28 كانون الثاني 2021 | 08:16

أخبار لبنان

‏ التفلُّت يتّسع… و"نداء الطوائف" لحكومة فوراً

كتبت صحيفة "النهار" تقول: إذا كان اطلاق الخطة الوطنية للقاح ضد وباء كورونا ‏شكل التطور الإيجابي الأول الموعود بوضع لبنان على سكة المواجهة الجذرية مع ‏كارثة الانتشار الوبائي بعد طول تأخير وانتظار مكلف بشريا واقتصاديا، فان ذلك ‏لم يحجب الخشية من تداعيات البطء الذي اعترى برمجة عمليات تسليم اللقاح الذي ‏تبين ان الدفعة الأولى منه لن تصل قبل منتصف شباط في ظل تخوف من تأخر ‏الشركات المصنعة في التسليم كما يحصل في دول عدة في العالم تحت وطأة ضغط ‏الانتاج. ومع ذلك اثار اطلاق الحكومة الخطة رسميا امس ارتياحا نظرا لندرة أي ‏تطور إيجابي في مجمل مشهد الازمات والاختناقات التي تحكم واقع اللبنانيين ‏وتحاصرهم، اما عبر الحجز والمرض والموت جراء استفحال الانتشار الوبائي ‏والواقع الاستشفائي الكارثي الذي يواكبه، واما عبر استفحال التداعيات الاقتصادية ‏والاجتماعية التي تتكشف يوما بعد يوم عن اتساع مخيف للفئات الفقيرة والمحتاجة ‏الى الدعم والمعونات. ولذا ظل الحدث الطاغي على المشهد الداخلي مركزا على ‏اتساع التفلت في الشارع الذي انفجر عصيانا على إجراءات الاقفال العام انطلاقا ‏من "ثورة طرابلس" التي كانت سباقة في تحدي إجراءات الاقفال وأدت حدة ‏مواجهة الاحتجاجات فيها الى واقع خطير تمثل في تصاعد المواجهات بين ‏جماعات المحتجين والقوى العسكرية والأمنية علما ان اعداد المصابين في الجيش ‏اول من امس فاق 31 جنديا وضابطا‎.‎

وإذا كانت مجريات الاحتجاجات شهدت امس اتساعا كبيرا تمثل في تنقل ‏الاحتجاجات وقطع الطرق عبر مختلف المناطق نهارا ومساء، فان سؤالا كبيرا ‏اثير على خلفية هذا التفلت عما ستفعله حكومة تصريف الاعمال لمواجهة خطر ‏انهيار خطة التعبئة الصحية وتدابير الاقفال العام، علما ان المداولات الماراتونية ‏التي حصلت في اجتماعات السرايا امس لانجاز خطة اللقاحات تناولت هذا الخطر. ‏وقد قفز موضوع المساعدات المالية للأسر المحتاجة الى مقدم الأولويات خصوصا ‏ان أصوات المحتجين كشفت عمق الازمة الاجتماعية التي تتحكم بتحريك الشارع ‏ولن ينفع تاليا اللعب السياسي في توظيف هذا التحرك لتوجيه اتهامات الى شارع او ‏جهة مذهبية معينة على غرار ما بدأ يتصاعد من كواليس الجهات السلطوية التي ‏تعطل تشكيل الحكومة وتحاول إلقاء تبعة عصيان الشارع على خصومها فيما ‏تتجاهل هذه الجهات خطورة الواقع الاجتماعي للمحتجين. وقررت الحكومة في هذا ‏السياق رفع عدد الآسر المستفيدة من المساعدات الاجتماعية التي تبلغ 400 الف ‏ليرة لكل عائلة من 240 الف عائلة الى 300 الف عائلة‎.‎

طرابلس

اما التحركات الاحتجاجية فتنقلت امس عبر تظاهرات وقطع طرق بين طرابلس ‏وعكار وبعلبك وضهر البيدر وصولا الى صيدا والنبطية. ولليوم الثالث شهدت ‏طرابلس مواجهات جماعات المحتجين على الاوضاع المعيشية ورفضا للاقفال مع ‏القوى الأمنية والعسكرية. وتجمع المحتجون في ساحة النور حيث تم قطع الطرق ‏وقام عدد منهم بالقاء مواد حارقة داخل غرفة الحرس امام مدخل السرايا واشعلوا ‏فيها النار، ما اضطر عناصر قوى الامن الداخلي الى اطلاق القنابل الدخانية ‏لتفريق المحتجين بعدما رموا قنابل المولوتوف على باحة السرايا. ولكن التوتر اشتد ‏ليلا وطلبت قوى الامن الداخلي من المحتجين الانسحاب وعدم دخول السرايا بعدما ‏قاموا بأعمال شغب وخرق للباب الرئيسي وحذرتهم من انها ستضطر الى الدفاع ‏عن مراكزها بكل الوسائل المشروعة ثم أطلقت وابلا من القنابل الدخانية لمنع ‏المحتجين من الدخول، ورصد استقدام تعزيزات من قوى الامن من بيروت الى ‏طرابلس. وحصلت مواجهة مباشرة لدى إلقاء قنابل في اتجاه القوى الأمنية التي ‏قالت انها كانت قنابل يدوية حربية وليست قنابل مولوتوف وأدت المواجهات الى ‏وقوع عدد من الجرحى . وقد تدخلت وحدات من الجيش مع آلياتها وملالاتها ‏لمؤازرة قوى الامن وانتشرت في ساحة النور وراحت تسير دوريات لاعادة فرض ‏الهدوء وتفريق المحتجين‎.‎

كما ان نطاق قطع الطرق اتسع ليلا في منطقة البقاع حيث قطعت الطرق الرئيسية ‏في تعلبايا والمصنع وجديتا والمرج‎ .‎

الواقع المازوم في طرابلس دفع الرئيس المكلف سعد الحريري الى الإعلان انه" قد ‏تكون وراء التحركات في طرابلس جهات تريد توجيه رسائل سياسية وقد يكون ‏هناك من يستغل وجع الناس والضائقة المعيشية التي يعانيها الفقراء وذوي الدخل ‏المحدود. وليس هناك بالتأكيد ما يمكن ان يبرر الاعتداء على الاملاك الخاصة ‏والاسواق والمؤسسات الرسمية بحجة الاعتراض على قرار الاقفال" . وقال "انني ‏انبه اهلنا في طرابلس وسائر المناطق من أي استغلال لاوضاعهم المعيشية، ‏واطالب الدولة والوزارات المختصة باستنفاد كل الوسائل المتاحة لكبح جماح الفقر ‏والجوع وتوفير المقومات الاجتماعية لالتزام المواطنين قرار الاقفال العام‎".‎

نداء

كما ان الوضع الدراماتيكي تحت وطأة الازمة الحكومية دفع رؤساء الطوائف ‏الاسلامية والمسيحية في لبنان الى توجيه نداء اكتسب دلالات بارزة ونادرة تكشف ‏عمق التحسس بأخطار الازمة وتجاوز الانقسامات والتوحد حول هذا النداء الذي ‏وان عمم المسؤولية السياسية عن الازمة فانه حمل نبرة ادانة شديدة لأهل القرار ‏السياسي. واعتبر رؤساء الطوائف انه "في الوقت الذي تتسارع فيه خطى الانهيار ‏في لبنان بكل ما تحمله من مخاطر على المستقبل والمصير، تستمر الخلافات بين ‏أهل السياسة من أصحاب القرار، وتتعطل محاولات التوفيق كافة، الداخلية منها ‏والخارجية، لإنقاذ الدولة من الكارثة التي استدرجت اليها نتيجة حسابات خاطئة ‏وخلافات شخصية، يدفع الشعب اللبناني ثمنها غاليا جدا". وأضاف النداء "إن ‏أصحاب الغبطة والسماحة والسيادة إذ يرفعون معا صوتا لبنانيا وطنيا واحدا، ‏يدينون بشدة استمرار هذه السياسات الخاطئة والخلافات الشخصية التي تجر لبنان ‏الى الطريق المسدود". وشددوا على "التمسك بالولاء للبنان دولة الدستور والقانون ‏والنظام، ووطن رسالة العيش المشترك والتمسك بأهداب السلم الأهلي وأسس ‏الشراكة الوطنية كما حددها وأرسى قواعدها اتفاق الطائف، بعيدا من أي شكل من ‏أشكال الإبتزاز" وطالبوا "بالعمل فورا على تشكيل حكومة "مهمة وطنية" مترفعة ‏عن الحسابات الشخصية والفئوية، تتجاوز تفاصيل المحاصصات التي تخضع ‏للإبتزاز والإبتزاز المعاكس " مؤكدين "اننا نرى بحكم مسؤوليتنا الدينية والأخلاقية ‏والوطنية انه ما عاد السكوت ممكنا على هذا الوضع الكارثي والمأساوي. ليس ‏لبنان في أزمة سياسية فقط، انه في صلب أزمة أخلاقية كبرى‎ ".‎

وفي السياق الحكومي علم ان العقبات التي تعترض تاليف الحكومة الجديدة تأخذ ‏حيزا بارزا في الجولة الجديدة التي باشرتها السفيرة الأميركية درورثي شيا على ‏المسؤولين والزعامات السياسية للمرة الأولى في ظل ادارة الرئيس الأميركي جو ‏بايدن مما يشير الى احتمال كونها تهيء تقريرا وافيا وشاملا عن الواقع اللبناني ‏بمعظم ازماته الراهنة لتقديمه الى الإدارة الجديدة. وقد التقت شيا مساء امس رئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعرضت معه التطورات في ملفات تشكيل ‏الحكومة وترسيم الحدود والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة بالإضافة ‏الى سبل مكافحة وباء كورونا‎ .‎



النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 كانون الثاني 2021 08:16