27 كانون الثاني 2021 | 00:27

منوعات

كيف تفيد ثنائية اللغة عقول الأطفال؟

توصلت دراسة علمية إلى أن النشأة في منزل يتحدّث أهله بأكثر من لغة يمكن أن توفّر فوائد ‏معرفية غير متوقعة في وقت لاحق من الحياة، خاصة إذا تعرّض الطفل إلى لغتين أو أكثر منذ ‏الولادة، وفقا لما نشرته "ديلي ميل" البريطانية‎.‎

واكتشف خبراء بريطانيون أن البالغين، الذين تعرضوا في وقت سابق للغتين في حياتهم، حققوا ‏أداء أفضل في الاختبارات المعرفية. يتمتع "ثنائيو اللغة في وقت مبكر''، أي أولئك الذين يتعلمون ‏لغة ثانية منذ مرحلة الرضاعة أو الطفولة، بمزايا معرفية أفضل بالمقارنة مع أولئك الذين ‏يتعلمون لغة ثانية لاحقًا، مما يشير إلى أنه كلما تعلم لغتين مبكرًا، كان ذلك أفضل للعقول‎.‎

سرعة تحويل الانتباه

وأثبتت نتائج التجارب العلمية أن ثنائيي اللغة الأوائل كانوا أسرع في تحويل الانتباه واكتشاف ‏التغييرات المرئية مقارنة بالبالغين الذين تعلموا لغتهم الثانية في وقت لاحق من حياتهم (ثنائيو ‏اللغة المتأخرون). كما أظهرت النتائج أن أداء ثنائيي اللغة في وقت مبكر ومتأخر كان أفضل من ‏أولئك الذين قضوا حياتهم المبكرة في منازل ذات لغة واحدة‎.‎

لغات أصلية مختلفة

تشير النتائج إلى أن الآباء الذين لديهم لغات أصلية مختلفة، يمكنهم منح أطفالهم ميزة كبيرة من ‏خلال التحدث إليهم بلغاتهم الخاصة منذ سن مبكرة جدًا. وأوضح الباحث الدكتور دين ديسوزا من ‏جامعة أنجليا روسكين: إن "هذه الدراسة هي امتداد مثير لبحث سابق، تناول تكيف الأطفال الذين ‏نشأوا في منازل ثنائية اللغة مع بيئاتهم اللغوية الأكثر تعقيدًا عن طريق تحويل الانتباه بشكل ‏أسرع وأكثر تكرارًا‎".‎

القدرة على التكيّف

يُرجع الباحثون السبب وراء هذه القدرة على التكيف إلى الاستفادة من مصادر متعددة للمعلومات ‏المرئية، مثل حركات الفم وتعبيرات الوجه والإيماءات الدقيقة، والتي تساعدهم في نهاية المطاف ‏على تعلم لغات متعددة. وتشير النتائج التي تم التوصل إليها من البحث الجديد مع بالغين ثنائيي ‏اللغة إلى أن بعض هذه التعديلات، بما في ذلك كونها أسرع في تحويل الانتباه، يتم الحفاظ عليها ‏في مرحلة البلوغ‎.‎

الأشهر الـ12 الأولى

شمل البحث 127 بالغًا، 92 منهم ثنائيو اللغة و35 شخصًا أحادي اللغة، والذين شاركوا في ‏تجربتين منفصلتين. وكمقارنة أخرى، كان البالغون ثنائيو اللغة من ثنائيي اللغة في وقت مبكر أو ‏متأخر. ويختلف المعيار، بشكل عام، عند تصنيف ثنائيي اللغة مبكرًا أو متأخرًا. فبحسب ما ذكره ‏الدكتور ديسوزا: "يرى علماء الأعصاب الإدراكيون وعلماء الطب النفساني أن التأثيرات تطرأ ‏في وقت مبكر من الأشهر الـ12 الأولى من الحياة"، وهو الاتجاه الذي يميل إلى تأييده، موضحًا ‏أن الباحثين في تخصصات أخرى يرجحون أن "الاختلافات [تطرأ] في وقت لاحق، من مرحلة ‏المراهقة‎".‎

تحديد "عمر اكتساب اللغات‎"‎

ونظرًا لأن الباحثين كانوا مهتمين بالفصل بين المشاركين أصحاب اللغتين في وقت مبكر مقابل ‏من اكتسبوها في وقت متأخر، فقد تم قياس 92 بالغًا ثنائي اللغة باستخدام استبيان تقرير ذاتي، ‏وتجربة اللغة واستبيان الكفاءة‎ LEAP-Q، لتحديد "عمر الاكتساب" لكل لغة يفهمها الفرد. ثم تم ‏طرح "عمر اكتساب اللغة الأولى" من "سن اكتساب اللغة الثانية ليحصل كل منهم على درجة ‏‏"تجربة ثنائية اللغة‎".‎

المحفزات البصرية

يقول الفريق العلمي في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية‎ Scientific Reports، قامت ‏التجربة الأولى بقياس القدرة على فصل الانتباه عن محفز بصري واحد وتحويله نحو محفز ‏بصري مختلف، حيث كان يتم مشاهدة صور على شاشة، مع تغيير إحدى الصور تدريجياً وتبقى ‏الأخرى كما هي. لاحظ الباحثون أن ثنائيي اللغة الأوائل تمكنوا من إدراك حدوث التغييرات ‏أسرع بكثير من ثنائيي اللغة المتأخرين‎.‎

التجربة "الصعبة‎"‎

وتضمنت التجربة الثانية على المشاركين فحص محفزين بصريين، وبعد فجوة لمدة ثانية واحدة، ‏كان عليهم فحص محفزين بصريين آخرين بينما تلاشت تمثيلات المحفزات الأولية. وجد الفريق ‏أن ثنائيي اللغة المبكرين كانوا أفضل في التحكم في انتباههم، وعلى وجه التحديد، كانوا أسرع في ‏فك الانتباه عن صورة ما من أجل تحويل تركيزهم إلى صورة أخرى، في حين لم يتمكن الرضع ‏ثنائيو اللغة في وقت متأخر ولا الأطفال أحاديو اللغة من اكتشاف التغييرات في التجربة الثانية، ‏التي تعد "صعبة" إلى حد ما‎.‎

مصادر متعدّدة للمعلومات

بشكل عام، يرجح فريق الباحثين أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات لغوية أكثر تعقيدًا "يقللون من ‏عدم اليقين" من خلال البحث بنشاط عن مصادر متعددة للمعلومات، مثل حركة الفم أو تعبيرات ‏الوجه أو إيماءة خفية‎.‎

ويشيرون إلى أنه ربما لا يحتاج أحاديو اللغة وثنائيو اللغة المتأخرون إلى تطوير هذه المهارة ‏بنفس القدر مثل ثنائيي اللغة الأوائل‎.‎

التأقلم مع البيئة اللغوية

في العام الماضي، توصل الدكتور ديسوزا وزملاؤه إلى أن الأطفال، الذين نشأوا في منازل ‏ثنائية اللغة، يتأقلمون مع بيئتهم اللغوية الأكثر تنوعًا والتي لا يمكن التنبؤ بها عن طريق تحويل ‏انتباههم البصري بشكل أسرع وبشكل متكرر‎.‎

نظرة أعين 102 طفل

اشتملت الدراسة السابقة، والتي نُشرت في دورية‎ Royal Society Open Science، على ‏تقنية تتبع العين لتسجيل نظرة 102 طفل، تتراوح أعمارهم بين سبعة وتسعة أشهر، نصفهم ‏بالضبط (51) نشأوا في منازل ثنائية اللغة والنصف الآخر نشأ في منازل أحادية اللغة‎.‎

سجل الأطفال ثنائيي اللغة استجابات أسرع بنسبة 33% لإعادة توجيه انتباههم نحو صورة ‏جديدة عندما ظهرت على الشاشة. وعند عرض صورتين جنبًا إلى جنب، وجد الباحثون أن ‏هؤلاء الأطفال ينقلون الانتباه من صورة إلى أخرى بشكل متكرر أكثر من الأطفال أحاديي اللغة‎.‎

مسح أسرع ومتكرر للبيئة المحيطة

أشارت نتائج دراسة 2020 إلى أن الأطفال ثنائيي اللغة "يستكشفون المزيد من بيئتهم". قال ‏دكتور ديسوزا آنذاك: "إن مسح [وتفحص الأطفال] لمحيطهم بشكل أسرع وبشكل متكرر ربما ‏يساعد الرضع بعدة طرق. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد إعادة توجيه انتباه الطفل من لعبة ‏إلى فم المتحدث على مطابقة أصوات الكلام الغامضة مع حركات الفم‎."‎



العربية.نت

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 كانون الثاني 2021 00:27