مستقبل ويب
رغم انهيار الهيكل فوق رؤوس الجميع، مسيحيين ومسلمين معاً، ورغم العزلة التي أصابت لبنان "الجسر بين الشرق والغرب"، يُمعن العونيون في إغراقه أكثر وأكثر في فائض جديد - قديم من الشعارات والكيديات .
وبدلاً من أن يكون "الطبق الأساسي" للنقاش الدائر في الجمهورية كيف السبيل لأن تبصر حكومة اختصاصيين النور، يستعين العونيّون بـ"اختصاصيين" بثقافة "الفائض" يتوزّعون معهم أدوار التحامل على الرئيس المكلّف سعد الحريري من أجل "الإعتذار".
أقلام "حزب الله" تنضمّ أحياناً، وتقود أحياناً أخرى مسلسل الهجوم، حتى إذا احتار سالم زهران في "جنس" زيارات الحريري للخارج، سارع عماد مرمل الى تصويب هدفَي القصر و"سنتر الشالوحي "وهما واحد : قطع الطريق على تشكيل الحكومة.
لا يتورّع هؤلاء، مثلهم مثل العونيّين، عن التغريد خارج سرب الوقائع والحقائق : المطلوب من الحريري "الترفّع عن مزاجه الفردي لصالح المصلحة اللبنانية العليا"،باعتبار أنه هو ، وليس رئيس الجمهورية، من سرّب بالصوت والصورة عيّنة من "فائض" "المزاج الفردي" مع اتهام الرئيس المكلّف بـ"الكذب" لإحراجه من أجل إخراجه .
فات هؤلاء أن رئيس الجمهورية نفسه ،وبالصوت والصورة، نضَح بنواياه عشية استشارات التكليف، وحضّ النواب على عدم تسمية الحريري ،قبل أن تتلاحق المحطات التي استند إليها لاحقاً هو وجبران باسيل .
كما فات هؤلاء أن نظرية وجوب أن تكون الحكومة مؤلّفة من اختصاصيين "بدءاً من رئيسها وصولاً الى آخر وزير فيها" ، تنطبق أولاً على رئيس الجمهورية الذي يرأس جلسات مجلس الوزراء "عندما يشاء" كما ورد في أحكام الدستور، علاوة على أنه "قائد أكبر تيار سياسي مسيحي"، كما يرِد مراراً وتكراراً في أدبيات التيار " الوطني الحرّ".
ولا تخلو الأسباب الموجبة لوجوب "اعتذار" الحريري من ذرائع تنتمي الى ما يثير السخرية، مثل اتهام من استنفر المجتمعين العربي والدولي من أجل إنجاح مؤتمر "سيدر"بعدم تنفيذ موجباته أو "عدم ائتمانه على الإصلاح". ربما ظنّ هؤلاءأن اللبنانيين الذين فقدوا الكثير من حقوقهم وامتيازاتهم الاقتصادية والاجتماعية في ظلّ هذا العهد، أصيبوا أيضاً بفقدان الذاكرة ونسَوا هويّة معطّلي "سيدر" والموازنات وجلسات مجلس الوزراء لغاية في قبرشمون .
أما ادعاء الأقلام نفسها، بلسانها أو بالنيابة عن العونيين، أن الرئيس المكلّف "نسج تفاهمات تحت الطاولة مع المكوّنات الأخرى"، فتكفي العودة الى مواقف عدد من الأقطاب السياسيين ،وهم أحياء يرزقون ، لدحضها جملة وتفصيلاً . فرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية قال بالفم الملآن أن الرئيس المكلّف لم يطلب منه أي مرشّح للحكومة ولا عرض عليه أي اسم .كما أن رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" أكد الأمر نفسه مع إشارات عتب على الحريري لأنه لم يفعل . أما إذا كان المقصود "تفاهم تحت الطاولة" بين الحريري و"حزب الله" فطريق أصحاب هذه الأقلام أقرب الى حارة حريك منها الى "سنتر الشالوحي" للتثبّت من حقيقة ما فعله الرئيس المكلّف .
ثبت بما لا يقبل الشك أن عقل العونيين، ومعهم المروّجون لثقافتهم الشعبوية، ما زال غارقاً في زمن ما قبل الانهيار، وأن بدعة "الميثاقية" المشوّهة التي نجح في تسويقها قبل 17 تشرين أصبحت مرذولة من المسيحيين أولاً. كما أصبح واضحاً أن أسطوانة "الحقوق"التي طالما تسلّح بها هذا العقل بذريعة الدفاع عن المسيحيين تحوّلت بعد وصول صاحبها الى القصر الى مجرّد دفاع عن "حقوق الرئيس" أو صلاحياته المزعومة .
أما الأخطر فهو أن هؤلاء لا يكتفون بانتهاك الدستور وضربه كلّما أشرقت الشمس ، وإنما بتفسيره على هواهم وعلى نحوٍ ينسف مرتكزاته من الأساس. فعن أي مادة دستورية في الطائف يتحدث هؤلاء تشير الى أنه "أصبح لرئيس الجمهورية شريك في صلاحية تأليف الحكومة هو الرئيس المكلّف بعد أن كان يسمّي الوزراء ويختار منهم رئيساً( قبل الطائف) ؟!
هذا باختصار هذيان موصوف وتحريف متعمّد لنص الدستور الذي يحدّد بوضوح كيفية اختيار رئيس الحكومة، أي عن طريق الأكثرية النيابية وليس رئيس الجمهورية.. ونقطة على السطر.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.