقتصادية ‏والاجتماعية لحال التعبئة والأقفال العام في مواجهة الانتشار الوبائي لفيروس كورونا ‏في ‏لبنان ومحاولة لجم انتشاره. ذلك انه بعد أيام قليلة وقبل اتضاح نتائج الأسبوع الأول ‏من ‏الاقفال بدأت التداعيات التجارية والاقتصادية للإقفال تتصاعد بفعل اشتداد ‏الضائقة ‏الاقتصادية والركود التجاري والتراجعات في معظم القطاعات ولا سيما منها التجارية. ‏وعقد ‏لهذه الغاية اجتماع استثنائي للمجتمع التجاري بكل مكوناته من كل المناطق اللبنانية ‏في ‏جمعية تجار بيروت وكان الاجتماع والمطالب التي انتهى اليها بمثابة جرس انذار جديد ‏الى ‏خطورة الأوضاع التي بلغها القطاع التجاري. وعكس رئيس جمعية تجار بيروت ‏نقولا ‏الشماس باسم ممثلي القطاع "الذهول والإحباط المخيمين على القطاع التجاري إزاء ‏الظلم ‏والتعسف والإساءة التي يرتبها قرار الإغلاق لكونه ينطبق فقط على هذا القطاع دون ‏سواه ‏ويستقوي عليه وحده " وإذ حذر من ان "الموت الحتمي لهذا القطاع لن يؤدي الى ‏احياء ‏قطاعات أخرى دعا الى اعتماد التوازن بين الموجبات الصحية والمقتضيات ‏الاقتصادية ‏مطالبا بإعادة النظر في قرار الاقفال فورا ومعاملة القطاع التجاري مثل القطاعات ‏الإنتاجية ‏الأخرى والعمل بنصف الطاقة التشغيلية. وفي هذا السياق لمح وزير الداخلية في ‏حكومة ‏تصريف الاعمال محمد فهمي بعد زيارته لبكركي ولقائه البطريرك الماروني الكاردينال ‏مار ‏بشارة بطرس الراعي الى انه من الممكن إعادة النظر في إلاجراءات التي تنفذ بقرار ‏من ‏وزارة الداخلية يوم الجمعة المقبل واتخاذ قرار بإعادة فتح بعض المصالح‎.‎



النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 تشرين الثاني 2020 07:48