27 كانون الثاني 2021 | 11:47

أخبار لبنان

إعتذار الحريري بات خطيئة لا خطأ!

كتبت روزانا بو منصف في "النهار":


اعاد اداء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون احياء اتصالات مباشرة يرجح ان يقوم بها الافرقاء السياسيون مع الدول المؤثرة في اطار تصويب ما يمكن ان يوجهه من موقعه عبر سيطرته على مواقع اساسية وعلى سفارات لبنانية في الدول المؤثرة. فالتعطيل الذي يمارسه لتأليف الحكومة دفع البطريرك الماروني بشارة الراعي لان يرجح المنطق الذي يعتمده رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في ظل تساؤلات يثيرها سيد بكركي عمن لديه مصلحة في تعطيل التوافق على حكومة انقاذية ولم قد يجد رئيس الجمهورية وفريق مشكلة في الاتصال اعتذارا من الحريري بعد موقفين لعون وصهره قصدا فيهما اهانة الرئيس المكلف وما هو البديل لدى عون لرئاسة الحكومة. فاذا نجح في دفع الحريري الى الاعتذار هل يمكن ان تقبل الطائفة السنية في تغطية اي شخصية سنية ستكون مجرد دمية يحركها رئيس الجمهورية او فريقه بالاحرى. ولموقف البطريرك اهميته وصداه في هذا الاطار ليس على صعيد منع حصول اصطفاف طائفي فحسب بل ان موقفه يمكن ان يكون له صدى خارجيا يحمي المسيحيين لا سيما في دول الخليج في ظل استهداف عون وتياره للحريري تحت عناوين مختلفة فيما ان لموقف الراعي صدى داخليا خارجيا من حيث رؤيته الموضوعية المتصلة بالمحافظة على كيان لبنان ونظامه وعدم تغيير وجهه. ويعتقد البعض ان البطريرك الماروني يشكل حليفا غير مباشر وموضوعي للرئيس المكلف يحول دون اعتذاره فيما لو شاء ذلك وعلى رغم ان هناك من يرى ان اعتذار الحريري هو خيارممكن لان عون وحليفه الشيعي لن يسمحا له تأليف حكومة انقاذية. الا ان هذا الاعتذار راهنا لم يعد مجرد خطأ يرتكب بل هو خطيئة في رأي قيادات سنية حتى لو لم تحبذ تولي الحريري حكومة مجددا في عهد عون ولكن بعدما كلف بتأليف الحكومة لا مجال للعودة الى الوراء ولن يقدم الرئيس المكلف على الاعتذار ليس من اجل موقعه اولا وطائقته ثانيا فحسب بل ايضا من اجل عدم ترك اي حكومة مماثلة لحكومة حسان دياب ان تغير وجه البلد في ظل الاستهداف المعلن والمقصود لحاكم مصرف لبنان والاستهداف المتقطع لقائد الجيش كذلك. وفيما يرفع الراعي وتيرة عظاته تدريجا لا يعتقد انه قد يصل الى حدود الضغط بالمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية على رغم اراء سياسية في هذا الاتجاه اولا لان عون لن يستقيل ومن ثم لانه اذا طلب منه ذلك سيزداد تصلبا وتمسكا بموقعه فضلا عن انه لا يتجاوب مع طلب البطريرك تأليف حكومة توقف الانهيار فكيف يمكن ان يتجاوب مع طلبه للاستقالة عدا عن التعذر المحتمل لانتخاب بديل. وما تسريب اشاعات عن التمديد له وعدم اجراء انتخبات نيابية فرئاسية الا في اطار التهويل راهنا بانه يملك اوراقا قوية للتمترس والتصلب في موقعه والضغط على الاخرين لتوريث صهره الرئاسة.


هل نذهب اذا الى ازمة نظام قسريا على وقع تجاوزات دستورية يلمسها الجميع في التحايل على تأليف حكومة او التعطيل حتى الاخضاع لارادته ونفوذه مع حليفه الشيعي؟


يعتقد سياسيون كثر ان الامور توحي بانها تذهب في هذا المنحى لعدم امكان قبول عون اساسا بالطائف ومحاولاته المستمرة لتجويفه او اعادة عقارب الساعة الى الوراء. وتاليا فاذا كان هناك من تغيير لوجه البلد او اعادة صياغة نظامه فلن يتنازل احد للاخر ولا يمكن دفع احد للقيام بذلك . والحديث عن تغيير وجه البلد في نظامه السياسي على اساس العودة الى ما قبل اتفاق الطائف واستعادة صلاحيات دستورية لرئيس الجمهورية على وقع فتاوى مستشاري عون يراه اكثر من فريق من اتجاهات مختلفة يحمل في طياته العودة الى الحرب لان لا عودة اطلاقا الى صلاحيات ما قبل الطائف. واذا كان هناك من تعديلات على وقع ما اثير من تحديد مهلة لرئيس الحكومة من اجل تاليف الحكومة لئلا يضع التكليف في جيبه ولا يؤلف حكومة ايا يكن اسباب عجزه عن ذلك علما ان التعطيل الراهن ليس في يد الحريري بل يقع في خانة رئيس الجمهورية باقرار البطريرك الراعي ، فمن الاولى ان تحدد مهلة زمنية لانتخاب رئيس للجمهورية الزاميا قبل انتهاء الولاية الرئاسية لان الشغور الرئاسي غير مقبول وكلف البلاد تعبيد الطريق الى الانهيار الاقتصادي. ويتصدى البطريرك الماروني في عظاته بقوة لاتجاهات او تلميحات المس بالدستور" الذ وضع للتطبيق" كما قال اوللدعوات لتغيير النظام ، وهو المدرك ان المسيحيين سيعبرون الخط نزولا اكثر من السابق لانهم سيخسرون حكما وقد يترحمون على ما حصلوا عليه في هذا الاتفاق بدءا بواقع الاقرار ان نظرية حكم الاقليات التي يبني عليها الفريق العوني لا تسمح لهم بالامر ولا كذلك قاعدة التوازن في المنطقة. وذلك انه في 1989 حين اقر اتفاق الطائف كان الوضع افضل بكثير مما هو راهنا ولو انه تم تدمير المسيحيين انذاك تدميرا كليا بالحروب ضد الاحتلال السوري ثم بين المسيحيين انفسهم. فالواقع الراهن بات يلحظ تدمير كل مواقع الثقل المسيحي من قطاعات او مراكز مهمة ولو ان الفريق المسيحي في السلطة يساهم في ذلك باعتقاد انه سيضع يده على هذه المواقع ويساهم في اعادة صياغة جديدة للبنان تحفظ له فيه حصة الاسد على كل الصعد المصرفية والاقتصادية والنفطية وسوى ذلك. ويخشى كثيرون ان اي وضع لصيغة النظام على الطاولة فان المسيحيين سيصطدمون حكما بالحائط وسيخسرون. وفي الماضي كانت تتألف شبكة امان للبلد يتلاقى فيها السعودي مع السوري عربيا والاميركي والفرنسي دوليا فيما انه مع الدور الايراني القائم فان شبكة الامان شروطها صعبة بل مستحيلة. ليس هناك اي امكان لانقاذ لبنان اقتصاديا في ظل معادلة الحكم الراهنة لكي يصبح ورقة قوية ومحمية لايران.


ويقول هؤلاء ان تيار عون يفترض انه يدرك ذلك ويثير هذه المسائل لشغل الرأي العام ولكي يكسب وقتا اضافيا تتضح من خلاله اذا كانت الادارة الاميركية ستبقي العقوبات على جبران باسيل ربطا بالابتزاز بابقاء البلد معلقا، وربطا ايضا باتضاح مآل المفاوضات الاميركية مع ايران.


ولكن المشكلة الفعلية هي في كون جميع الافرقاء الاخرين هم في موقع رد الفعل العاجز في انتظار ان تحسم معركة تأليف الحكومة موازين القوى على ضوء المتغيرات التي تم الرهان عليها.


كيوسك: يتصدى الراعي لمحاولات تغيير النظام فيما يسأل عون عن الاكثر تضررا من التعطيل الراهن وعن المشكلة في الاعتذار بعد توجيه الاهانات للحريري

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 كانون الثاني 2021 11:47