25 كانون الثاني 2021 | 09:05

أخبار لبنان

‏ الراعي "يعظ" وعون "لا يتّعظ"‏

‏ الراعي

كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: من لم يمت بـ"كورونا" في لبنان يموت كل يوم ‏مئة ميتة... فمن المواطنين من قضى نحبه على أبواب المستشفيات أو بسكتة قلبية ‏أو دماغية على مذبح أمواله المنهوبة في المصارف، ومنهم من قضى عليه لصّ ‏سلبه ماله وحياته، وبعضهم يصارع الموت بحثاً عن لقمة عيش مغمّسة بالذل، ‏و"تطلع روح" البعض بين صيدلية وأخرى استجداءً لحليب أطفال مفقود. "كل شي ‏عم يخلص" والسلع الغذائية والحيوية تتناقص في الأسواق، ولا يزال الحاكم بأمر ‏السلطة ينام ملء جفونه مفترشاً شروطه على بساط تحصيل مكاسب تحاصصية في ‏عملية تشكيل الحكومة الإنقاذية‎!‎

أي ضمير منفصل عن الواقع هو ذلك المتحكم بأداء أهل الحكم في لبنان؟ الناس ‏متروكة لتلاقي مصيرها المشؤوم، والبقاء أصبح للأقوى في ظل "العهد القوي"، ‏حيث صمود اللبنانيين بات محكوماً بقدرتهم الشرائية من السوق السوداء، وما دون ‏ذلك مجرد مشاريع شهداء يتساقطون تباعاً على الطريق نحو "جهنم". أكثر من ‏نصف سكان لبنان أصبحوا تحت خط الفقر، والطبقة الوسطى تضمحل، والتقارير ‏الدولية سبق أن حذرت قبل عام من خطر المجاعة على اللبنانيين، والواقع المعاش ‏اليوم يؤكد أنّ البلد يسير في هذا الاتجاه بعدما طاولت صرخات الاستغاثة كافة ‏القطاعات التي تغرق أكثر فأكثر في رمال أزمات متحركة في مختلف الاتجاهات، ‏مالياً واقتصادياً واجتماعياً وحياتياً وصحياً‎.‎

منذ بداية العام، عدة عوامل "إهمال" تجمعت لتخلق واقعاً معيشياً ضاغطاً كان ‏بالإمكان تجنبه، فما فرضه تفاقم الأزمة الصحية من اتخاذ قرارات عامة بالإغلاق، ‏ترافق، بحسب نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، مع إجراءات لا تمتّ ‏إلى واقع الأزمة بصلة، "الأمر الذي عطّل سلسلة توريد البضائع وعقّد الأمور ‏أكثر، وصولاً إلى تعرّض الكثير من المواد الغذائية الأساسية إلى الفقدان من ‏الاسواق؛ ليس لعدم توفرها إنما لانعدام إمكانية إخراجها (من الموانئ) بسبب ‏الاجراءات البيروقراطية". ‏

وإحدى هذه التعقيدات، براءة الذمة المالية التي يعطيها الضمان الاجتماعي، إذ منذ ‏بداية العام الجديد لم تتمكن المؤسسات من تجديد براءة الذمة، بسبب الاقفال العام ‏ومشاكل لوجستية أخرى. وعلى الرغم من إمضاء وزيري العمل والمالية على قرار ‏يقضي بتمديد مفعول براءة الذمة لغاية 31/3/2021، فإن الجمارك لم تعترف ‏بالقرار إلا بعد توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة عليه، وصدوره بالجريدة ‏الرسمية. وحتى اكتملت دائرة تنقّل المرسوم بين الدوائر الرئاسية بقنوات البريد ‏الرسمية وصدوره بملحق للجريدة الرسمية في 22 الجاري، كانت الصرخة قد ‏ارتفعت من نفاد المواد من الأسواق‎.‎

مسألة ثانية لا تقل خطورة، وهي المتعلقة بإمكانية فقدان سلع حياتية أساسية ‏للمواطنين بسبب إقفال أحد المختبرين اللذين يجب ان يصادق كل منهما على سلامة ‏المنتج، فعدا عن التعقيدات غير المفهومة التي يخلقها شرط ضرورة إخضاع سلعة ‏ما إلى مختبرين، وما يتطلبه هذا الأمر من هدر لعامل الوقت، فإن مختبر الفحص ‏التابع لوزارة الزارعة بقي مقفلاً طوال المدة الفائتة بسبب وجود حالات كورونا فيه ‏ولم يتم تأمين البديل عن خدماته. أما صناعياً، فعشوائية السلطة في قراراتها ‏المتصلة بتدابير الإقفال التام فاقمت الأزمة وضاعفت التهديدات والتحديات اقتصادياً ‏واجتماعياً وحياتياً، وهذا ما تبدى بشكل واضح من خلال السماح مثلاً لمصانع ‏المواد الغذائية بالاستمرار في عملها، مقابل منع مصانع أخرى كالورق والكرتون ‏والبلاستيك، ما أثر سلباً على مصانع الغذاء وحاجتها لتغليف بضائعها. وعندما سأل ‏وفد جميعة الصناعيين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن كيفية بيع ‏الخبز مثلاً من دون أن تكون هناك أكياس نايلون لتعبئته، أجابهم بحسب مصادر ‏صناعية: "يبيعوه بدون كيس"‏‎.‎

وإذ لا يفوت نقيب مستوردي المواد الغذائية الإضاءة على "إقفال المصارف وتعطل ‏مقاصة الشيكات في مصرف لبنان ما يفاقم عجز التجار عن تسيير أمورهم ‏المصرفية، لا سيما وأنّ تحصيل أي شيك يتطلب نحو أسبوعين"، يشير في الوقت ‏عينه إلى كون قرار إقفال السوبرماركات "زاد الطين بلة" أيضاً، معرباً عن أسفه ‏لكون دياب رفض منحها استثناء لمزاولة أعمالها، رغم تعهد أصحاب ‏السوبرماركات باتخاذ أقصى درجات الحماية والوقاية، ما خلق مزيداً من التعقيدات ‏على مستوى الأزمة الاستهلاكية خصوصاً في ضوء عجز المحال التجارية ‏الصغيرة في الأحياء، عن تلبية كافة احتياجات ومتطلبات المواطنين خلال فترة ‏الإقفال‎.‎

وفي الغضون، لا تزال المراوحة الحكومية على أشدها والمنازلة السياسية على ‏أوجها بين بعبدا وبيت الوسط، وما جاء في رسائل الرئاسة الأولى القاطعة لخطوط ‏الوساطات في عملية التأليف فاقم مستوى التأزم ورفع منسوب التوتر وفقدان الأمل، ‏بقرب التوصل إلى أرضية مشتركة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حيال ‏التشكيلة الوزارية المرتقبة‎.‎

وبينما تقاطعت القراءات في بيان قصر بعبدا الجمعة الفائت عند اعتباره حمل ‏معاني تصبّ في خانة قطع الطريق على مبادرة البطريرك الماروني بشارة ‏الراعي، جاءت رياح عظة الأحد أمس بما لا تشتهي المراكب العونية، وهو ما ‏اختصرته مصادر مواكبة بالقول: "البطريرك يعظ وعون لا يبدو أنه بصدد أن ‏يتعظ‎".‎

وفي هذا المجال، برز حرص الراعي على أن ينأى بالدستور عن "المصالح ‏الفئوية" التحاصصية التي تتلطى خلف تفسيره، مشدداً على أنه "واضح وضوح ‏الشمس" وسأل: "لماذا لا تؤلفون حكومة؟ هل من عاقل يصدق أن الخلاف هو في ‏تفسير مادة من الدستور؟". في حين كانت لافتة مناشدته الرئيس الأميركي الجديد ‏جو بايدن بأن "ينظر مع إدارته إلى قضية لبنان، من دون ربطه بأي بلد آخر، وأن ‏يسهم في إبعاده عن الصراعات الإقليمية ودعم مشروع حياده كمدخل لإستعادة ‏استقراره وازدهاره‎".‎




نداء الوطن ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

25 كانون الثاني 2021 09:05