أكدت مصادر السياسية لـ"الشرق الأوسط"، تعليقًا على الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي من خلال رئيسه نبيه بري والمتعلقة بالتدقيق الجنائي المالي أن من حق عون أن يخاطب شخصياً البرلمان، لكن من غير الجائز أن يراسله باسم السلطة الإجرائية وبالنيابة عنها كأنه أراد أن يتصرف كأن لبنان محكوم بنظام رئاسي، وقالت إن متابعة التدقيق الجنائي تتطلب وجود حكومة فاعلة لا مستقيلة مع أنه أُدرج في صلب المبادرة الفرنسية التي توافق عليها جميع الأطراف في اجتماعهم مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
واتهمت المصادر نفسها رئيس الجمهورية بمصادرة صلاحيات السلطة الإجرائية التي ينطق باسمها رئيس الحكومة، وسألت إذا كان قرر التعايش وبمباركة من فريقه السياسي مع حكومة مستقيلة على حساب الانصراف لتشكيل حكومة جديدة؟ ورأت أن عون يتصرف في مخاطبته البرلمان كأنه هو من يقرر، وبالتالي بادر إلى رمي كرة تعذّر السير بالتدقيق الجنائي في مرمى المجلس النيابي ومن خلاله القوى السياسية التي هي على خلاف معه رغم أن جميعها كانت قد أيَّدت إجراء التدقيق المالي.
وكشفت أن الكتل النيابية، أو معظمها على الأقل، بدأت تتحضّر للرد على رسالة عون في ضوء مشاريع واقتراحات القوانين التي أقرها البرلمان وباتت في عهدة الحكومة وهي في حاجة إلى إصدار المراسيم التنظيمية لتأخذ طريقها إلى التطبيق، وقالت إن هذه الكتل سارعت إلى التنسيق، ليأتي الجواب على رسالته حسب الأصول بعيداً عن الشعبوية التي حضرت بامتياز في رسالته وحاول أن يختصر الاستجابة لمضامين المبادرة الفرنسية المدعومة دولياً بالتدقيق الجنائي وتقديمه على أنه وحده خشبة الخلاص للبنان.
ورأت أن الدافع الأساسي لمبادرة عون إلى تحريك التدقيق الجنائي يكمن في الرد على العقوبات الأميركية التي استهدفت رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، من زاوية اتهام الآخرين بالفساد وهدر المال العام، وقالت: "لسنا في موقع الدفاع عن الذين أساءوا استخدام المال العام".
وسألت المصادر السياسية عن الأسباب الخفيّة وراء لجوء هذا الفريق أو ذاك إلى استحضار عناوين خلافية بدلاً من أن تتضافر الجهود لتأمين احتياجات اللبنانيين الذين لا قدرة لديهم لتأمين لقمة العيش لعائلاتهم، وقالت إن الأولوية يجب أن تُعطى لوقف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يحضر على جدول أعمال الأطراف الرئيسة.
وأكدت المصادر أن التذرُّع بأن الحريري يريد مصادرة التمثيل المسيحي في الحكومة ليس في محله. وقالت إن العقبة الرئيسة التي تؤخّر ولادتها تقع على عاتق عون الذي يبدو أن تعطيل تشكيلها لا يقلقه، ولفتت إلى أنه لم يستحضر التدقيق الجنائي إلا بعد أن تعذّر على فريقه السياسي تطييف تشكيل الحكومة والتحريض على الحريري في محاولة لم يُكتب لها النجاح حتى الساعة لتأليب القيادات المسيحية من سياسية وروحية على الحريري بذريعة أنه يصادر حقوق المسيحيين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.