1 شباط 2021 | 10:18

ثقافة

جديد إصدارات المركز العربي للأبحاث: تنوير عشية الثورة - إليزابيث كساب

جديد إصدارات  المركز العربي للأبحاث: تنوير عشية الثورة - إليزابيث كساب

صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث كتاب "تنوير عشية الثورة: النقاشات المصرية والسورية"، وهو ترجمة محمود محمد الحرثاني العربية لكتاب اللبنانية إليزابيث سوزان كسّاب، Enlightenment in the Eve of Revolution: The Egyptian and Syrian Debates، الذي تناقش فيه السياقات الفكرية التي تخلّقت فيها أجواء الثورة في كل من مصر وسورية، الصادرة عن جامعة كولومبيا في نيويورك.





لم تكن هذه النقاشات عبارة عن دراسات أكاديمية في تقييم وتلقّي أدبيات التنوير الأوروبي، بل تأملات في أحوال المجتمع والانسان في كل من مصر وسوريا في التسعينيات وال٢٠٠٠. وبالتالي تميّزت تلك النقاشات بمعطيات كلٍ من البلدين. ففي مصر قامت الحكومة خلال التسعينيات ب"حملة تنوير" في مواجهة صعود حركات الإسلام السياسي، خاصة العنيفة منها.


هدفت هذه الحملة والتي تضمّنت مؤتمرات عن كبار شخصيات النهضة، وإعادة نشر مؤلفاتهم وتوزيعها بأسعار مخفضة، وإقامة ندوات فكرية، الى الترويج لأفكار التسامح والعقلانية والحرية. شارك في هذه الحملة عدد من المثقفين المصريين غير الإسلاميين وردّ عيهم مثقفون إسلامويون نعتوا هذه الحملة بال"التنوير الحكومي" واتهموها بتزوير التاريخ الفكري المصري وتاريخ النهضة بصورة خاصة، التي اعتبروها حركة تجديد ديني وليس حركة تحديث علماني كما ادّعا الفريق الحكومي.


في العقد التالي قام باحثون مستقلون بفضح النقاش برمته وانتقاد ليس فقط ادعاءات الإسلاميين ولكن أيضاً غير الإسلاميين اللذين روجوا لخطاب تنويري ليس له أي مصداقية في ظل حكم ضرب بعرض الحائط كل الحقوق المدنية والإنسانية ولم يحترم الحريات ولم يطبق أياً من مبادئ الديمقراطية ودولة القانون. ففكك هؤلاء الخطاب الحكومي وغير الإسلامي الذي لم يكترث لتوق الناس الى التحرر من الظلم ولم يبنِ على مطالبهم بالكرامة. ففي هذا الشق المصري تناول الكتاب أفكار مراد وهبة، ومحمد عمارة، ومنى أباظة، ونصر حامد أبو زيد، وجابر عصفور، وشريف يونس.


أما في الحالة السورية فكان حديث التنوير موجهاً بالدرجة الأولى الى استبداد الدولة وتوحشها ولكن بقي الخطاب التنويري محصوراً بهامش ضيق بسبب القمع الأشد في سوريا مقارنة بمصر. فموضوع الخطاب تركّز على تحطيم الانسان وخراب المجتمع من جرّاء توحش الدولة الممنهج. فالدعوة الى التنوير هنا كان دعوة الى إعادة بناء آدمية الانسان، حريته وكرامته. شارك في هذا النقاش السوري كل من أعمال أنطون مقدسي، وسعد الله ونّوس، وفيصل دراج، وممدوح عدوان، وبرهان غليون، وطيب تيزيني. تلاحظ المؤلفة ان هذه المطالبات بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في العقدين اللذين سبقا انفجار الثورات العربية لاقت صداها في هتافات الناس عندما سقط حاجز الخوف وتحدّى الناس أنظمة بلادها المتوحشة. لم يطالب الناس بتلك الأمور استجابة بدعوات المثقفين، بل عبّر بعض المثقفين العرب عمّا كانوا يعانون منه مع باقي المواطنين في بلادهم من تحطيم الآدمية في مجتمعاتهم. هذه المعاناة الطويلة والقاسية والمشتركة بين الناس وبعض المثقفين الذين كانوا في فكرهم وأعمالهم قريبين من المعاش فجّرت تلك الثورات التي ما زلنا نعيش في خضمّها اليوم.


ودرست الدكتورة اليزابيث سوزان الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي جامعة فريبور في سويسرا، كما شغلت منصب أستاذة زائرة في عدد من الجامعات الأميركية والألمانية، منها ييل، وكولومبيا، وبرون، وبون، وتعمل حاليًا كأستاذة للفلسفة والفكر العربيّ الحديث والمعاصر في معهد الدوحة للدراسات العليا.


وتتمحور اهتماماتها البحثية حول الفلسفة الثقافية ببعدَيها الغربي وما بعد الكولونيالي، مع اهتمام خاص بالفكر العربي الحديث والفلسفة العربية المعاصرة. لها العديد من المؤلفات، أبرزها "الفكر العربي المعاصر: دراسة في النقد الثقافي المقارن"، الذي حاز جائزة الشيخ زايد للكتاب في عام 2013.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 شباط 2021 10:18