10 كانون الثاني 2021 | 11:54

ثقافة

توماس فريدمان: كنا سنغرق في حرب أهلية!

ترجمة سارة سنو


في مقالته الأخيرة في "نيويورك تايمز"، بعنوان "لا تنسَ أبدًا أسماء هؤلاء الجمهوريين الذين حاولوا الانقلاب"، يدعو الكاتب والصحافي الأميركي توماس فريدمان إلى إنتفاضة جمهورية تطيح بجماعة دونالد ترامب الجمهوريين، ممن حاولوا القيام بأول إنقلاب تشريعي في تاريخ الولايات المتحدة ولو كان الثمن رميها في أتون حرب أهلية.


“ماذا يفيد الإنسان إنْ هو كسب العالم وخسر نفسه؟”… هذا ما جاء في الكتاب المقدس. من الواضح أن السيناتورات جوش هولي، تيد كروز، رون جونسون وكل زملائهم «الجمهوريين» من المخططين للانقلاب على نتائج الانتخابات الرئاسية قد نسوا هذه الآية، إن كانوا يعرفونها أصلاً. إنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم، وروح حزبهم، وروح أميركا – تقاليدنا في انتخابات حرة ونزيهة كوسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية – وذلك حتى يستطيع دونالد ترامب أن يظل رئيساً ويستطيع واحد من أفراد هذه المجموعة خلافته في نهاية المطاف.


«الفلسفة» التي تحكم «جمهوريي» طائفة ترامب البلا مبادئ واضحة على نحو لا لبس فيه: «الديموقراطية تناسبنا طالما أنها آلية تمكننا من أن نكون في وضع السيطرة. ولكن إذا لم نستطع الحصول على السلطة، فلتذهب القواعد إلى الجحيم في تلك الحالة، وليذهب النظام إلى الجحيم. فالسلطة لا تنبع من إرادة الشعب، بل تنبع من إرادتنا وإرادة زعيمنا”.


وحتى تكون أميركا صحية وسليمة من جديد، ينبغي على «الجمهوريين» المحترمين – في مناصب المسؤولية وفي الشركات – الانفصال عن هؤلاء «الجمهوريين» الذين لا يتمسكون بالمبادئ وتأسيس حزب «محافظ» لديه مبادئ خاصة. الأمر ملح ومستعجل. وحتى إذا انفصلت مجموعة صغيرة فقط من المشرّعين من ذوي المبادئ المنتمين ليمين الوسط – وزعماء الشركات الذين يموّلونهم – وشكّلوا إئتلافاً محافظاً خاصاً بهم، فإنهم سيصبحون مؤثّرين بشكل كبير في مجلس الشيوخ المنقسم انقساماً حاداً اليوم. ويمكن أن يصبحوا فصيلاً متأرجحاً حاسماً يساعد في تقرير أي من تشريعات إدارة بايدن.


وفي هذه الأثناء، ستصبح طائفة ترامب «الجمهورية» على النحو الذي تحتاج لأن تصبح عليه حتى تتوحد أميركا من جديد: أقلية عديمة المصداقية وعديمة القوة تتألف من أشخاص غريبي الأطوار ينتظرون آخر تغريدة من ترامب على تويتر ليقول لهم فيها ما ينبغي لهم فعلهم أو قوله أو اعتقاده.


أعلمُ أن تفكيك حزب قائم ليس أمراً سهلاً (ولا محتملاً). ولكن «الجمهوريين» من ذوي المبادئ، أولئك الذين دافعوا عن فوز جو بايدن في الانتخابات بإخلاص وشجاعة، عليهم أن يسألوا أنفسهم: «بعد بضعة أيام، عندما ينتهي كل شيء، هل سنعود بكل بساطة إلى الوضع العادي السابق مع الأشخاص الذين يحاولون بالفعل القيام بأول انقلاب تشريعي في تاريخ أميركا؟».


عندما تنتهي هذه الحلقة، سيفعل ترامب أو يقول شيئاً لإضعاف بايدن وجعل التعاون مستحيلا، وسيطالب المدافعون عن ترامب، مثل كروس وهولي وجونسون وزعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن ماكارثي، البلاد بتلبية ما يريد خدمة لمصالحهم السياسية، ما سيضع «الجمهوريين» ذوي المبادئ في وضع صعب كل يوم. وفي كل أسبوع سيكون ثمة اختبار ولاء جديد.


هذه هي النار التي يلعب بها هؤلاء الأشخاص. وبالطبع، هم يعرفون ذلك. ما يجعل جهود هولي وكروز وجونسون وأمثالهم أكثر حقارة. هؤلاء ليس لديهم القليل من احترام الذات إلى درجة أنهم على استعداد لتلميع بريق حذاء دونالد ترامب حتى آخر ثانية له في منصبه.


اليوم، لا يوجد تكافؤ بين حزبينا الرئيسيين. ففي الانتخابات التمهيدية، اختارت أغلبية ساحقة من «الديموقراطيين»، بزعامة أميركيين أفارقة معتدلين، الاصطفاف مع بايدن المحسوب على «يسار الوسط»، وليس مع الجناح «الديموقراطي الاشتراكي» من أقصى اليسار الذي يدعو إلى وقف تمويل الشرطة.


أما على الجانب الآخر، فقد أصبح حزب ترامب «الجمهوري» أشبه بطائفة دينية لدرجة أنه قرر في مؤتمره الوطني ألا يكشف عن برنامج سياسي للحزب، لأن برنامجه سيكون أي شيء يريده «الزعيم المحبوب» في أي يوم. والحال أنه عندما يكف أي حزب عن التفكير – ويكف عن رسم أي خطوط حمر – فإن الحزب سيكون عرضة للاتجاه إلى الأسفل نحو الهاوية أكثر فأكثر، حتى أبواب الجحيم. هناك حيث وصل الآن.


وإذا كانت لديك أي شكوك في أن هؤلاء الأشخاص منخرطون في ما يشبه السلوك «الانقلابي»، فإن زملاءهم «الجمهوريين» من ذوي المبادئ ليست لديهم أي شكوك في ذلك. ففي تعليقها على اعتزام جوش هولي الطعن في عدد الأصوات، قالت ليزا موركوفسكي، السيناتورة «الجمهورية» من ألاسكا: «إنني أعتزم الوفاء لقسمي بالدفاع عن الدستور. وهذا هو اختبار الولاء هنا». ومن جانبه، قال السيناتور بن ساس من نبراسكا: «إن الكبار لا يصوّبون مسدساً ملقماً إلى قلب حكومة شرعية». وقال السيناتور روب بورتمان من أوهايو: «لا أستطيع تأييد السماح للكونغرس بإحباط إرادة الناخبين».


وعليه، فإن مخططي الانقلاب سيفشلون. ولكن عليك أن تسأل نفسك: ماذا لو سيطر حلفاء ترامب على مجلسي النواب والشيوخ والمحكمة العليا وكان لهم ما أرادوا: أي استخدموا نوعاً ما من المناورات التشريعية وتمكنوا من إبطال فوز بايدن؟


إنني أعرف جيداً ماذا كان سيحدث. الكثير من الـ81 مليون أميركي الذين صوّتوا لبايدن كانوا سينزلون إلى الشوارع – وكنت سأكون واحداً منهم – وربما كانوا سيقتحمون البيت الأبيض ومقر الكونغرس والمحكمة العليا. وكان ترامب سيستدعي الجيش، أو الحرس الوطني، الذي يقع تحت إمرة حكام الولايات، فكان سينقسم حول هذا الأمر، وكنا سنغرق في حرب أهلية.


هذه هي النار التي يلعب بها هؤلاء الأشخاص. وبالطبع، هم يعرفون ذلك. ما يجعل جهود هولي وكروز وجونسون وأمثالهم أكثر حقارة. هؤلاء ليس لديهم القليل من احترام الذات إلى درجة أنهم على استعداد لتلميع بريق حذاء دونالد ترامب حتى آخر ثانية له في منصبه، على أمل أن يرثه أتباعه، إذا لم يترشح مرة أخرى في عام 2024. هم، من خلال تلك الطريقة، يحصلون على أفضل ما يريدون: إشادة بين ناخبي ترامب لأنهم اتبعوا «مزاعمه الكبيرة» (ادعاءه بأن الانتخابات زُوّرت) من دون الزجّ بنا في أتون حرب أهلية. ولكن الثمن على المدى البعيد سيكون باهظاً: تقلص ثقة الكثير من الأميركيين في نزاهة انتخاباتنا الحرة والنزيهة باعتبارها الأساس لنقل السلطة بشكل سلمي.


هل يمكنك تخيل أي شيء أكثر سخرية؟


كيف يقاوم الأميركيون المحترمون، إلى جانب حث الجمهوريين المبدئيين على تشكيل حزبهم الخاص؟ يجب التأكد من تدفيع كل مشرع يصوت مع ترامب ويعارض الدستور ثمناً ملموساً. يجب على المساهمين في كل شركة أميركية كبرى التأكد من منع لجان العمل السياسي في هذه الشركات من تقديم مساهمات في الحملة لأي شخص شارك في محاولة الانقلاب يوم الأربعاء الماضي.


في الوقت ذاته، “نحن الشعب” بحاجة إلى محاربة كذبة عبادة ترامب الكبرى. آمل أن تشير كل مؤسسة إخبارية وكل مواطن إلى هاولي وكروز وجونسون وأصدقائهم الآن وإلى الأبد على أنهم “مدبرو الانقلاب”.


اجعل كل من أولئك الذين روجوا لهذه الكذبة الكبيرة حول تزوير الانتخابات يحمل صفة “مخطط للانقلاب” إلى الأبد. إذا رأيتهم في الشارع، داخل مطعم، في حرم كليتك، اسألهم بأدب: “لقد كنت أحد مخططي الانقلاب، أليس كذلك؟ العار عليك!”.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

10 كانون الثاني 2021 11:54