31 كانون الأول 2020 | 08:12

أخبار لبنان

‎2021 ‎‏.. وراثة الكوارث أم قبس الانفراج؟

‎2021 ‎‏.. وراثة الكوارث أم قبس الانفراج؟

كتبت صحيفة "النهار" تقول: ليس السؤال ماذا تراهم اللبنانيون يقولون في وداع ‏هذه السنة وكيف سيودعونها وباي انطباعات سيستقبلون السنة الجديدة ، بل الأصح ‏هل تركت السنة الآفلة أنفاسا كافية بعد لدى اللبنانيين للتطلع ببقايا امل الى السنة ‏الجديدة ؟ عند منتصف هذه الليلة تطوي السنة 2020 صفحتها الأخيرة في سجل ‏عالمي وكوني تاريخي كاحدى أسوأ الأعوام التي عرفتها البشرية قاطبة نظرا الى ‏الحدث الأحادي الذي وحد العالم في تداعياته الكارثية المشؤومة وهو انتشار جائحة ‏كورونا في كل العالم مخلفة تداعيات إنسانية وبشرية واقتصادية مخيفة . واذا كانت ‏السنة الآفلة ستسجل في خانة أسوأ الاحداث التي عرفتها البشرية فان ذلك سيضاف ‏الاف المرات حجم الامال المعلقة على السنة الوافدة 2021 خصوصا وسط احتدام ‏صراع وسباق خيالي لا يصدق بين اتساع الانتشار الوبائي في كل العالم مع ‏تسجيل سلالات متطورة جديدة للفيروس وبدء عمليات التلقيح ضد كورونا في ‏الكثير من الدول‎ .‎

هذا الجانب العالمي الذي سيواكب احتفالات كل بلدان العالم بحلول السنة الجديدة ‏،على بعده ودلالاته التاريخية، لن يقف حائلا دون الخصوصية الكبيرة والمعبرة ‏والمؤثرة للغاية للحظة اللبنانية التي يقف عندها اللبنانيون عند حافة وداع أسوأ ما ‏عرفوه من كوارث وازمات وانهيارات ومآسي في هذه السنة التي سيحطمون ‏منتصف هذه الليلة كل ما تطاله اياديهم من صحون وزجاج وراءها في مقابل ‏تضخم أمال وتمنيات بل واحلام مشروعة وطبيعية وبديهية في ان ينقلب مع حلول ‏السنة الجديدة قدر لبنان ويبدأ العبور الى نقطة ضؤ علها تحمل فجر الإنقاذ وتطلق ‏مسار الخروج من الكوارث والأزمات والانهيارات . هذه السنة الآفلة الخيالية في ‏مستويات الشؤم والكوارث والتراجعات على كل المستويات ابت الا ان تلفح لبنان ‏بأقسى الاقدار حتى الثانية الأخيرة منها بدليل هذا المشهد الدراماتيكي الذي كان ‏عليه لبنان بين عيدي الميلاد ورأس السنة كأنه اختصار خالص لمجمل ما حل عليه ‏من مصائب ونكبات وكوارث وازمات كانت ذروة تتويجها المشؤومة في انفجار ‏مرفأ بيروت في 4 آب 2020‏‎ .‎

سنة شهدت من بداياتها الى نهايتها أسوأ عقاب مصيري ووجودي لشعب قاسى ‏ويقاسي الويلات لانه ابتلي بسلطة حاكمة وطبقة سياسية بات يستحيل إيجاد ‏الاوصاف الكافية التي "تحظيان بجلالها " في مستويات قياسية من الفشل والقصور ‏والعجز والفساد وحتى التآمر . ولعله لن تكون ثمة حاجة باللبنانيين الى إعادة رمي ‏مسؤوليهم بسيل الشتائم هذه الليلة اذ يكفي استذكار جانب من سجل السنة الآفلة ‏يتعلق بنظرة المجتمع الدولي الى الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لتشكل في ذاتها ‏احدى العلامات الفارقة جدا في احداث السنة . فما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون في توصيف الطبقة السياسية بعد عرقلة مبادرته والزيارتين اللتين قام بهما ‏للبنان في آب وأيلول الماضيين يكفي وحده كشهادة معيبة في عدم احترام الوسط ‏الرسمي والسياسي اللبناني لتعهدات تتعلق بانقاذ بلادهم أولا وأخيرا ، فاذا برئيس ‏دولة اجنبية يثبت لهفته على لبنان اكثر من حكامه ومسؤوليه ومعظم سياسييه ‏وقادته . وما لم يقله ماكرون يكمله مسؤولون دوليون وأمميون وخليجيون وغربيون ‏بما يشكل واقعا السقوط الكبير المدوي لهذا العهد وهذا الحكم وهذه الطبقة بمعظم ‏رموزها وقواها‎ .‎

مسار الانهيارات

مع انصرام السنة الآفلة التي تلفظ أنفاسها بترحيب عميم عارم منتصف هذه الليلة ‏يكون لبنان قد سجل للتاريخ انه شهد الانهيار الأشد قسوة منذ نشأته لان الانهيار ‏وان كان بدأ في العام 2019 وأورث طلائعه للسنة 2020 الا ان مجريات ‏الانهيارات هذه السنة تفاقمت على نحو دراماتيكي على المستويات السياسية ‏والاقتصادية والمالية والاجتماعية وجاءت جائحة كورونا لتتوج المسار الكارثي ‏وتدفع بلبنان الى مصاف الدول المدمرة تماما في مستوى تراجعاتها وانهياراتها في ‏هذه السنة‎ .‎

واذا كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة وبعد تكليف الرئيس سعد الحريري ‏تاليف الحكومة الجديدة أقفلت عشية الميلاد على انتكاسة انهيارية سياسية كرست ‏الانسداد الحاصل في مسار تشكيل الحكومة فان هذا التطور السلبي الذي يظلل ‏المشهد اللبناني مع اطلالة السنة الجديدة يطلق زخات الأسئلة الحائرة والقلقة حيال ‏مستقبل قريب ومتوسط وبعيد المدى سواء بسواء يخشى معه اللبنانيون ان يذهبوا ‏بعيدا في توسل الامال بنقطة ضؤ في نهاية النفق ولو عند مناسبة حلول السنة ‏الجديدة التي ترث من السنة الراحلة اضعاف ما ورثته الأخيرة . ولذا تتحجم الامال ‏وتتواضع وتتضاءل خشية مزيد بل فائض من الصدمات مع انعدام وجود أي رهان ‏بعد الان على استفاقة او يقظة سياسية من شانها ان تحرر اللبنانيين من سياسات ‏التعطيل والفراغ التي باتت بمثابة آلة اغتيال منهجية للنظام الدستوري كما لإنقاذ ‏لبنان من خلال اسقاط دوامة الشروط التعجيزية المتعمدة لمنع تاليف الحكومة قبل ‏اضاءة الإشارة الخضراء الإقليمية المعروفة التي يهيمن محورها على لبنان ‏وسلطته ومعظم مفاصله المؤسساتية . أسابيع قليلة في مطلع السنة الجديدة وتنكشف ‏كل الخطة وكل الارتباطات التي لا تحتاج أصلا الى اثبات ، ولكن صراع لبنان مع ‏قدر الازمات لن يستريح حتى في منتصف هذه الليلة‎ .‎

وفي دلالة غير مشجعة على الحصيلة السياسية التي وصل اليها البلد في نهاية السنة ‏‏2020 اختصر رئيس مجلس النواب نبيه بري الوضع في نهاية السنة بقوله مساء ‏امس لـ"النهار" بانه "ساكت " ، وأضاف باقتضاب ان " أي كلام يردد لا يعبر عن ‏حقيقة الحال التي وصلنا اليها ". كما تواصل البطريرك الأرثوذكسي يوحنا العاشر ‏امس برئيس الجمهورية العماد ميشال عون معايدا ودعا الى الإسراع في تأليف ‏الحكومة اللبنانية الجديدة وتذليل كل الصعوبات التي تعترض ذلك‎ .‎

تحقيقات المرفأ

وسط هذه المناخات المأزومة بدا ملف انفجار مرفأ بيروت الذي يعتبر أسوأ احداث ‏السنة الراحلة كأنه عاد الى التوهج بقوة في الأيام الأخيرة خصوصا مع اطلاق ‏رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تصريحات ومواقف لم يعلنها سابقا ‏ولم يتم تداول معطياتها في التحقيقات او المواقف المعنية . وآخر ما سجل امس ‏تمثل في تسليم المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي فادي صوان ملف ‏التحقيقات التي اجراها كاملا الى محكمة التمييز الجزائية التي باشرت دراسته. ‏وكانت هذه المحكمة أرسلت الى المحقق العدلي كتابا تأكيديا للحصول على ملف ‏التحقيقات في انفجار المرفأ بعدما تمنع صوان عن تزويد المحكمة بالملف‎ .‎

وفي سياق اخر ابلغ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى وكالة ‏رويترز ان لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار من احتياطات متبقية للدعم لستة ‏اشهر أخرى . وقال انه علم بمبلغ الملياري دولار من تعليقات ادلى بها حاكم ‏مصرف لبنان المركزي رياض سلامة . وقال ان المبلغ اكبر مما كان متوقعا ‏وسيستمر ستة اشهر اذا طبق نظام البطاقات كما عبر عن امله في التوصل الى ‏اتفاق بحلول شباط في شأن خطة لوقف الاتفاق على الدعم وتوفير المساعدة للفقراء ‏في الوقت نفسه‎ .‎

وسط كل هذه الأجواء سيكون لبنان امام مزيد من المخاوف حيال ارتفاع الإصابات ‏بكورونا مع الخشية من تفاقم الاعداد بسبب احتفالات رأس السنة . وفي قفزة قياسية ‏جديدة سجلت وزارة الصحة امس 2878 إصابة بكورونا و13 حالة وفاة‎ .‎



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

31 كانون الأول 2020 08:12