22 كانون الأول 2020 | 16:21

أخبار لبنان

البطريرك المنقذ

البطريرك المنقذ

راشد فايد – النهار ‏

قفا نحك

‎ ‎

‏"نُفخَت" الروح في المبادرة الفرنسية، مرتين، حتى اليوم: الأولى يوم فاجأ سعد ‏الحريري الرأي العام، قبل أسابيع، وأشهًر استعداده لتشكيل حكومة وفق مواصفات ‏المبادرة الفرنسية. أما الثانية فكانت نهاية الأسبوع الفائت، وتكرست الأحد في عظة ‏البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وفيها حرَص على ان يقول علنا ‏خلاصة ما قاله لرئيس الجمهورية في اجتماعهما الأخير: لا لحكومة محاصصات، ‏ونعم لحكومة غير سياسية وغير حزبية، وجوهها من المجتمع المدني "بفضل ‏كفاياتهم وانجازاتهم" على ان يتم تشكيلها في اطار الشراكة والمداورة، وعلى ان ‏تتفرغ لمشروع الاصلاحات، وتضع في اولوياتها اعادة بناء المرفأ وبيروت، ‏و"معرفة من قتل أبناءها، ومن أتى بالمتفجرات، ومن يمتلكها ومن سمح بتخزينها، ‏وغطى عنابرها، وسحب كميات منها بشكل دوري". وتوج البطريرك موقفه ‏بالقول: لم أجد سببا واحدا يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوما واحدا. وكان ‏يمكنه ان يضيف: لا يمكن عاقلا ان يصدق ان المناوشات السياسية، بين "ثلث ‏معطل" ووحدة المعايير، هي ما يترك ولادة الحكومة المنتظرة قيد الحمل لثلاثة ‏أشهر، وقد تزيد‎. ‎

‎ ‎للتذكير، يقول ناظر الخارجية الاميركية الشهير هنري كيسنجر في مذكراته، ‏انه يوم أبلغ في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، باندلاع حرب تشرين، وتخطي ‏الجيش المصري خط بارليف، وما يمثله ذلك من هزيمة لاسرائيل، تستدعي مدها ‏بمزيد من الدعم العسكري، قال لمحادثيه: "دعوا الأولاد يلعبون"، وبعد أيام وفرت ‏الادارة الاميركية مظلة جوية لاسرائيل وكشفت "الدفرسوار" الشهير، وتدخلت الى ‏جانبها‎.‎

‎ "‎حزب الله" في لبنان اليوم، يترك "الاولاد" يلعبون، من العم الى الصهر، والى ‏الشريك، ولا يعلن موقفا مما يجري، لان مطر هذه "الغيمة" السوداء، التي تهدد ‏الوطن والدولة، سيصب عنده، كما يتوقع، وعند وليه الفقيه‎.‎

‎ ‎وإلا، من هو الطرف المستفيد من تغطية الأزمات المتنوعة، الصحية، والأمنية ‏والتدميرية، بأزمة ولادة حكومة، لم يبق طرف، اقليمي ودولي، لم ينصح بتشكيلها ‏سريعا، بلا سياسيين، بعيدا عن المحاصصات، وتنظيرات أصحاب العقد الطائفية؟

‎ ‎عادة ما يستفيد من الفوضى العامة الطرف الأكثر تنظيما، والأوسع قدرة والأوفر ‏امكانات، وعادة، ايضا، ما يستطيع، بفضل كل ذلك، ان يؤجج الموقف، أو ان ‏‏"يبرّده" وفق مواقيته، ومصالح شركائه، أو موجهيه، كما حدث يوم اُشعلت حرب ‏تموز 2006 لاستجرار الاتفاق النووي الايراني مع الغرب، وفي 7 أيار 2008 ‏لقضم الدولة والوطن، وما تلا ذلك من هيمنة، لا تخفى، على تفاصيل الحياة اليومية ‏للبنانيين، ومن صورها، السيطرة على المعابر البرية والبحرية والجوية، من وراء ‏الستارة، ومن قدام كل ستارة‎.‎

ما فعله البطريرك بتحركه هو أنه مزق الغشاوة التي أرادها البعض لتمديد الأزمة ‏متعددة الأوجه، ووضع الجميع في مواجهة الحقيقة: من يريد إنقاذ الوطن والدولة ‏أمامه طريق واحدة، تمتد من مبادرة ماكرون، إلى موقف سعد الحريري، فتحرك ‏البطريرك المنقذ. دون ذلك، إهدار للبلد وأهله‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 كانون الأول 2020 16:21